طوني فرنسيس

الحقيقة في ايران وليست لدى ضيوف قصر الصنوبر

29 أيلول 2020

02 : 00

لن تكون التعليقات الصادرة عن "ضيوف قصر الصنوبر" ذات قيمة. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تناولهم اعتقاداً منه بأنهم يتحملون مسؤولية وطنية عامة، لكنه في معرض شرحه أسباب فشلهم في ترجمة الإتفاق الذي أنجزه معهم، ذهب الى تحميل "حزب الله" تحديداً مسؤولية الخروج عن هذا الإتفاق. صحيح انه غمز من مسؤولية آخرين بطريقة أو بأُخرى، واتهمهم بـ"الخيانة" وارتكاب الأخطاء، وحرص على انتقاد فساد النظام المصرفي، إلا ان الجواب الذي ينتظره، إذا كان هناك من جواب، فهو من "حزب الله" تحديداً.

ويفترض بالأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أن يقدم هذا الجواب اليوم. ليس بالمعنى التبريري والتفسيري ولكن في العمق. فماكرون يقول انه نظر في عيني ممثل نصرالله وأخذ منه وعداً. وهو وعد في المقابل ألا يذهب بعيداً في حملة الضغوط الغربية والدولية، وأن يبقى على تمييزه بين جناحٍ عسكري وآخر سياسي، مُعتبراً "حزب الله" طرفاً سياسياً يتمتع بتمثيل شعبي. ووافق الرئيس الفرنسي على مطلبه بعدم إجراء انتخابات مبكرة. وكل ذلك مُقابل ان يُسَهِّل الحزب قيام حكومة انتقالية من الإختصاصيين وهو ما لم يتحقق.

تجنّبَ ماكرون إزعاج إيران إلى الحد الأقصى. في مباحثاته البيروتية ثم في حديثه عن فشل وساطته. وهو مُستمرٌ في رهانه على "جلب الدبس من... النمس"، وسيسمع بالتأكيد كلاماً مُرْسَلاً عن التمسك بمبادرته. والأرجح أن يذهب المتحدثون عن محاسن المبادرة الى اتهام بعضهم بعضاً بالتسبب في فشلها. وهذه أقصر الطرق للتنصل من المسؤولية، والإبقاء على مستوى التوتر السياسي والطائفي المذهبي الذي ساد خلال "السعي" لترجمة المسعى الماكروني. الا ان ذلك كله لن يكون الحقيقة. فماكرون يعرف حجم وارتباطات الفرقاء اللبنانيين وأدوارهم. ويعرف تماماً ان المسؤولية عن إفشاله تقع على عاتق القيادة الإيرانية التي لم تُميِّز لحظةً بين فرنسا وأميركا. ومن يستعيد المواقف السياسية والإعلامية الايرانية منذ زيارة ماكرون الأولى الى بيروت بعد كارثة المرفأ، يقرأ بوضوح رفضاً ايرانياً لما اعتبرته طهران محاولة غربية للقضاء على نفوذها في لبنان و... "نزع سلاح المقاومة"!

قبل ساعات من اعتذار مصطفى أديب بلغ الهجوم الإيراني على ماكرون ومبادرته الذروة. شنت صحيفتان إيرانيتان هجوماً كاسحاً على المؤامرة الغربية، وكان إفشالها يتطلب ببساطة تمسكاً "ميثاقياً" بوزارة المالية وبحق تعيين الوزراء الشيعة، وهو ما حصل. فالمسألة في نظر الإيرانيين تبقى شأناً لبنانياً خاصاً حسب اللازمة المعروفة.

هل من جديد سيقال اليوم؟ الأرجح لا.


MISS 3