حملات تمويل جماعية لإحياء مؤسسات لبنانية مدمّرة

02 : 00

في الحانة المطلة على مرفأ بيروت، لم تعد صور أم كلثوم المعلقة على ما تبقى من جدران شاهدة على ليال من الرقص والمرح بل على مجرد خراب. وأمام هول الفاجعة، وجدت جيزيل الحل بإطلاق حملة إلكترونية بحثاً عن تمويل يعيد إحياء المكان.

وتقول جيزيل حسون (46 عاماً) "هذا المكان هو حياتي... لكن فجأة ومن دون سابق إنذار، لم يعد هناك أي شيء".

تقع حانة "مدام أم"، واسمها مستوحى من "كوكب الشرق" أم كلثوم، في مبنى أثري أزرق اللون في حي الجميزة، إحدى المناطق الأكثر تضرراً جراء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب.

واعتادت الحانة خصوصاً في نهاية الأسبوع أن تضج بالزبائن، وكثر منهم كانوا يترددون إليها بشكل دوري، ومنهم من كان لا يوفر الليالي المخصصة للموسيقى العربية وأغاني الثمانينات.

أما اليوم فقد حلّت فجوة كبيرة بدلاً من واجهة الحانة، وسقطت الشرفة تماماً. لذلك يبدو أن حانة "مدام أم" ستضطر لإيجاد مكان آخر تعيد فيه إحياء ليالي السهر الطويلة.

وتمكنت جيزيل وشريكتها في الحانة حتى الآن من جمع مبلغ خمسة آلاف دولار من أصل 85 ألفاً تحتاجانها لإعادة افتتاح الحانة.

وبعد أكثر من شهر على الانفجار، قرر كُثر البحث عن تمويل خصوصاً عبر حملات التمويل الجماعي الإلكترونية لمساعدتهم على إنعاش المطاعم والحانات وحتى صالات الرياضة.

ولإعادة فتح مقهاه، حصل هاني برغل (37 عاماً) على قرض من مصرف في دبي، ثم أطلق حملة إلكترونية يأمل أن يؤمن عبرها مبلغ 20 ألف دولار ليتمكن من تسديد القرض، وقد جمع حتى الآن ربع المبلغ فقط.

ويقول المحامي اللبناني الفرنسي، الذي افتتح المقهى بالشراكة مع صديق له العام الماضي، "لا نستطيع أن ننتظر الجيش او الحكومة ليتحركا. أردنا أن نستأنف العمل"، على الأقل من أجل العاملين في المقهى الذين يحتاجون إلى عمل في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تمر به البلاد. وبالتزامن مع الحملة الإلكترونية، أطلق صديقه الروماني، الذي علمه صناعة القهوة، حملة أخرى بين مقاهٍ يعرفها في رومانيا لتتبرع بجزء من أرباحها لإعادة تشغيل مقهى "كورتادو" البيروتي.

كما أمنت منظمة غير حكومية لبرغل المواد اللازمة لإصلاح الأضرار. ويقول: "تضامن معنا كثر".

بعدما انهار جدار التسلق في النادي الرياضي الذي اعتادت ارتياده، لجأت لورا كرم إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

وتقول: "اضطررنا لأن نلجأ إلى حملة التمويل الجماعي وأن نطلب من مجموعات المتسلقين خارج لبنان أن يدعمونا".

وفعلاً نجحت لورا في الحصول على أكثر من 16 ألف دولار من أصل 30 ألفاً تحتاجها لإعادة تشغيل النادي.

ووجدت ديالا سمكية، أحد مالكي النادي أن حملة التمويل الجماعي هذه نجحت، لذا قررت أن تلجأ إلى الخيار ذاته لإصلاح حديقة رياضة الباركور والوثب التي تديرها.

لا تزال الطريق أمام ديالا طويلة إذ إنها لم تحصل سوى على ألف دولار من أصل 50 ألفاً تحتاجها، لكنها تأمل أن تؤمن على المدى القصير المبلغ الكافي لدفع رواتب موظفيها لثلاثة أشهر.

وتقول ديالا، التي خسرت منزلها أيضاً جراء الانفجار، "لا نعتقد أن المسؤولين سيدعموننا، إذ هم من فجّرنا بالأساس". وأضافت: "يريدون أن يطردونا من بلدنا، لكننا صامدون".


MISS 3