مايا الخوري

اضطراباته أكاديمية وحركية

كيف نواكب طفل ADHD لتعديل سلوكياته؟

اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أو ما يعرف بـ ADHD، حالة طبية يعاني منها حوالى 10 في المئة من الأطفال. يصنّف هذا الاضطراب ضمن فئة neurodevelopmental disorders، نظراً لأسبابه الجينية، الوراثية والبيولوجية المتعلقة بنمو الدماغ. ما هي أعراضه وسبل العلاج؟


تبدأ أعراض الاضطراب قبل بلوغ الطفل ربيعه الـ 12. هي إمّا خفيفة، أو معتدلة أو حادة بحسب سنّ الطفل، فتؤثر على حياته اليومية وتتجاوز السلوك المتوّقع لسنه، على الصعد الأكاديمية أو الاجتماعية أو السلوكية. وتتحدّث الطبيبة النفسية د. إيفلين بارود عن مؤشراته مثل صعوبة جلوس الطفل لفترة طويلة، (ولا نقصد بذلك جلوسه أمام الشاشة)، واندفاعية مفرطة في السلوك، وتشتت في الانتباه، وصعوبة في التركيز، موضحةً أنه "قد تتخطى أعراض قلة التركيز فرط الحركة، أو تتخطى أعراض فرط الحركة والاندفاعية قلة التركيز، كما يمكن اجتماع الأعراض كلّها معاً".


وتتمثل أعراض ضعف التركيز في عدم القدرة على ممارسة المهام اليومية في المنزل مثل استكمال الجهوزية إلى المدرسة، وفي تشتت تفكير الطفل أثناء الشرح في الصف واللهو عن المهام أو تفادي النشاط الذي يتطلب جهداً وصعوبة في تنظيم الأغراض الشخصية أو المحافظة عليها ونسيانها بشكل متكرر.


أمّا أعراض فرط الحركة، فتتمثّل في النشاط المفرط، كالركض في الأماكن العامة، والتحدّث المفرط، والصعوبة في انتظار الدور، والإلحاح، وعدم الصبر، ومقاطعة الآخرين أثناء الكلام. وعند ملاحظتها يجب "تحديد موعد عند طبيب نفسي اختصاصي لفهم الصعوبات بهدف مواكبتها، أو التحدث عن مخاوفنا إلى طبيب الأطفال"، تؤكد د. بارود.


عندها، يستقبل الطبيب النفسي الأهل والطفل معاً وتُرسل استمارات خاصة إلى المدرسة (بعد موافقة الأهل) لجمع المعلومات، إضافةً إلى مراجعة التاريخ الطبي للطفل. وقد يطلب الطبيب إجراء اختبارات التركيز أو تلك الإدراكية وتقويم المهارات الأكاديمية، في حال شكّ بوجود مؤشرات أخرى كصعوبات تعلميّة أو تأخر في النمو الفكري. وعن مرحلة العلاج تقول: "عندما يحدّد الطبيب ما إذا كانت الأعراض تصبّ في خانة ADHD أو هي اضطرابات أخرى، يفنّد الصعوبات التي يعاني منها الطفل لوضع خطة علاج واضحة، محورها متابعة دورية معه أو مع معالج حركي نفسي أو معالج نطق أو اختصاصي أكاديمي".


وعمّا إذا كانت كل الحالات تستوجب علاجاً بالدواء، تجيب: "لا، فهذا قرار يحدّده الطبيب بالتنسيق مع الأهل وفق سنّ الطفل، معتمداً على عوامل عدّة: حديّة الأعراض وما إذا كانت تؤثر على الأداء الأكاديمي فقط أو على المهارات الاجتماعية والسلوكية في المنزل وفي المدرسة ومع الأصدقاء أيضاً". وتضيف: "أثبتت الدراسات فعالية الدواء في معالجة الأعراض الأساسية: صعوبة التركيز، فرط النشاط والحركة والاندفاعية. ولأن أسبابها بيولوجية فإذاً الدواء مهم وفعّال وآمن"، محددةً نوعين: دواء "منبّهاً" وآخر غير "منبّه"، لكل منهما نظام معيّن للاستخدام يحدّده الطبيب وفق الحالة.


وعمّا إذا كانت الأعراض تتراجع مع التقدّم في العمر، تقول: "يتخطاها جزء من الأطفال، (تقريباً الثلث)، عند التقدّم في السنّ، أي عندما يكتمل نمو الدماغ في سنّ 18، فيما تستمرّ لدى جزء آخر. لذلك يُعطى الدواء لفترة عام أو عامين، بعدها نوقفه لمراقبة الأعراض. لذا من المهم المتابعة المنتظمة مع الطبيب لمراقبتها وتقييمها لتحديد فترة العلاج".


وتوضح د. بارود أن للعلاجات الأخرى دوراً أيضاً إلى جانب الدواء وفق صعوبات الأعراض والتقييم والتشخيص: "يواجه ثلث الأطفال الذين يعانون من ADHD، اضطرابات أخرى مثل صعوبات تعلميّة معيّنة، مشاكل سلوكية، اضطرابات في النوم، قلقاً وتوتراً واضطراباً في المزاج. لذلك يتضمّن العلاج توجّهات مختلفة، مثل العلاج النفسي السلوكي مع معالج نفسي، أو العلاج الحركي مع معالج نفسي حركي أو متابعة أكاديمية مع اختصاصي أكاديمي".


وتضيف: "أثبتت الدراسات إمكانية تراجع الأداء الأكاديمي للأطفال الذين يعانون من ADHD على المدى الطويل ما قد ينعكس سلباً على ثقتهم في أنفسهم، إضافة إلى احتمال إصابتهم باضطراب في المزاج وقلق، فضلاً عن صعوبات في العلاقات الاجتماعية. كما أثبتت إمكانية تعرّضهم بسبب الاندفاعية والتسرّع إلى حوادث وإصابات، وكذلك تجربة التدخين والكحول والمخدرات في سن المراهقة. لكن العلاج والتدخل المبكر المناسب يحدثان فارقاً على الصعد كافة".


رسالة إلى الأهل

أدعو الأهل إلى عدم الشعور بالذنب أو القلق لتوافر اختصاصيين للمساعدة والمرافقة في الخطوات كافة. مشيرةً إلى استهلاك الطفل أقصى درجات مهاراته، لذلك وجب التعاطف معه وتفهّم صعوباته لمساعدته على اكتساب المهارات، وعدم معاقبته بقسوة بل الثناء على الجهود وتشجيعه، ناصحةً بوضع جدول محدّد للمهام، والإفساح في المجال أمامه للاستراحة خلال وقت الدرس والتحرّك بسهولة. كما تجزئة مهامه متجنّبين التوجيهات المتعددة الخطوات بل الاكتفاء بتعليمات واضحة وقصيرة.