خالد أبو شقرا

مبادرة غرفة بيروت "الترميمية" تعوزها الشفافية

10 تشرين الثاني 2020

02 : 01

تركيب الواجهات الزجاجية للمؤسسات المتضررة من انفجار المرفأ
بعد مضي فترة على إنفجار المرفأ أطلقت غرفة بيروت وجبل لبنان مبادرة لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة غير القادرة على إصلاح الأضرار التي لحقت بها. ولأن "العين بصيرة واليد قصيرة" حُصرت التقديمات بالزجاج والألمنيوم. بيد أن المبادرة التي لاقت إقبالاً كثيفاً من المؤسسات المتضررة من جل الديب وبصاليم شمالاً، مروراً ببيروت، ووصولاً حتى الأوزاعي جنوباً، أثارت علامات استفهام حول الطريقة التي تدار بها العملية.





جزء من التكاليف تأمّن من الهبات، حيث أعلن رئيس الغرفة محمد شقير عن وصول مستوعبات من الزجاج والألمنيوم على شكل هِبة، من مصر والإمارات. فيما قال إن الغرفة ستتكفل بتأمين بين 20 و25 مستوعباً من الزجاج. وقد خصصت "الغرفة" للمبادرة حيزاً خاصاً على موقعها الالكتروني، يُظهر أسماء مقدمي الهبات ونوعية الهبات وحجمها وأسماء المؤسسات التي استفادت منها. وبالفعل فان زيارة الموقع تُظهر بحسب آخر التحديثات وصول مستوعبين من الزجاج قياس 8 و10 ملم بتاريخ 12 آب. وثلاثة مستوعبات قياس 5.5 و8 و10 ملم بتاريخ الأول من أيلول. كما تظهر الجردة أيضاً بدء تغيير الواجهات الزجاجية بتاريخ 16 آب وأن الغرفة توقفت مرحلياً عن استلام الطلبات بسبب الكثافة، ولاتاحة الفرصة أمام فريق العمل درس الطلبات وفرزها.

الشراء لم يتم عبر المناقصة

إنما ما لا يظهره الموقع ولا التعليقات الصحافية هو طبيعة اللجنة أو الفريق الموكل إليه مهمة الشراء ومهمة التنفيذ، والتي تقدر بحسب شقير بين 20 و25 مستوعباً من الزجاج، وإن كانت قد وضعت دفتراً للشروط يحدد الكمية المنوي شراؤها، وفتحت الباب أمام المناقصة للحصول على أفضل العروض وأدنى الأسعار. وبحسب احد المصادر فان "الغرفة لم تعمد إلى مثل هذه الآلية لتنفيذ مبادرتها، بل أوكلت مهمة الشراء والتوزيع لمرافق وسائق رئيس الغرفة وإلى بعض المقربين من شقير. الأمر الذي بدأ يطرح علامات استفهام حول مدى الشفافية عند بعض أعضاء الغرفة. خصوصاً أن هذه الطريقة لا تضمن الشفافية، وتعرض الفواتير لإمكانية التلاعب في مجال الشراء وفي مجال التركيب، من دون أن تكون هناك إمكانية للمحاسبة والمساءلة. وقد تصبح بعد تنفيذها أمراً واقعاً لا يمكن تغييره".

المنتسبون سيتحملون جزءاً من التكلفة

بالعودة إلى موقع الغرفة الإلكتروني الذي وُعد الرأي العام بنشر كل المعلومات عليه، يظهر ان الشركات المتبرعة أو المؤسسات الراعية هي ثلاث: مجموعة قصعة وقد قدمت 2.5 طن من المعجونة و 2.5 طن من الدهان. مجموعة تيني للأخشاب قدمت 50 باباً خشبياً. وغرفة التجارة في زحلة قدمت مساهمة مالية بقيمة 10 آلاف دولار، من دون أن يجري التحديد إن كانت قد دفعت نقداً أو بشيك مصرفي، وفي هذا فرق كبير في القيمة الحقيقية للهبة. على الجانب الآخر يظهر ان "الغرفة" رممت بالفعل واجهات محال ومؤسسات، وقد تم نشر صورها على الموقع أيضاً. وهنا يطرح أيضاً أكثر من سؤال إن كانت المواد من زجاج وألمنيوم قد قدمت مباشرة للمستفيدين أو ان "الغرفة" قد تعاقدت مع متعهد لتنفيذ المهمة. وبهذه الحالة من هو هذا المتعهد؟ وكم تبلغ تكلفة العقد الموقع معه؟ ومن أين ستأتي الغرفة بملايين الدولارات ثمناً للبضاعة وتركيب الواجهات؟ وبحسب المصدر فان "التكلفة تؤخذ من موازنة الغرفة أي من اشتراكات المنتسبين. وهنا يصبح لكل دولار أو ليرة تُدفع أهمية كبيرة، نظراً لارتفاع الكلفة من جهة، ورزوح مختلف المؤسسات الصناعية والتجارية والزراعية تحت أعباء مادية تهدد بإقفالها من جهة أخرى. فتكلفة المتر الواحد من الألمنيوم تتراوح بحسب تعميم وزارة الإقتصاد والتجارة بين 750 ألفاً و1035000 ليرة لبنانية تضاف إليها 10 في المئة إجرة تركيب. فكيف الحال إذاً مع آلاف الأمتار الواجب تأمينها، عندها ستصبح التكلفة باهظة. وفي ظل ما تعانيه المؤسسات من ضائقة مالية فإن هذه المبادرة على أهميتها تتطلب أقصى درجات الشفافية والدقة والحوكمة الرشيدة. وهو ما لا يظهر أن الغرفة تعيره أي إهتمام.

السؤال المطروح بحسب المعنيين هو انه "طالما أن رئيس الغرفة يدعي الحرص على الشفافية، فلماذا لم يشكل لجنة من مجلس إدارة الغرفة ومن رجال أعمال مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة؟ وكيف يفسر إيكال مثل هذه المهمة إلى سائقه وإلى عاملين مقربين جداً منه وهما من خارج الغرفة؟ فأين هي الشفافية في العمل وفي التعاطي؟ وأين هي وزارة الإقتصاد والتجارة مما يجري، أليس من واجبها وضع يدها على هذا الملف والتدقيق في ما يجري، سيما وأنها -أي الوزارة- هي وصية على الغرفة؟