هل يستطيع الطير أن يفكّر؟

02 : 00

كشفت دراستان حديثتان عن وجود قدرة لدى بعض الطيور على التفكير، مع مؤشرات إلى علامات تشابه على مستوى الدماغ مع ثدييات وشكل من أشكال الوعي لدى الغربان السود.

وأشارت المعدة الرئيسية للبحث سوزانا هيركولانو هوزل إلى أن بعضاً من أجناس الطيور كالغربان مثلاً، "لديها قدرات إدراكية موازية لتلك الموجودة عند القردة".

ولطالما ساد اعتقاد بأن دماغ الطيور لا يضم قشرة مخية جديدة، وهو جزء من المادة الرمادية الدماغية الذي يُعتبر من خصائص الرئيسيات. هذه القشرة السطحية متطورة بشكل خاص لدى الإنسان، ولها دور في ما يسمى بالوظائف الإدراكية العليا، مثل الإدراك الحسي ورد الفعل.

وخلصت دراسة مارتان ساشو وكريستينا هيرولد الباحثين في علم الأعصاب في جامعتي بوخوم ودوسلدورف الألمانيتين، إلى وجود "هندسة عصبية كانت مجهولة في الدماغ الأمامي الحسي للطيور".

ويمكن لهذا التنظيم أن "يولّد قدرات حسابية تذكّر بتلك المرتبطة بالقشرة المخية الجديدة" لدى الرئيسيات، وفق الدراسة.

كما يعزز ذلك الملاحظات المسجلة عن امتلاك بعض الطيور قدرات إدراكية معقدة، بما يشمل على سبيل المثال تصنيع أدوات للحصول على الطعام. وأشارت الدراسة المنشورة في مجلة "ساينس" إلى أن الدماغ الأمامي الحسي "لدى الغربان والببغاوات يحوي أكثر من نصف مليار خلية عصبية، وما يصل لمليار وملياري خلية، ما يوازي العدد الموجود لدى القردة". وتظهر دراسة ستاشو وهيرولد أن هذه الشبكة "لها تنظيم مشابه لذلك الموجود في القشرة الدماغية لدى الثدييات".

يشار الى أنّ الدراسة التي أجريت على الغربان هي "الأولى التي تتناول كائنات من غير الرئيسيات"، على ما أعلن المشرف عليها أندرياس نيدر أستاذ الفيزيولوجيا الحيوانية في جامعة توبينغن الألمانية.

وأضاف نيدر: "نحن لا نتحدث عن إدراك ذاتي أو عن طير يعرف ماهية ما تدركه أحاسيسه، وهو أمر مختلف تماماً". لذا من الصعب الحديث ببساطة عن شكل من أشكال التفكير.

ودرّب أعضاء فريق نيدر غرابين أسودين عمرهما سنة على الإبلاغ في مهلة ثانيتين، عن وجود محتمل لمحفز بصري. وقد استخدموا لهذه الغاية مربعاً رمادياً بحجم متبدل يعرضونه أمامهما على شاشة سوداء لفترة وجيزة لا تزيد عن ثلث ثانية.

ولفت نيدر إلى أن الباحثين أدركوا أن الخلايا العصبية تعمد في مرحلة أولى إلى "ترميز الشدّة الحسية للمحفّز، وهو ما يمكن توقعه من الخلايا العصبية البصرية". لكن في وقت لاحق، خلال فترة الانتظار لأكثر من ثانيتين، "نلاحظ عدداً متزايداً من الخلايا العصبية التي ترمّز الصفة الذاتية للإدراك".

والمقصود بالصفة الذاتية هو أن طيور الغراب ظنت أحياناً أنها ترى مربعاً غير موجود، والعكس صحيح. وأكد نيدر أن "هذه النقطة مهمة جداً إذ إن وضعاً يُستخدم فيه محفز وحيد قد يؤدي إلى نظرتين مختلفتين: إما اعتقاد رؤية شيء أو نفي وجوده"، وهو من الخصائص المرتبطة بالقدرات الإدراكية الأولية الموجودة لدى الثدييات.

واعتبر نيدر أنه "رغم أن دماغ الطيور مكوّن بطريقة مختلفة جداً عن ذلك الموجود لدى الثدييات"، لكن كليهما "تطورا في اتجاه وظيفة مشابهة" في حالة الوعي الأولي.

لكن، يرفض نيدر في المرحلة الراهنة استخدام مصطلح القدرة على "التفكير" أو "القرار" لدى الطيور. وقال "بطريقة ما فإن دماغ الطير هو الذي يكوّن فكرة ما ويقرّر، وليس الطير نفسه".


MISS 3