إيفون أنور صعيبي

العقوبات الاميركية وحوار "الطرشان"

19 آب 2019

01 : 21

من المستبعد ان تؤثر العقوبات على التزام المجتمع الدولي بـ «سيدر»

حتى الشهر المنصرم كان المجتمع اللبناني امام 3 تحديات هي: موازنة 2020 واحترام المواعيد الدستورية من جهة ومن جهة ثانية "سيدر" وسبل اقناع المجتمع الدولي بعدم العزوف عن الوقوف الى جانب لبنان، يضاف اليهما ما قيل انها أكبر أزمة عرفها لبنان والمتمثلة بالعجوزات الكبيرة المُسجّلة في ميزان المدفوعات وعجز الخزينة. غير انه، وفي الايام الماضية، اضيف الى هذه السلة من المخاطر تحديان آخران شكّلا صفعة قوية من شأنها ان تكون قاضية على الاقتصاد الوطني، أكثر من اي وقت مضى: مسألة تخفيض تصنيف لبنان الائتماني، واخيراً العقوبات الاميركية.

للوهلة الاولى تنتابنا حيرة مما اذا كان هناك من تحدّ لم نختبره او نشهده منذ ما قبل الحرب. طبعاً المقصود هنا قضايا الاقتصاد والمال التي لا تنفك ترفض ان تنأى بنفسها عن السياسة وانشقاقاتها. رزحنا تحت وطأة ضغوطات مالية مختلفة، حتى اننا عايشنا واقع الافلاسات المصرفية وعانينا انهيار سعر الصرف وتراكم العجوزات كما ومن المديونية الباهظة... فلماذا يكون ما نشهده حاليا هو الاخطر على المنظومة الاقتصادية اللبنانية؟

وزير المال السابق جورج قرم يعتبر انه "من المستبعد ان تؤثر العقوبات على التزام المجتمع الدولي بـ "سيدر" ان وفت الدولة اللبنانية بالحد الادنى من الوعود التي قطعتها، ولا حتى على القطاع المصرفي الذي يحترم الاجراءات الاميركية وينفذها بحذافيرها. لم يكن حزب الله اساساً يستخدم الجهاز المصرفي اللبناني لانجاز معاملاته بل ان عملياته المالية كلها تتم نقداً. وبالعودة الى أموال "سيدر" فنحن حتى الساعة نجهل الرؤية التنموية للمشاريع كما ونجهل القطاعات التي تطاولها بالاضافة الى التوزيع المناطقي. من هنا يمكن القول ان مشكلة الاقتصاد الفعلية تنحصر بالتبذير المتواصل، وبالسرقات الموصوفة في غالبية القطاعات والتي تعتبر أخطر على المنظومة الاقتصادية من العقوبات الاميركية".

ويضيف قرم: "إن نهج التبذير المتبع منذ سنوات طويلة هو ما أوصلنا الى الحالة الراهنة، خصوصاً واننا لم نستفد من أعوام الازدهار ولم نعرف كيف نجعل سعر الصرف عائماً والنتيجة اليوم... اقتصاد ضعيف نتيجة العجوزات الكبيرة المُسجّلة في ميزان المدفوعات والميزان التجاري".

لا يختلف اثنان على أن الوضع متأزّم والحالة الاقتصادية متفجّرة، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد ما يوحي أن هناك بوادر حلول وان كانت في الظاهر. في هذا الصدد تنكب الاهتمامات على موازنة 2020 كما وعلى "سيدر" وما سيحمله من ازدهار منتظر.

عن الموضوع، يرى المدير التنفيذي للمركز اللبناني للدراسات سامي عطالله "انه اذا نظرنا الى كيفية تعامل الاحزاب السياسية مع موازنة 2019 لوجدنا ان لا مواعيد دستورية احترمت، كما ان اقتراحات الحكومة فاقدة بغالبيتها للشرعية من نواحٍ عدة، لا سيما وان النفقات لم تُخفض بل ما حصل فعلياً هو تأجيلها حتى العام 2020-2021. وتقدر هذه المستحقات المؤجلة بأكثر من 500 مليون دولار. يشكل هذا الرقم دليلاً قاطعاً على ان المسؤولين لم يعيدوا النظر ولم يتكبدوا أي عناء لناحية كيفية اعداد الموازنة. فمن حيث زيادة الايرادات، لم نلمس أي نيّة لتحميل الاثرياء اعباء الاصلاح المنتظر بل ان الطبقتين المتوسطة والفقيرة هما من تكبدتا هذا العناء ودفعتا بالتالي حساب التقشف بينما همّ الاحزاب والنواب الاساسي كان الحفاظ على مكتسباتهم".

ويضيف عطالله: "لن نشهد أي تغيير او تحسين في موازنة 2020 اذا ما استمر هذا النهج على المنوال عينه، لا سيما وأن الحكومة تفتقر الى رؤية اقتصادية تليها اجراءات اساسية لطريقة "ادارة" جديدة وفعالة وبناءة. بخصوص اموال "سيدر" فان المجتمع الدولي كان واضحاً وقد اشترط اجراءات عدة كان على الحكومة اتباعها. أما المشاريع فمهمة وكذلك الاصلاحات المطروحة. لكن المسألة اليوم لم تعد تتعلق بمدى تأييد هذه المشاريع أو رفضها. هناك 281 مشروعاً مطروحاً غير ان التخوف منحصر بتنفيذ هذه المشاريع على الطريقة اللبنانية اي المحاصصات والحسابات السياسية والمناطقية من دون مناقصات شفافة وعادلة، وفي هذه الحالة فان الاموال المتأتية من "سيدر" ستشكل عبئاً علينا في الاعوام اللاحقة".

يواجه لبنان خطر الانهيار، صحيح انه قد لا يسقط ولكنه بالتأكيد لن يعرف معنى القيامة، أقله في المدى المنظور. المسؤولون يحاولون تحميل تبعات التقشف الى الشعب. نحن مقيّدون في خانة "الصفر" وكل التحايل المفتعل لتمرير موازنة 2019 بهدف اسكات الداخل وارضاء الخارج بات بلا قيمة...


MISS 3