راشيل علوان

احتجاجات لوس أنجليس و "التشريع الكبير"

هل يلعب ترامب على وتر الفوضى لتمرير أجندته؟

الحرس الوطني بات يواكب سلطات إنفاذ القانون لحمايتها (رويترز)

أربعة آلاف جندي من الحرس الوطني الأميركي إضافة إلى 700 جندي من المارينز باتوا في مدينة لوس أنجليس التي هزّتها احتجاجات وأعمال عنف وتخريب. وها هو الرئيس الأميركي ترامب الحازم وغير المنضبط في كثير من الأحيان، يلوّح بتفعيل "قانون التمرّد" الفدرالي النائم في درج المكتب البيضوي منذ عام 1992. هذا القانون يعطي الرئيس سلطة تعبئة الحرس الوطني أو القوات المسلّحة في حال وجود تمرّد أو عندما تعجز السلطات المحلّية عن تنفيذ القوانين الفدرالية أو ضمان الأمن العام.


غير آبه لا بالانتقادات ولا بالاعتراضات على قراره، تحدّى ترامب سلطة حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم بإرسال الحرس الوطني والمارينز إلى لوس أنجليس، متسلّحاً بعزمه على "تحرير لوس أنجليس" من "مثيري الشغب" و "المتمرّدين". إلّا أن ما يثير الاهتمام هنا ليس فقط مطالبة ترامب بإجراءات أمنية مشدّدة، بل التوقيت والنية السياسية المحتملة خلف هذه الدعوات.


يسعى ترامب إلى تمرير ما يُسمّيه "القانون الكبير الجميل"، الذي يشمل خفض الضرائب. هذا القانون الذي أقرّه مجلس النواب بغالبية ضئيلة، يسلك طريقه إلى مجلس الشيوخ محمّلاً بالكثير من الانقسامات حوله، حتى بين الجمهوريين أنفسهم من هم متردّدون في السير بهذا القانون المثير للجدل.


ومع تصاعد احتجاجات لوس أنجليس، هناك من يرى أن ترامب يحاول استغلال مشاهد الفوضى للضغط في اتجاه تمرير مشروع قانونه الكبير، وحضّ الجمهوريين المتردّدين على قاعدة "إمّا أن تدعموا مشروع "القانون الكبير الجميل"، وإمّا ستتعرّضون للهجوم بتهمة دعم محتجّي لوس أنجليس"، وفق ما كشف موقع "أكسيوس" الأميركي.


ومع تزايد حدّة الاستقطاب السياسي وحوادث لوس أنجليس، يبدو أن ترامب يعيد تدوير استراتيجيته المعهودة: اللعب على وتر الخوف من الفوضى، وتقديم نفسه باعتباره رجل "القانون والنظام". وهو بلا شكّ عازم على تمرير مشروع قانونه الكبير محور أجندته في ولايته الثانية، وسيُعدّ إقراره انتصاراً سياسياً كبيراً. إلّا أنّ هذا القانون الذي يعدّ خليطاً متفجّراً من التخفيضات الضريبية، وتشديدات الهجرة، وزيادات في الإنفاق الدفاعي، يظلّ محاصراً داخل دهاليز الكونغرس، كما أنّ الطريق أمامه مليء بالمطبات. أوّلها الديمقراطيون، الذين وصفوا المشروع بأنه "أجندة جمهورية متطرّفة"، مؤكدين استعدادهم الكامل لمواجهته، هذا فضلاً عن النخبة الجمهورية التي لا تزال متخوّفة من إقرار هذا التشريع.


الرئيس الأميركي الذي يلعب بحسابات الربح والخسارة، يدرك جيّداً هذه المطبات، لذلك هو يدفع بكلّ قواه خلال هذه الفترة لتذليل كامل العقبات وتحقيق مبتغاه. حتى أن البعض يرى في أعمال الشغب في لوس أنجليس فرصة سياسية كبيرة له، وأفضل تسويق لمشروع "القانون الكبير الجميل" على الإطلاق.


في النهاية، تمكّن ترامب من تجاوز تحفّظات الجمهوريين على "القانون الكبير" في مجلس النواب، وهو أمام اختبار عسير في مجلس الشيوخ، فهل تمنح مشاهد الشغب والفوضى في لوس أنجليس، ترامب، فرصة مثالية لتمرير "الصفقة الكبرى"؟