رغبتُ في كتابة هذه الكلمات عن العمل المسرحي في لبنان، لأنني أعتبر أنّ المسرح وسيلة توعية وطنيّة واجتماعيّة لا مثيل لها. لكن للأسف، يواجه العمل المسرحي في لبنان مشكلات عدّة، بعضها مرتبط بالوضع العام في البلاد، والبعض الآخر نابع من طبيعة القطاع الفني نفسه.
فالدولة اللبنانية - ولا نقول هذا من قبيل النقد - لا تقدِّم دعماً كافياً للمسرح كجزء من سياساتها الثقافية. والشركات الخاصة نادراً ما تموّل الأعمال المسرحية، مقارنةً بالسينما، لأنّ معيار الربح المالي يفسد الأمور. وينبغي أن يشجّع المنتجون الجيل الجديد، لا سيّما من خريجي الجامعة اللبنانية وبينهم عدد كبير من أصحاب المواهب الاستثنائية.
نضيف إلى كلّ هذا في مسار تعداد المعوّقات، إيجارات المسارح الباهظة بعكس أجور الممثلين المتدنية. أقول هذا لأنني أعرف عدداً كبيراً من الممثلين الشباب ممّن يغادرون لبنان، ما يشكّل نزيفاً بشرياً مؤسفاً. كما ينبغي بذل جهود كبيرة كي يجذب المسرح اللبنانيين الذين تغيب لديهم ثقافة المسرح لأسباب لا مجال لذكرها هنا.
إلى ما سبق، لا بدّ من التطرّق إلى بعض الشخصيات المبدعة، مثل الممثلة زينة مكّي، والممثلة باميلا الكك الرائعة دون منازع. فزينة مكّي التي لا يكفي أن نقول عنها بارعة، هي من النجمات النادرات القادرات على التماهي مع الشخصيات بحيث يصعب التمييز بين الواقع والتمثيل. في آخر أعمالها، مسلسل "آسر"، تألّقت مكّي بأداء استثنائي يلامس القلب ويأسر العقل. فقد شغلت الشاشة من المشهد الأول حتى الأخير، بحضورها الطاغي وأدائها الرائع صدقاً وعفوية. تثبت زينة مكّي يوماً بعد يوم أنها رقم صعب في الدراما اللبنانية.
أخيراً، أختم بما سبق وأشرت إليه، كلّنا أمل بأن تمنح وزارة الثقافة التمثيل المسرحي والسينمائي في لبنان الأهمية التي يستحقها.
* طالبة جامعية وناشطة ثقافية