بعد زيارته المملكة العربية السعودية في أوّل رحلة خارجية له بعد سقوط نظام بشار الأسد البائد، وصل الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى تركيا أمس، حيث حظي باستقبال حار من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أكد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الشرع بعد لقائهما أن "هناك توافقاً في الآراء بين أنقرة والإدارة السورية في كل القضايا"، لافتاً إلى أنه "لم نترك إخواننا السوريين وحدهم في الأيام العصيبة، وسنقدّم لهم الدعم اللازم في المرحلة الجديدة أيضاً". واعتبر أن زيارة الشرع تعدّ تاريخية وتشكل بداية مرحلة صداقة وتعاون دائمَين بين البلدين.
وشدّد أردوغان على أن أساس السياسة التركية حيال الجارة سوريا لطالما كان الحفاظ على سلامة أراضي هذا البلد ووحدته، موضحاً أنه أبلغ الشرع استعداد أنقرة لتقديم الدعم اللازم لسوريا في مكافحة كلّ أشكال الإرهاب، سواء "داعش" أو "حزب العمال الكردستاني". وأبدى ثقته بأنه "من خلال التحرك المشترك" مع سوريا "سنجعل جغرافيّتنا المشتركة خالية من الإرهاب ويسودها مناخ السلام والرفاه".
كما أبدى أردوغان استعداد أنقرة لدعم إعادة إعمار المدن المدمّرة في سوريا، معرباً عن ثقته في أن العودة الطوعية للاجئين السوريين ستكسب زخماً مع سرعة التنمية الاقتصادية في البلاد. وتحدّث عن أهمية أن يُقدّم العالم العربي والإسلامي الدعم المادي والمعنوي اللازم للإدارة الجديدة والشعب السوري في هذه المرحلة، مطالباً بضرورة رفع العقوبات عن سوريا.
من جانبه، أشاد الشرع، الذي رافقته عقيلته لطيفة الدروبي التي ظهرت للمرّة الأولى خلال أدائهما مناسك العمرة في مكة، بوقفة تركيا "التاريخية" مع الشعب السوري خلال سنوات الثورة، داعياً إياها إلى شراكة استراتيجية في مختلف المجالات مع بلاده. وأوضح أنه "بدأنا العمل ضمن هذا الإطار على التعاون المشترك في كافة الملفات الإنسانية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية"، مؤكداً أنه "نعمل معاً على بقية الملفات الاستراتيجية الكبرى، وعلى رأسها بناء استراتيجية مشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة، بما يضمن أمناً واستقراراً مستدامَين لسوريا وتركيا". ودعا الشرع، أردوغان، إلى زيارة سوريا "في أقرب فرصة ممكنة".
في الغضون، كشف الشرع خلال مقابلة مع مجلّة "ذي إيكونوميست" أن حكومته تهدف إلى استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، لكنها لم تجر أي اتصالات بعد مع إدارة الرئيس دونالد ترامب. واعتبر أن القوات الأميركية موجودة في سوريا من دون موافقة الحكومة، مؤكداً أن أي وجود كهذا يتعيّن أن يجري بالاتفاق مع الدولة. ووصف العقوبات الأميركية التي لا تزال مفروضة على سوريا بأنها "أكبر خطر" على البلاد، معتبراً أن تصنيف "هيئة تحرير الشام" منظمة إرهابية "أصبح بلا معنى" بعد قرار حلّ كلّ الفصائل المسلّحة التي قاتلت الأسد.
توازياً، أكد الشرع أن إدارته "تعيد تقييم الوجود العسكري الروسي" في سوريا، مشيراً إلى أنه "قد نتوصل إلى اتفاق معهم أو لا، لكن بطريقة ما يجب أن يكون أي وجود عسكري بموافقة الدولة المُضيفة". وحين سُئل عما إذا كان يتصور تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أوضح أنه "نريد السلام مع كل الأطراف"، لكنه اعتبر أن "هناك أولويات كثيرة لدينا، ومن السابق لأوانه مناقشة مثل هذا الأمر، لأنه يتطلّب رأياً عاماً واسع النطاق وإجراءات وقوانين كثيرة من أجل مناقشته ولم نفكّر في هذا بعد". وتعهّد بإعادة بناء الدولة على أسس حديثة ترتكز على العدالة والمشاركة المجتمعية خلال خمس سنوات، مشيراً إلى أن بلاده تعمل على إصدار إعلان دستوري جديد لـ "تحديد هوية الدولة"، ووضع قوانين منظمة للحياة السياسية في سوريا.
إلى ذلك، سلّم وزير الداخلية السوري السابق في نظام الأسد، اللواء محمد إبراهيم الشعار، نفسه، إلى قوات الأمن العام السورية. وتولّى الشعار مناصب عدّة خلال فترة حكم الأسد، أبرزها وزارة الداخلية بين عامَي 2011 و2018، فضلاً عن قيادة الشرطة العسكرية ورئاسة فرع "المنطقة 227" في دمشق في أوقات سابقة.