إيفانا الخوري

وعل الجبل... حيوان انقرض وعاد إلى محميّة أرز الشوف

لا تبتعد محميّة أرز الشوف كثيراً عن بيروت، فالخروج من مدينة الضجيج والازدحام والسيارات قد يكلّف الفرد منا ساعة أو أكثر بقليل لإعادة الاتصال بالطبيعة والهروب من زحمة الحياة ومشاكلها.


حديثاً، لم تعد محميّة أرز الشوف اسماً نسمع به للإشارة إلى محميّة في لبنان مع إظهار الجيل الجديد حبّه وحرصه على الطبيعة. ويُمكن عبر جولة على مواقع التواصل الاجتماعي مواكبة زيارة الشابات والشُبان للمحميّة والاستمتاع بالطبيعة الخضراء وجمال المنطقة. لكنّ الحياة البرّية وعلى رأسها وعل الجبل هو أكثر ما يشغل الجيل الجديد المواكب لحدث التكاثر هذا.


ورغم أنّ الموضوع قد لا يكون مهماً بالنسبة للبعض، إلّا أنّ انقراض هذا الحيوان سابقاً يجعل من هذا الحدث استثنائياً. ولهذا الغرض، تشير منسّقة التواصل في المحميّة سارة نصراللّه إلى أنّ وعل الجبل أو الوعل النوبي انقرض من لبنان قبل أكثر من مئة سنة بسبب الصيد الجائر والتمدّد العمراني.


ومن هذا المنطلق، استقدمت المحمية 12 وعلاً من وادي رم في الأردن إلى مسيّجين في عانا والخريبة الشوف في لبنان لمعرفة ما إذا كانت قادرة على التأقلم مع مناخ لبنان، واليوم بات لدينا 44 وعلاً.


وتشرح نصراللّه أنّ "وعل الجبل من فصيلة الماعز وله دور مهم على الصعيد الإيكولوجي حيث يرعى على قمم الجبال، ما يساعد في الحفاظ على التوازن الطبيعي ولهذا سنطلقه قريباً في الطبيعة للقيام بدوره مع المراقبة والمتابعة الميدانية بعد الإطلاق".


ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ محميّة أرز الشوف هي الكبرى في لبنان وتشكّل 5 % من مساحة لبنان. حيث تضمّ المحمية 25 قرية محيطة، 70 % منها في الشوف و 30 % في البقاع الغربي أي على الامتداد الغربي والشرقي لجبل الباروك ونيحا، تقول نصراللّه، مضيفةً: "رغم الأزمة الاقتصادية، لم يفقد اللّبنانيون تمسّكهم بالطبيعة حيث لم ينخفض كثيراً عدد الزوّار وقد استقبلت المحميّة 120 ألف زائر في العام 2019 وحده.


وعن المداخل التي يمكن عبرها الدخول إلى المحميّة، فتشير إلى ستة رئيسية: غابة أرز عين زحلتا بمهريه، غابة أرز الباروك الكبرى في لبنان، غابة أرز المعاصر حيث الأرز المعمّر، قلعة نيحا حيث قلعة فخر الدين الأثرية، مدخل جباع ومدخل مرستي بالإضافة إلى ما يزيد عن 500 كلم من الدروب والمسارات ومئات المعالم والمواقع التراثية في القرى.


في العام 2024، زار المحمية 86 ألف زائر؛ وتقول نصراللّه إنّ هؤلاء لم يعودوا بالفائدة على المحميّة فقط بل على المزارعين ومقدّمي الخدمات في القرى المحيطة وهذا مهم على اعتبار أنّ هدف محميّة أرز الشوف هو عودة الزوار منها بقصة.


وتشدّد على أنّ المحميّة تُعدّ مختبراً للتنمية المستدامة حيث الهدف منها هو تمتين المجتمعات الريفية عبر فرص عمل مرتبطة بالطبيعة وتحافظ عليها. أمّا هدف المحمية الأهم فهو، بحسب نصرالله، الحفاظ على هذا الإرث البيئي من مياه وتربة وخضار وحيوانات للأجيال التي ستأتي بعدنا.



شهادة عالميّة

أدرجت محمية أرز الشوف مجدداً على القائمة الخضراء من جديد وهي شهادة عالميّة يمنحها الاتحاد الدولي لحماية الطّبيعة، لقياس فعاليّة الحوكمة والإدارة. ومع وجود المحميّة بتنوّعها وخضارها ودروبها المخصصة لرياضة المشي فإنها محطة رئيسية على خريطة السياحة البيئية في لبنان سواء للمقيمين أم للسيّاح.