كتب يوسي يهوشع مقالاً في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم بعنوان "الانتقال من الدفاع إلى الهجوم في الضفة"، جاء فيه:
الحادثة التي قُتل فيها أمس الرقيب الاحتياط أفيتار بن يهودا بعبوة زُرعت في أراضي قرية طمون في شمال غور الأردن ليست عملية فردية أخرى ضدّ قواتنا، بل هي جزء من سلسلة عمليات إرهابية. ليس ضرورياً أن تكون منظمة معيّنة قد نفذت تلك العمليات، إذ أحياناً تكون خلفها شبكة محلّية. ولكن، بغض النظر عن طبيعة الجهة المنفذة، هناك تطور في نوعية الأداء، وهذا جزء من مسار مُقلق يُلزم الجيش بالانتقال فوراً إلى أعمال هجومية ذات مغزى للضغط على المخرّبين. لم يعد مُمكناً الاكتفاء بلعبة الدفاع فقط.
عمل الجيش الإسرائيلي قبل أسبوعين في منطقة طمون، التي لا تُعتبر مركز إرهاب مثل جنين، طولكرم، ونابلس. على رغم ذلك، زُرعت هناك عبوة أصابت سيارة جيب من نوع "دافيد" وتسبّبت بموت مُقاتل وإصابة 4 من رفاقه. وعلى الرغم من أن الجيش يدّعي بأن العبوة كانت مصنعة محلّياً ولا تتمتع بالمواصفات الرسمية، إلا أنها نجحت في تحقيق ضرر جدي بسيارة الجيب. لم يكن لدى الجيش معلومات عن تفخيخ المحور. كما لم يتوقع بأن تُزرع عبوة في مثل هذا المكان. لذلك، لم تمرّ في المكان جرّافة "دي 9" مثلما يجري مثلاً في مخيّم جنين الذي يتعيّن "تمشيطه" بشكل مستمرّ منعاً لزرع عبوات ثقيلة هدفها المس بقواتنا التي تتحرك في المنطقة.
وإذا بات الجيش يحتاج في طمون أيضاً إلى جرّافات، التي لا نزال ننتظر أن يصل عدد منها من الولايات المتحدة، فهذا يدل كم تفاقم الوضع. نتحدّث هنا عن تغيير في التكتيكات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) على مدى السنة الأخيرة. واحد من أكثر التكتيكات إثارة للقلق هو استخدام العبوات شديدة الانفجار، التي يتمتع بعضها بمواصفات رسمية، إذ إن إيران هي التي ترسلها، حيث تهربها عبر الأردن وتصل إلى منظمات الإرهاب في الطرف الآخر من الحدود الإسرائيلية. الحدود ليست مغلقة والحاجز هناك قديم جداً ومن السهل جداً اجتيازه.
قبل أسبوع صعدت مركبة عسكرية إسرائيلية على عبوة في قباطية. أُصيب ثلاثة مُقاتلين، اثنان منهم بشكل خطر. يدور الحديث عن أن المنطقة مشابهة جداً لتلك التي وقعت فيها الحادثة أمس. والشهر الماضي، أُصيبت بعبوة سيارة "دافيد" كانت تقلّ قائد لواء "منشه" العقيد أيوب كيوف، وقائد فرقة يهودا والسامرة العميد يكي دولف. أُصيب كيوف بجروح طفيفة، فيما لم يصب دولف. كانت العبوة شديدة الانفجار، وبالحظ فقط لم نفقد قائدين كبيرين.
كان يجب التعاطي مع هذا الحدث بجدية أكبر والانتقال إلى الهجوم، إذ وقعت بعد ذلك العملية القاسية في الفندق في السامرة، قرب كدوميم، حيث قُتل ثلاثة إسرائيليين. كانت الخليّة التي نفذتها مدرّبة، إذ جاءت مع وسائل قتالية متطورة، وفرّت بسرعة من الساحة ولم يُلق القبض عليها حتى الآن.
ما يؤجّج الوضع أكثر هو تحرير مخرّبين من السجون في إطار صفقة الرهائن وزيادة شعبية "حماس" كنتيجة للصفقة. من المتوقع أن "حماس" ستحاول الآن، إلى جانب الإيرانيين، إشعال الضفة بالعمليات ضدّ الجيش وأهداف إسرائيلية، وكذلك بأعمال هدفها إسقاط السلطة الفلسطينية والاستيلاء على حكومة رام الله. هذا الواقع من شأنه أن يكون كارثياً على إسرائيل. هذه الجبهة التي يعيش فيها معاً ثلاثة ملايين فلسطيني ونصف مليون إسرائيلي، أصعب الدفاع عنها من الدفاع عن أي مكان آخر.
عزّز الجيش فرقة يهودا والسامرة بسبع سرايا، التي سيلتحق بعضها بالألوية المختلفة في أرجاء المنطقة. وبهدف إحباط عمليات إطلاق النار أو زرع عبوات جديدة، سيُقيم الجيش حواجز وعوائق أمام المركبات الفلسطينية التي ستُفتش قبل أن تصل إلى المحاور المشتركة للإسرائيليين والفلسطينيين.
ولكن، كما ذكرنا، هناك صعوبة كبيرة في الاعتماد على الدفاع فقط. أدرج المستوى السياسي جبهة الضفة ضمن أهداف الحرب. وفي ظلّ التطورات في الشمال وفي غزة، انتقل مركز الثقل إلى الضفة بشكل رسمي. وعليه، يجب الضغط على المخرّبين المتواجدين هناك بقوة أكبر بكثير.