شربل بو ديوان

فليك يبدأ مشروعه بثلاثية محلية… فماذا بعد؟

بعد سنوات عصيبة مرّ بها برشلونة وجماهيره، تخللتها نتائج مخيبة على الصعيدين المحلي والأوروبي، وانكسرت خلالها هيبة الفريق في ليالي دوري الأبطال، وصولاً إلى الرحيل المدوي لأسطورته ليونيل ميسي، دخل النادي الكتالوني مرحلة انتقالية صعبة. مرحلة تجديد دماء، والانتقال من حقبة الأساطير إلى ولادة جيل شاب يطمح إلى حمل إرث هذا النادي العريق.


تشافي هيرنانديز، ابن النادي، تصدّى بشجاعة لعواصف الانتقاد والتحديات، وفتح الباب أمام الأسماء الصاعدة لتأخذ مكانها في التشكيلة الأساسية. برز في عهده لامين يامال، فيرمين لوبيز، أليخاندرو بالدي، وباو كوبارسي، مما مهّد لبناء هيكل فريق جديد يحمل ملامح المستقبل.


رئيس النادي، جوان لابورتا، أظهر حنكة كبيرة في التعامل مع الأزمة المالية، فكان يدير الأمور بذكاء ويقدّم صورة إيجابية للإعلام، رغم صعوبة الواقع. وهي سمة لطالما ميّزت إدارته، خاصة في فترته السابقة التي شهدت نجاحات تاريخية، أبرزها في عام 2009.


وبعد أن وضع أسساً صلبة للفريق، اتخذ لابورتا قراراً جريئاً بالتعاقد مع مدرب يحمل اسماً لامعاً في سماء الكرة الأوروبية، الألماني هانزي فليك، لقيادة مشروع شاب وطموح نحو البطولات. لم يجد فليك فريقًا جاهزاً، بل عناصر تملك الموهبة والنية لخوض التحديات. لكنه، بمعاونة جهازه الفني، قدّم منذ اليوم الأول كرة قدم ممتعة وملفتة، وأعاد الثقة للاعبين كانوا في طريق النسيان، مثل رافينيا وفيران توريس.


أما الظاهرة لامين يامال، فقد نضج تحت قيادة فليك وتحوّل من موهبة واعدة إلى نجم أول في أوروبا، وهو لا يزال في السابعة عشرة من عمره. لم يعد مجرد لاعب شاب، بل بات مرشحاً قوياً للكرة الذهبية، برصيد 17 هدفاً و21 تمريرة حاسمة في 53 مباراة فقط هذا الموسم. بات يشكل تهديداً دائماً، وأصبح البعض يرى فيه ملامح ميسي، سواء في المراوغة أو صناعة اللعب أو حتى في طريقة التسديد. لكنه يبقى لامين يامال، مشروع نجم استثنائي بطموحات لا تعرف التوقف، وقد يتجاوز أسلافه إن واصل هذا المسار.


في موسمه الأول، قاد فليك الفريق إلى ثلاثية محلية، وبلغ نصف نهائي دوري الأبطال، حيث خرج بشق الأنفس أمام إنتر ميلان، لكنه نجح في استعادة هيبة البارسا، وفتح أبواب الحلم من جديد. اليوم يحتفل، وغداً يبدأ موسمه الثاني بأهداف جديدة وطموحات أكبر، مدركاً تماماً أن التحديات ستزداد، وأن خصومه لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام نجاحاته.


البارسا يعود، لكن هذه المرة بأسماء شابة تحمل راية المجد القادم. مشروع يمتد لسنوات، وقد يعيد برشلونة إلى قمة المجد في فترة ذهبية تلوح في الأفق.