أبدى حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، استعداده وارتياحه إلى تسليم أمانة قيادة صناعة القرار النقدي بأحوال أفضل للموقع والمؤسسة والدور والفاعلية إلى الخلف، عقب تأليف الحكومة الجديدة وافتراض إقرار التعيينات الأساسية في المراكز الحساسة.
ورأى منصوري أن "إحدى مشاكل لبنان الكبيرة هي أنه حين يكون شخص في موقعه، يبدأ النظر إلى مواقع أخرى. وبالتالي، أؤكد أنني أتحضر فقط للقيام بواجبي في المكان الذي أشغله، وسوف أكمل هذا الأمر حتى اللحظة الأخيرة، وآمل أن يكون وجودي في منصبي مؤقتاً؛ لأن انتخاب حاكم أصيل لمصرف لبنان هو إعادة لانتظام المؤسسات في لبنان، وهذا ما طالبت به قبل تسلمي مهامي في الأول من آب من عام 2023، وهو ما أؤكد عليه اليوم".
واختصر منصوري الهدف المنشود بعبارة: "إعادة بناء الثقة". ذلك بدءاً، وبالضرورة البديهية، من ترميم كيان الدولة وتعزيز حضورها اللازم وغير القابل للتعويض أو التغطية في الميادين السيادية، والذي يستلزم إرساء توافق وطني عريض ينشد بلوغ محطة الهيكلة السليمة والمنتظمة للمؤسسات، ويستتبع بتحسين الأداء في إدارة المسؤوليات والأدوار المناطة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبما يكفل حتماً إنتاج بيئة مناسبة للشروع بالاحتواء المنهجي لرحلة الانهيار التي حاصرت البلد وقطاعاته لأكثر من 5 سنوات متتالية.
ونوه منصوري بالجهود الجماعية وبتشاركية أي إنجاز محقّق مع نواب الحاكم والمجلس المركزي للمصرف ومديرياته، ولا سيما ما يخص "إعادة الاعتبار لأصول الحوكمة والشفافية في ممارسة مهام البنك المركزي وعزله عن التدخلات والضغوط السياسية، بموازاة مواكبة المهمات المعقّدة لإدارة السيولة والتدفقات النقدية واحتياطي العملات الأجنبية، وبما يشمل خصوصاً تمكين المصارف من الإيفاء المتدرج للحد الأقصى الممكن من حصص حقوق المودعين".
وأكد منصوري اعتزازه خصوصاً بحقيقة قطع أشواط مهمة وتسجيل تقدم كبير في عملية الإصلاح الإداري داخل البنك المركزي. وهذا ما أتاح إعادة هيكلة البيانات المالية للميزانية، و"هي عملية مستمرة بالتعديل والتحديث حتى بلوغ هدف الشفافية المطلقة، والتطبيق الصارم للمعايير المحاسبية الدولية، بالاستناد إلى توحيد سعر الصرف في كل البنود. وهي عملية لاقت أصداء تأييد وثناء المؤسسات المالية الدولية".
وكشفت أن منصوري ومساعديه، إبّان يوم انتخاب الرئيس وطوال الأيام التالية، اعتمدوا قراراً ضمنياً وغير معلن يقضي بالانخراط في شبه حال طوارئ نقدية. وهو ما تمت ترجمته بالوجود والدوام في مقر البنك لعدد من المديريات وكبار المديرين المعنيين على مدار الساعة ولغاية الفجر، وحتى في عطلة نهاية الأسبوع، بغية مواكبة القرار الحاسم بوقف المضاربات المعزّزة بإقبال غير عادي من قبل مخزّني الدولار النقدي على احتمالات وإشاعات حصول تحسّن فوري وكبير في سعر صرف الليرة إزاء الدولار.
