بشارة شربل

"جيش وشعب ودولة"

17 آب 2019

00 : 35

لأنها ذكرى انتهاء "حرب تموز" التي دفعت فيها المقاومة واللبنانيون شهداء ودماراً ومالاً، يتوجب القول لـ"حزب الله" ومجمل الدائرين في "محور الممانعة": عافاكم الله، لكن حان وقت البحث باستراتيجية الدفاع.

ومع الاحتفال بالانتصار لا بدَّ من مراجعة ضرورية تحفظ المكاسب وتجيب عن اسئلة لا يريد لبنانيون كثيرون التغاضي عنها. فالمقاومة التي ضحّت بخيرة أبنائها لتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي تحولت بعد العام 2000 إلى عبء ثقيل، كونها ترفض الاعتراف بما حلَّ بلبنان بسبب عدم الانخراط في كنف الدولة قبل 19 عاماً عقب النصر الكبير، ولا تزال تُصرّ على ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" التي كانت حجر الزاوية في التحرير وان كان ذلك يمنع قيام الدولة وقيامة لبنان.

يستطيع "حزب الله" ترداد أنه لا يحتاج إجماع اللبنانيين. لكن القول سيف ذو حدّين، فرافضو "المقاومة" لا يجدون ايضاً حاجة الى أي إجماع.

لذا فليأت الجميع إلى كلمة سواء. ولتُقل الأمور بلا قفازات: كفى ويلات ودويلات واللبنانيون يتوقون الى دولة لها حصتها في الحرب والسلام بقدر ما لأي بلد عربي. أي أن يصير سلاح "حزب الله" في خدمتها وليس لخدمة دمشق وطهران. فالخطر الاسرائيلي يواجَه بدولة كاملة الأركان متوافقة على استراتيجية دفاع، وليس بسلاح تحوّل مع الوقت إلى مشكلة إقليمية ودولية، يستدرج عقوبات ويمنع الاستثمارات.

كاذب من يقول لـ "حزب الله" إنّ سلاحه ضرورة أبدية لمواجهة إسرائيل ومحاربة الارهاب، خصوصاً من المسيحيين الطامحين بدعم هذا السلاح للوصول إلى أعلى مراتب السلطة وتحقيق الثروات. وانتهازي من يستظلّ بـ "حزب الله" لتحقيق المكاسب السياسية والمنافع الرخيصة هامساً: "اليد التي لا تستطيع ليَّها قبّلها وادعُ عليها بالكسر".

على أي حال، وصلنا إلى الاستحقاقات. واللبنانيون الذين دفعوا أثمان الاحتلالات منذ خمسة عقود ويخشون اليوم تورط "حزب الله" بالحرب اذا احتاجتها ايران ويرقبون تدهور اقتصادهم وماليتهم، يستحقون أخيراً الأمن والأمان في بلاد عادية، جيشها واحد، وسياستها الخارجية واحدة، وحدودها مرسمة في كل الاتجاهات، والمقيمون على أرضها لاجئون أم نازحون تحت ظلّ القانون في العمل والمعاملات.

لا يغيب عن أي وطني في لبنان أن إسرائيل تبيّت العدوان وأنها قامت أصلاً على اقتلاع الشعب الفلسطيني واستكملت جريمتها بالاستيطان. وليس استشهاد أحد الأطفال قبل يومين ببقايا قنابل عنقودية، هدفها إيذاء المدنيين وليس مواجهة المقاتلين، إلا دليل على وجوب صون حدودنا بما يحفظ كرامة اللبنانيين ويجعلهم جميعاً سياجاً في مواجهة أي اعتداء بواسطة جيشهم الشرعي الذي أثبت قدرته على كل المهمات.

انتهى مفعول "جيش وشعب ومقاومة" حتى ولو تكرر ورودها في بيانات الحكومات، فتطورات المنطقة خطيرة ومصلحة لبنان واللبنانيين صارت في "جيش وشعب ودولة"، لئلا ندفع مجدداً ثمن التكاذب وتحقيق غايات الخارج ونتابع توديع أبنائنا على المطار.


MISS 3