"حقوق الإنسان" في كتاب عرّبه جورج سعد

غلاف الكتاب المعرّب

صدر عن "منشورات الحلبي" كتاب يتناول حقوق الإنسان لفيلسوف القانون بجارن ملكفيك، وقد نقله إلى العربيّة "رئيس الجمعيّة اللبنانيّة لفلسفة القانون"، العميد والأستاذ السابق في "كليّة الحقوق" بـ "الجامعة اللبنانية" جورج سعد، الذي يشير في تقديمه للكتاب، إلى أنّه مزيّن بستّة فصول أو أبحاث. يتناول فيها ملكفيك مواضيع متمحورة حول حقوق الإنسان، مستكشفاً المعنى الأنثروبولوجي الذي تعبّر عنه عبارة "حقوق الإنسان". والهدف هو فهم هذا التعبير في ضوء "الامتياز لصالح الفرد" و "حماية الفرد"، أي تفحّص إرساء الشرعية والاهتمام بالإنسان، الاهتمام بالفرد، بإنسانية الإنسان.


يقود الكاتب، القارئ، إلى البحث عن الفرد ودعمه في وجوده، والتأكيد أنه يجب علينا استبعاد أي استغلال للفرد أو التعامل معه كموضوع مجرّد (Objectification). فمفهوم "حقوق الإنسان" منتشر في كل مكان اليوم، ويعبّر عن اعتبارات متعددة ومتباينة للنظام الأخلاقي والإتيقي، والقانون، والدستورية، والعلوم السياسية، وعلم الاجتماع، والدين، والفلسفة، والعديد من مجالات تفضّل استخدام عبارة حقوق إنسانية (Droits humains) على حقوق الإنسان (لا للذكورية).


توليفياً، تشير فكرة "حقوق الإنسان" إلى "امتياز يُمنح للإنسان، أو حتى إلى "امتياز إنساني". وقد تم إنشاء الامتياز تاريخياً في البداية في مواجهة الدولة والحكومة (أو أي قوة سياسية مؤسسة)، ولكنه اليوم موجّه بشكل متزايد نحو الأفراد الآخرين باعتباره امتيازاً في العلاقات بين البشر. تأسيس الأمم المتحدة في العام 1945، كأداة دبلوماسية وسياسية لتركيز التعاون الدولي لصالح السلام والتعايش السلمي، عزّز فكرة "حقوق الإنسان". لكن فكرة حقوق الإنسان كانت عرضة لانتقادات كثيرة سلطت الضوء على المشاكل الاجتماعية والسياسية والدستورية والقانونية والثقافية. وبنظر ملكفيك تُعتبر الانتقادات التي وجهها إدموند بيرك وجيريمي بينثام وميشيل فيلاي من أهم الانتقادات.


ويوضح الكاتب في مؤلَّفه الاختيار الدلالي الذي اتُّخذ في "قوانين كيبيك" الجديدة كي يدمجوا حقوق الإنسان وكي يؤنسنوا القانون. فـ "القانون العام" الكيبيكي الجديد يتطلب تفسير القاعدة المدنية على أنها تشمل دائماً حقوق الإنسان. وبعبارة أخرى، فإن أي تفسير يجب أن يتضمن دائماً لحظة، حقيقية أو افتراضية، من التوفيق بين أحكام القانون المدني وحقوق الإنسان. والسبب في هذه "القاعدة الشكلية" هو ببساطة أنّ القواعد المدنية وحقوق الإنسان تعتبر متحدة برابطة تفسيرية متبادلة.


لا يمكن الإمساك بما يريد ملكفيك فهو ينتقد كبار الفلاسفة ونعرف تماماً موقفه السلبي من ميشال فيلاي فما بالك مما هو دونه. وفرنسا، بلد حقوق الإنسان بامتياز وبلد الإعلان العالمي الأكثر شهرة، ها هي ساقطة بنظر ملكفيك لأنه يصمت ويترك بيرك يهزأ من إعلان الحقوق الفرنسي للعام 1789 لأنه إطلاقي وليس له أي مفعول مادي على الأرض.


ويختم سعد في مقدّمته للكتاب مشيراً إلى أنّ فلسفة القانون قاسية لا ترحم، وفلاسفة القانون لا يرحمون بل يرجمون من يشذّ عن السراط المستقيم.