يحتفل المصريون بـ "عيد الأم" في 21 آذار من كلّ عام، وهو يوم مخصّص لتكريم الحبّ والتضحيات والجهود التي تبذلها الأمّهات. وبينما تعود فكرة الاحتفاء بالأمومة إلى الحضارات القديمة، فإنّ النسخة الحديثة من "عيد الأم" في مصر لها قصة فريدة، ارتبطت بالإعلام وجهود الصحافيَّين الرائدَين مصطفى أمين وشقيقه التوأم علي أمين. وكانت مصر أول دولة في العالم العربي تخصّص يوماً للاحتفاء بالأمّهات، ليصبح فيما بعد تقليداً ينتشر في العديد من الدول المجاورة.
بدأت فكرة عيد الأم تأخذ شكلها الرسمي في القرن التاسع عشر، في الولايات المتحدة الأميركيّة بفضل جهود الناشطة آنا غارفيس، التي نجحت في جعلها مناسبة وطنيّة عام 1914. أما في مصر، فجاء اعتماد "عيد الأم" نتيجة مبادرة إعلامية وليس بقرار سياسي أو حركة اجتماعية.
بدأت القصة عندما استقبل الصحافي مصطفى أمين في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، أرملة جاءت إلى مكتبه في جريدة "أخبار اليوم"، تشكو من هجران أبنائها لها بعد أن كرّست حياتها لتربيتهم. أثّرت هذه القصة في مصطفى أمين بشدّة، إذ رأى فيها صورة للكثير من الأمّهات اللاتي يواجهن المصير نفسه بعد سنوات من العطاء والتضحية.
دفعه ذلك إلى إطلاق حملة لدعم فكرة "عيد الأم"، وساعده في ذلك شقيقه علي أمين، الذي كتب مقالاً في عموده الصحافي "فكرة" في 9 كانون الأول 1955، قال فيه: "لماذا لا نخصّص يوماً للاحتفال بالأم، تماماً كما نحتفل بالمناسبات الوطنية؟ في هذا اليوم، يمكن للأطفال التعبير عن امتنانهم بتقديم الهدايا البسيطة وأفعال اللطف، ليجعلوا أمّهاتهم يشعرن وكأنهنَّ ملكات ليوم واحد".
لاقى الاقتراح دعماً جماهيرياً واسعاً، ووقع الاختيار على يوم 21 آذار، الذي يرمز إلى بداية الربيع، ليعكس معنى التجدّد والعطاء، وعام 1956، نجح مصطفى أمين في إقناع الرئيس جمال عبد الناصر بإعلان 21 آذار عيداً رسمياً للأم في مصر. وسرعان ما انتشر التقليد في مختلف الدول العربية، التي اعتمدت التاريخ نفسه للاحتفال بعيد الأم.
لم تكن مسيرة عيد الأم في مصر خالية من التحدّيات. ففي عام 1965، تمّ اعتقال مصطفى أمين بتهمة التجسّس، وحاولت الحكومة آنذاك تغيير اسم المناسبة إلى "عيد الأسرة"، في محاولة لفصلها عن إرثه. إلّا أنّ رد الفعل الشعبي، خصوصاً من الأمّهات المصريات، كان قوياً إلى درجة دفعت السلطات إلى إعادة الاسم الأصلي.
ومن مصر، انتقل تقليد "عيد الأم" إلى معظم الدول العربية، التي اعتمدت التاريخ ذاته، 21 آذار، للاحتفال بهذه المناسبة، تقديراً لدور الأمّهات في المجتمع.
"عيد الأم" هو مناسبة عالمية يتمّ الاحتفال بها في تواريخ مختلفة حول العالم تكريماً للأمّهات ودورهنّ في المجتمع. تختلف تواريخ الاحتفال به من بلد إلى آخر، ومن أبرز التواريخ المعتمدة:
8 آذار: تحتفل بعض الدول بهذه المناسبة في اليوم نفسه الذي يصادف "اليوم العالمي للمرأة"، مثل روسيا، أرمينيا، أفغانستان، وكازاخستان.
21 آذار: وهو التاريخ الأكثر شيوعاً في أغلب الدول العربية، باستثناء تونس، المغرب، والجزائر، حيث يتم الاحتفال به في تاريخ آخر.
الأحد الثاني من أيار: يُعتبر هذا الموعد الأكثر انتشاراً عالمياً، حيث تحتفل به دول مثل الولايات المتحدة، كندا، الهند، أستراليا، ألمانيا، اليابان، والبرازيل.
الأحد الأخير من أيار: تتبعه بعض الدول، مثل فرنسا، المغرب، تونس، والجزائر، ما يجعله التاريخ الرسمي "لعيد الأم" في هذه البلدان.