سعيد مالك

مرتا مرتا.... المطلوب واحد!

دخل المسيح إحدى القُرى، استقبلته في بيتها امرأة اسمها "مرتا" وكان "لِمرتا" أُختٌ تُدعى "مريم". فجلست هذه الأخيرة عند قدمَي الرّب تسمع كلامه. أمّا "مرتا" فكانت منهمكة بالخدمة. طلبت "مرتا" من المسيح أن يطلب من "مريم" مُساعدتها. فأجاب الرب وقال لها: "مرتا، مرتا، إنّك تهتمّين بأمور كثيرة، وتضطربين! إنّما المطلوب واحد! فمريم اختارت النصيب الأفضل، ولن يُنزع منها"(لوقا 10/من 38 حتى 42).


كم ينطبق هذا الفصل على واقعنا الراهن.


حكومة تشكّلت بعد حرب ضروس، قضت على البشر والحجر، يقتضي أن يكون عنوانها الأساسي، تطبيق القرارات الدولية، وصولاً إلى إعادة الإعمار.


من الثابت أن الدول والتي يُمكن أن تمدّ يد العون لِلُبنان، تشترط وقبل أي مساهمة، تطبيق القرارات الدولية، سيّما الـ /1701/ والـ /1559/ والـ /1680/ إضافةً إلى ورقة الترتيبات التي صادقت عليها الحكومة اللبنانية بتاريخ 27/11/2024.


والمقصود بهذه القرارات فكفكة البُنية العسكرية لـ "حزب الله"، وتسليم سلاحه للجيش اللبناني، وحصر السلاح بيد الشرعية، وليس فقط في جنوب الليطاني، إنّما في جنوبه وشماله أيضاً.


شُكّلت هذه الحكومة استناداً إلى خِطاب قَسَم، لاقى ترحيباً محلّياً ودولياً. ومُنِحَت الثقة على أساس بيان وزاري قوبل بالتأييد العارم. أمّا لجهة بعض الهفوات من قبل بعض الوزراء باعتبارهم أنّ حصر السلاح بيد الدولة بحاجة إلى استراتيجية دفاعية...كذا... فقد تداركه رئيس الحكومة بتصريحٍ واضح وصريح وَضَعَ النِقاط على الحروف، وأقفل باب كل نِقاش.


أمّا اليوم، فإن الحكومة تهدف إلى معالجة موضوع التعيينات، وهذا أمر جوهري لإطلاق عمل المؤسسات. ومعالجة المواضيع الداهمة تُشكّل أيضاً ضرورةً قُصوى. أمّا الغوص في التفاصيل اليومية الحكومية، وتناسي الهدف الأساس الذي من أجله تشكّلت هذه الحكومة، فهذا أمرٌ غير جائز.


فتنفيذ القرارات الدولية يبقى لها الأولوية، وحصر السلاح بيد الدولة له كلّ الأهمّية. فلا يجب أن نتمثّل "بِمرتا" التي اهتمّت بأمورٍ كثيرة، إنّما المطلوب واحد.


وبالتالي، نسأل ما هي الخطوات التي اتّخذتها الحكومة حتى تاريخه لِوضع قرار حصر السلاح بيد الدولة موضع التنفيذ؟


من الثابت، أنّ قرار حصر السلاح بيد الدولة، وتنفيذ القرارات الدولية قد اتُّخِذ (بموجب القرارات الدولية وورقة الترتيبات وخِطاب القَسَم والبيان الوزراي والكلام الأخير لرئيس الحكومة).


فأين نحن من الخطوات التنفيذية لهذا القرار؟


كانت لافتة مُطالبة وزراء القوّات اللبنانية في الحكومة، رئيس الدولة، بِعقد المجلس الأعلى للدفاع لإقرار الإجراءات اللازمة لتنفيذ مُقرّرات مجلس الوزراء تاريخ 27/11/2024، سنداً لأحكام قانون الدفاع الوطني رقم 102/1983.


وبالعودة إلى الدستور، فالمادة/65/ منه، أناطت بمجلس الوزراء صلاحية اتّخاذ القرارات في جميع المجالات، ووضع السياسة العامة للدولة....كذا.


بالتالي، القرار السياسي هو لدى الحكومة وقد اتّخذته، أمّا التطبيق العملي فهو لدى المجلس الأعلى للدفاع، الذي يضع الخطط والإجراءات التنفيذية لإنفاذ هذه القرارات.


وسنداً للمادة التاسعة من قانون الدفاع الوطني، فالمجلس يُدعى من قِبَل رئيس الدولة. وصلاحيات المجلس وعملاً بأحكام المادة الثامنة منه، تقرير الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرارات الحكومية.


مما يُفيد، أنّ مُطالبة وزراء القوّات اللبنانية في الحكومة بعقد المجلس الأعلى للدفاع، كانت مُحقّة وفي محلّها الصحيح. وكانت الخطوة العملية الأولى لوضع قرار حصر السلاح بيد الدولة موضع التنفيذ.


واستناداً لما تقدّم،

لا يُفترض أن نتمثّل "بِمرتا" بأن نتلّهى بتفاصيل يومية روتينية. ونَغفَل عمّا هو أهمّ، وهو استعادة الدولة. فالتاريخ لن يرحم، والمهل تنقضي، ولا مَنْ يَسأل.


فالتهديدات الإسرائيلية ماثلة أمامنا، والتحذير الأميركي أيضاً. فلماذا نسمح للعدو الإسرائيلي بالتهويل بالعودة إلى العدوان. فالقرار قرارنا، وبيدنا خلاصنا.