طوني أبي نجم

الخرزة الزرقاء "لن تنفعنا"!

19 تشرين الأول 2020

02 : 00

يستعدّ الرئيس سعد الحريري ليكون الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة الجديدة الخميس المقبل، وذلك في حال لم ينتفض رئيس الجمهورية مرّة جديدة، تأميناً لمصالح صهره النائب جبران باسيل من جديد، على حساب مصلحة جميع اللبنانيين.

وبحسب المعلومات، أتت الإشارة لـ"حزب الله" من طهران لتمرير التكليف بعد اتصالات فرنسية - إيرانية، وثمّة ضغط فرنسي هائل للتأكّد من تمرير تكليف الحريري هذا الخميس، بعد مفاجأة تأجيل الإستشارات "خلسة" ليل الأربعاء الماضي. ويبقى السؤال: هل يرضخ رئيس الجمهورية فيمضي بالإستشارات من دون أن يعقد الحريري الصفقة المطلوبة مع باسيل لتأمين "حصّة" الأخير في الحكومة العتيدة؟

ولكن، فلنعتبر أنّ تسمية سعد الحريري تمّت الخميس بنجاح، ماذا يعني ذلك؟ وهل يرتاح البلد اقتصادياً ومالياً؟

تبدو الرهانات على نجاح الحريري حالمة بشكل كبير وبعيدة كل البعد من الواقع المرير، لأنّ ما ينتظر الرئيس المكلّف يفوق قدرته، ليس على اجتراح العجائب فحسب، بل حتّى على إدارة الانهيار، والتحدّيات أكثر من أن تُحصى.

ـ التحدّي الأول يبدأ مع مهمّة تشكيل الحكومة التي لن تكون سهلة على الإطلاق، وتقف بين حدّين: حدّ إرضاء الثنائي الشيعي بقيادة "حزب الله" المُصرّ على تسمية جميع الوزراء الشيعة، والحصول على حقائب وازنة بدءاً بوزارة المالية، وحدّ رفض الدول العربية والولايات المتّحدة التعامل مع حكومة كهذه، يشارك فيها "الحزب" ورفض تقديم أي مساعدات، ما يجعل مهمّة الحكومة الجديدة في التصدّي للإنهيار المالي والإقتصادي مستحيلة بالكامل. أمّا التحدّي فيكمن في إرضاء رئيس الجمهورية بتأمين حصّة صهره، فهل يلبّي الحريري شروط باسيل أم يخاطر برفض الرئيس ميشال عون توقيع مراسيم التشكيلة الحكومية؟!

ـ والتحدّي الثاني يبدأ في حال ولادة الحكومة. فالثابت أن لا مساعدات ستأتي إلى لبنان لأنّ أي حكومة ستولد بمشاركة "حزب الله". وفي هذا الإطار، تشير المعلومات إلى أنّ الحريري التزم أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتلبية كلّ شروط صندوق النقد الدولي. ماذا يعني ذلك؟ بكلّ بساطة، هذا يعني أنّ الحكومة المقبلة لسعد الحريري، في حال تألّفت، ستفرض إجراءات قاسية ومؤلمة على جميع اللبنانيين (رفع الضريبة على القيمة المضافة أقلّه إلى 15%، رفع الدعم عن كلّ المواد الأساسية، تحرير سعر صرف الليرة نهائياً، وغيرها...). وفي المقابل، ستكون هذه الحكومة عاجزة عن القيام بأيّ إصلاحات تمسّ بمصالح "حزب الله"، ومنها ضبط مرفأ بيروت والمطار والمعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية ووقف التهريب. كما أنّ "حزب الله" سيضطرّ إلى مسايرة مصالح صهر الرئيس في ملفّ الكهرباء وغيره، من دون أن ننسى مصالح كلّ الأطراف السياسية التي ستمنع أي إصلاح إداري جذري عبر تطهير الإدارة من كل الحشو الوظيفي!

ـ التحدّي الثالث سيكمن في مدى قدرة الرئيس ماكرون على تلبية وعوده للحريري، بتسريع حصول لبنان على أموال "سيدر". وبحسب المعلومات، فإن ماكرون سيكون عاجزاً عن تأمين الـ11 مليار دولار بفِعل الرفض العربي للمساهمة وِفق الوعود بفِعل تغيّر المعطيات، ما سيخفّض سقف "سيدر" إلى أقلّ من النصف، والتي ستُصرف على مشاريع بنى تحتية مُحدّدة لن تغيّر في الواقع المالي والإقتصادي المنهار، خصوصاً وأنّها مشروطة بتحقيق إصلاحات من الصعب على الحريري إنجازها!

الخلاصة، أنّ لبنان، في ظلّ حكومة الحريري وسيطرة "حزب الله"، سيشهد أسوأ أيامه على الإطلاق، أيام ستكون بامتياز "أيام جهنّم اللبنانية" الموعودة. لماذا يقبل سعد الحريري بتولّي مهمّة قيادة لبنان إلى جهنّم؟ الخلاصة: سنتمنّى العيش في فنزويلا، والثابت أنّ "الخرزة الزرقاء لن تُجدي نفعاً!".


MISS 3