في وقت استمرّ فيه القصف الجوّي والتوغل البرّي الإسرائيلي في قطاع غزة أمس، بعد أسبوع من استئناف القتال إثر فشل المفاوضات في المحافظة على وقف النار، ما أفضى إلى مقتل أكثر من 700 فلسطيني حتى الآن، نشرت "حماس" أمس مقطعاً مصوّراً لأسيرَيْن إسرائيليَّيْن محتجزين يطالبان بتسريع الإفراج عنهما، في إطار "حربها النفسية" ضدّ إسرائيل. بالتوازي، تحاول القاهرة وضع حدّ لسفك الدماء في غزة، إذ أفاد مصدران أمنيان لوكالة "رويترز" بأن مصر قدّمت مقترحاً جديداً يهدف إلى استئناف وقف النار ويقضي بأن تطلق الحركة سراح خمس رهائن إسرائيليين أسبوعياً، على أن تبدأ تل أبيب بتنفيذ "المرحلة الثانية" من اتفاق وقف النار بعد الأسبوع الأوّل، مشيرين إلى أن أميركا و"حماس" وافقتا على الاقتراح، لكن إسرائيل لم ترد بعد.
وذكر المصدران أن المقترح المصري يتضمّن أيضاً جدولاً زمنياً لانسحاب إسرائيل الكامل من غزة، بدعم من ضمانات أميركية، مقابل إطلاق سراح الرهائن. ولم يؤكد مسؤول في "حماس" الخطة المقترحة، لكنه قال لـ "رويترز" إنه "يجري الآن مناقشة عدّة مقترحات مع الوسطاء لجسر الهوّة والعمل على استئناف المفاوضات والوصول إلى نقطة متفق عليها تُمهّد للدخول في "المرحلة الثانية" من الاتفاق".
في السياق، بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الجهود المشتركة التي تبذلها أميركا ومصر وقطر لإطلاق سراح الرهائن والتوصّل إلى التهدئة وخفض التصعيد وتثبيت وقف النار وتنفيذه، حسب الخارجية المصرية، التي أشارت إلى أن الجانبَين أكدا خلال الاتصال، مواصلة العمل المشترك من أجل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن "إسرائيل خرقت اتفاق وقف النار في غزة واستأنفت عدوانها على القطاع الفلسطيني"، مؤكداً أن "الجهود الأردنية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ووقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تستهدف الضفة الغربية، لم تتوقف ولم تنقطع".
توازياً، اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في القدس، أن انتهاء وقف النار في غزة تسبّب في خسائر فادحة في الأرواح، مشدّدة على أن استئناف الحوار هو "الطريقة الوحيدة لوقف المعاناة لكلّ الأطراف". ودعت "حماس" إلى إطلاق سراح جميع الرهائن، مجدّدة تأكيدها أنها لا ترى دوراً مستقبلياً للحركة في القطاع. كما دعت إسرائيل إلى الإسراع بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبرة أن التهديدات بضمّ أجزاء من القطاع "غير مقبولة".
في الغضون، دانت الخارجية السعودية إعلان "سلطات الاحتلال الإسرائيلية إنشاء وكالة تستهدف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والمصادقة على فصل 13 حياً استيطانياً غير قانوني في الضفة الغربية، تمهيداً لشرعنتها كمستوطنات استعمارية"، مؤكدة أن "السلام الدائم والعادل لا يُمكن تحقيقه من دون إقامة دولة فلسطينية مستقلّة".
وفيما توقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب انضمام المزيد من الدول إلى "اتفاقات أبراهام"، تحدّث البيت الأبيض خصوصاً عن السعودية بوصفها شريكاً محتملاً في الاتفاقات، رغم أن المملكة ممتعضة للغاية من حرب غزة وتشترط الالتزام بحلّ الدولتين لتطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية.
ميدانياً، ذكر الجيش الإسرائيلي أنه هاجم منذ تجدّد الحرب أكثر من 100 مركبة تستخدمها "حماس" في عملياتها، معلناً اعتراض صاروخين أطلقا من القطاع، في حين أكدت حركة "الجهاد الإسلامي" أنها قصفت إسرائيل برشقة صاروخية. وأعلنت بلدية رفح في جنوب غزة أن آلاف الأشخاص محاصرون داخل حي تل السلطان بعدما أرسل الجيش الإسرائيلي بعض القوات إلى هناك. وأوضح الجيش الإسرائيلي أنه حاصر تل السلطان "بهدف تدمير بنى تحتية إرهابية والقضاء على عناصر إرهابية".
وكشفت "الأونروا" أن 124 ألفاً نزحوا في القطاع خلال الأيام القليلة الماضية، بينما أعلنت الأمم المتحدة أنها ستُقلّص وجودها في غزة بعد مقتل خمسة من موظفي "الأونروا" خلال الأعمال القتالية، لكنها ستواصل التزامها بتقديم المساعدات للمدنيين.
في الأثناء، قُتل شخص وأُصيب آخر من جرّاء هجوم نفذه مهاجم منفرد بالدهس والطعن وإطلاق النار في محطة حافلات في شمال إسرائيل. وذكرت الشرطة أن المهاجم إسرائيلي من الأقلية العربية يبلغ من العمر 25 عاماً، وأنه صدم بسيارته جنديّاً إسرائيليّاً، الذي أُصيب بجروح بالغة، لدى وقوفه في محطة الحافلات، ثمّ خرج من سيّارته وطعنه واستولى على سلاحه. وأوضحت أن المهاجم بدأ بعد ذلك في إطلاق النار على سائقي السيارات المارة، مشيرة إلى أن رجلاً عمره 85 عاماً قُتل بطلق ناري داخل سيارته. وتحدّثت عن أن أفراد الأمن أطلقوا النار على المهاجم فأردوه قتيلاً.
أمّا في ما يتعلّق بميليشيا الحوثي اليمنية المدعومة من إيران، فذكر الجيش الإسرائيلي أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل دخوله المجال الجوّي الإسرائيلي، لكن صفارات الإنذار دوّت في عدّة مناطق، منها تل أبيب والقدس، حيث سمعت انفجارات خفيفة بعيدة، فيما شن الطيران الأميركي غارات جوّية على صنعاء وصعدة في اليمن ليل الأحد - الإثنين، مستهدفاً مخازن أسلحة ومنصّات صواريخ تابعة للحوثيين. كما شنّت واشنطن سلسلة غارات على محافظة صعدة ليل أمس.