بعد يوم من إطلاق عملية «عربات جدعون» في قطاع غزة في ظلّ تعثر مسار المفاوضات حول هدنة في القطاع، تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أن بلاده تخوض «قتالاً ضخماً وشرساً» في غزة، متوعّداً بأن إسرائيل ستسيطر على القطاع بالكامل وتمنع حركة «حماس» من «نهب» المساعدات، رغم تزايد الضغوط الدولية، خصوصاً الأميركية، التي أجبرته على رفع الحصار المفروض على دخول المساعدات إلى القطاع عبر السماح بإدخال عدد من الشاحنات المحملة بالأغذية إلى غزة أمس. وتعهّد بتحقيق «نصر كامل» يسفر عن تحرير من تبقى من الرهائن والقضاء على «حماس»، فيما ذكر أن أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، الذين وصفهم بأنهم «أعز أصدقائنا في العالم»، أخبروه بأن مشاهد الجوع في غزة تستنزف الدعم اللازم لبلاده وتُقرّب إسرائيل من «خط أحمر قد نفقد عنده السيطرة».
وبينما طالبت 22 دولة، إسرائيل، بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة فوراً وبشكل كامل، رأت الأمم المتحدة أن سماح إسرائيل بدخول 9 شاحنات مساعدات لغزة أمس «قطرة في محيط»، مشدّدة على ضرورة دخول المزيد من المساعدات إلى غزة اعتباراً من اليوم، لكنها أوضحت أنه «تلقينا تطمينات بتسهيل عملنا في غزة من خلال الآليات القائمة»، مؤكدة أنه «يجب أن يكون تدفق المساعدات إلى غزة منتظماً للحد من النهب».
وذكر مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن القطاع بحاجة إلى 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يومياً، محمّلاً إسرائيل والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن «الجرائم الإنسانية المتواصلة»، في حين كشف وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أنه ستجري مراقبة شاحنات المساعدات بطائرات مسيّرة، متوعّداً بأنه إذا استولت «حماس» على شاحنة، «فسنطلق النار» عليها.
في السياق، كشفت «القناة 12» الإسرائيلية أن قرار إسرائيل إدخال المساعدات لغزة يعد جزءاً من المفاوضات الأميركية مع «حماس» التي أدّت إلى إطلاق سراح الرهينة الأميركي - الإسرائيلي عيدان ألكسندر، موضحة أن «أميركا تسعى إلى ممارسة ضغط من أجل التوصّل إلى اتفاق لتحرير الرهائن وإنهاء الحرب»، في وقت أفاد فيه موقع «أكسيوس» بأن نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس وفريقه اعتقدوا السبت الفائت بأن هناك احتمالاً للتوصّل إلى صفقة تبادل قريباً ولذلك رغب بزيارة إسرائيل، لكن بعدما تبيّن أن الوصول إلى اتفاق بعيد المنال، قرّر فانس عدم زيارة إسرائيل. بالتوازي، كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن الوفد الإسرائيلي سيبقى في الدوحة «حتى لا تتم الإساءة للأميركيين» طالما بقي وفد «حماس» هناك، موضحة أن فرصة التوصّل إلى اتفاق موجودة، لكنها ضئيلة ولا يوجد تقدّم حتى الآن.
ميدانياً، طالب الجيش الإسرائيلي سكان محافظة خان يونس بأكملها، ومنطقتي بني سهيلا وعبسان في جنوب غزة، بإخلائها والتوجه نحو منطقة المواصي استعداداً لشن «هجوم غير مسبوق» على تلك المناطق، موضحاً أن خان يونس ستعتبر «منطقة قتال خطرة». وأكد أن قواته تواصل تنفيذ عملياتها في غزة ضمن إطار عملية «عربات جدعون»، مشيراً إلى أنه شنّ خلال الساعات الـ 24 الماضية غارات على أكثر من 160 هدفاً في أنحاء القطاع. وذكرت قناة «الجزيرة» أن 71 فلسطينياً قتلوا من جرّاء الغارات الإسرائيلية في أنحاء غزة أمس.
إلى ذلك، تحدّثت تقارير عن تفاصيل عملية تسلّل لقوّة خاصة إسرائيلية تنكّر أفرادها كنازحين غزيين إلى مدينة خان يونس بهدف اختطاف أحمد سرحان، مسؤول العمل الخاص في «ألوية الناصر صلاح الدين»، الجناح المسلّح لـ «لجان المقاومة الشعبية»، الذي اشتبك مع القوّة الخاصة، ما أدّى إلى مقتله. وتحت غطاء ناري كثيف، انسحبت القوّة الإسرائيلية من المكان بعدما اختطفت زوجة سرحان وطفله، حيث رجّح خبراء أمنيون أن تل أبيب تعتقد بأن سرحان لديه صلات مع خلايا تحتفظ بعدد من الرهائن، أو لديه معلومات في هذا الشأن. واعتبرت «حماس» أن العملية «فشل جديد للجيش الفاشي وقيادته الإرهابية»، مطالبة المجتمع الدولي بإدانة «جريمة اختطاف زوجة سرحان وطفله وبالتدخل الفوري لحمايتهما والإفراج عنهما».
دبلوماسياً، ندّدت السعودية بإعلان إسرائيل شن عملية برّية موسّعة في غزة، معتبرة أن هذه التصرّفات تتعارض مع إرادة المجتمع الدولي، وتحول دون تحقيق فرص السلام والاستقرار في المنطقة. بالتزامن، توعّد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا في بيان مشترك باتخاذ «إجراءات ملموسة»، بما في ذلك فرض عقوبات محدّدة الهدف، إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري في غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات، مؤكدين معارضتهم أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية. كما أبدوا تصميمهم على الاعتراف بدولة فلسطينية، فيما اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لاين أن الوضع الإنساني في غزة «غير مقبول»، داعية إلى توصيل المساعدات إلى المدنيين في القطاع فوراً. وطالبت مدريد باستبعاد إسرائيل من الفعاليات الثقافية الدولية مثل مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) بسبب حملتها العسكرية على غزة.