كتب يسرائيل هرئيل مقالاً اليوم في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بعنوان "سيادة في مناطق "ج"، هكذا سنضمن عدم تكرار فظائع 7 أكتوبر/تشرين الأوّل في العفولة وكفار سابا"، جاء فيه:
يغلي العالم بسبب تصريحات دونالد ترامب المتعلّقة بقطاع غزة، لكنّ قلائل انتبهوا إلى أقوال مهمة أخرى، أخلاقية، صحيحة وقابلة للتنفيذ، للرئيس في المؤتمر الصحافي الذي عقده في لقاء القمة. سأل ممثل مجموعة "بشيفع" يوني كمفنسكي، ترامب، إذا كان يؤيّد سيادة إسرائيل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). أجاب ترامب: "الناس يحبّون الفكرة. لم نبلور أي موقف حول هذا الأمر. سننشر بياناً حول هذا الموضوع المحدّد في الأسابيع الأربعة المقبلة".
غزة خالية من حكم "حماس" هي نصب أعين جميع الإسرائيليين، لكن يهودا والسامرة هما أكثر أهمية منها للأمن القومي. إضافة إلى حقوقنا الطبيعية والأخلاقية في أرض إسرائيل التاريخية، التي فيها تبلورت هوية ودين وقومية الشعب اليهودي، فإنّ فرض السيادة في أرض إسرائيل، تحديداً الآن، سيعتبر بمثابة إعلان أننا تعلمنا أخيراً دروس 7 تشرين الأوّل، وحتى من اعتقد أن انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلّتها في 1967 هو الصيغة لحلّ النزاع الدموي بين إسرائيل والفلسطينيين، صفعه الواقع على وجهه وبقوّة. هدمت إسرائيل 21 مستوطنة مزدهرة في منطقة غزة وأعطت الأرض للفلسطينيين. كان يمكن أن يشكل ذلك التجربة النموذجية لصيغة "الأرض مقابل السلام" لمعسكر السلام في إسرائيل. ما الذي حصل عليه في المقابل؟ 20 سنة من الإرهاب، جولات قتال كبيرة كل سنتين أو ثلاث سنوات، عمليات اختطاف، وفي النهاية، الكارثة الكبرى في تاريخ الدولة.
العبرة الأكثر بديهية هي أن التنازل عن أرض الوطن يبعد السلام، وبالتأكيد لا يقرّبه. في المقابل، ستمنع سيادة إسرائيل في يهودا والسامرة إقامة دولة إرهاب عربية، مشابهة لغزة، في مركز البلاد. لذلك، السيادة هي الطريقة لضمان أن الأعمال الفظيعة التي حدثت في عيد نزول التوراة لن تتكرّر في العفولة، الخضيرة، كفار سابا، موديعين، القدس وبئر السبع.
تطرّق ترامب في الواقع إلى سيادة إسرائيل في كلّ الأراضي، لكنّ التنفيذ، حتى لو كان هو ورجاله "يحبون هذه الفكرة"، فمن الجدير أن يسري على المناطق "ج"، التي تضمّ حوالى 60 في المئة من أراضي يهودا والسامرة ويعيش فيها حوالى 250 ألف فلسطيني. يجب أن نمنح هؤلاء مواطنة إسرائيلية كاملة، إسوة بالعرب سكّان دولة إسرائيل. يجب أن يجري تشريع ذلك مسبقاً. حان الوقت المناسب لتوحيد المناطق "أ" و"ب" مع الأردن، مع خلق ممرّات ربط واسعة تخترق مناطق موجودة تحت سيادة إسرائيل.
وبالعودة إلى غزة، "خطة ترامب"، بحسب مقال أسرة تحرير "هآرتس" أمس، "هي خطة غير جدية". هذا الأمر متّفق عليه. ولكن، ماذا بالنسبة إلى الاقتراح المعروض في المقال نفسه، "قبول السلطة الفلسطينية كبديل" لحكم "حماس"، هل هو جدي؟ حاربت إسرائيل عشرات السنوات ضدّ "حماس" ولم تتغلّب عليها. كذلك حصل في الجولة الحالية، إذ بعد حوالى 17 شهراً من المعارك الدموية، "حماس" في النهاية هي التي تملي علينا شروط استسلام في صفقة المخطوفين، بما في ذلك إنهاء الحرب والانسحاب من كل الأراضي. ما لم يستطع فعله الجيش الإسرائيلي القوي بـ "حماس"، وهو المزوّد بالوسائل القتالية المتقدمة جداً، هل ستنجح السلطة الفلسطينية في فعله، وهي التي انسحبت من أمام "حماس" بصورة مهينة بعد الانفصال؟ وهي التي اضطرّت إلى القتال الآن ضدّها فقط على الصلاحيات السلطوية في جنين، واضطرّت إلى الانسحاب وذيلها بين أرجلها؟