رمال جوني -

الحياة عادت إلى النبطية... والإقفال ضاعف الخسائر

1 كانون الأول 2020

02 : 00

إزدحام غير مسبوق

على مضضٍ، عاود الطلاّب نشاطهم المباشر مع التعليم، كلّوا وملّوا التعليم عن بعد، حملوا حقائبهم المدرسية، تسلّحوا بالكمّامة ووسائل التعقيم وحضروا الى مدارسهم، يرافقهم الخوف من المجهول. يجدون أنفسهم على تماس مباشر مع عدوّهم الخفيّ، ربما باتوا اكثر وعياً للمواجهة، وربّما أكثر مسؤولية. مرّ عام تقريباً على تلك الحرب، خسروا العديد من الجولات، وربحوا صحّتهم.

في يومهم الأول عاين الطلّاب واقعاً جديداً، فلا مزاح مع "كورونا"، أدرك الجميع حجم الخطر المُحدق، فالوباء لا يصيب فرداً، بات يفتك بعائلات برمّتها. أيقن الطلاب صغيرهم وكبيرهم، كذلك إدارات المدارس، أن التهاون يقابله تفشّ أوسع للوباء. من هنا، تعامل الجميع مع العودة على أنّها بداية المواجهة المفتوحة، والعين على الرابح.

توازياً، تنفّس السوق التجاري الصعداء، خرج الناس من قمقم الحجر، ربّما تصالحوا مع "كورونا"، البعض لم يلتزم الكمّامة، والآخر حمل عدّة التعقيم معه، وحدهم التجّار "ماكلينا"، فالأسعار فرقّت بينهم وبين الناس."مين قادر يشتري؟" يسأل صاحب محلّ لبيع الأحذية الشعبية في سوق النبطية، لافتاً الى أنّ الأسعار قبل الإقفال غيرها بعده، زادت الضعف وأكثر. أمام محلّه داخل السوق التجاري في النبطية وقف أبو علي يتأمّل حركة السوق. على غير عادته شهد إزدحاماً غير مسبوق لم تسجّله الأشهر الماضية، يُعيد السبب "الناس ملّت، خرجت تتأمّل الغلاء"، يدرك أنّ الناس فقدت قدرتها الشرائية ولكن "المضطرّ بدّو يشتري".

عكست حركة فتح الأسواق ارتياحاً لدى الجميع، تجّاراً ومواطنين، بالرغم من تأكيدهم أنّ "السوق مش بخير" فالأسعار حالت دون الشراء، ولكن، حسبما قال أبو علي "أفضل من اللاشيء". في محلّ مجاور لبيع الالبسة الولادية وقف نبيل، تأّفف من الحال، قائلاً: "فاتحين ومش فاتحين، خسرنا الكثير من رأسمالنا، بتنا نغير العملة لا أكثر".

يسجّل تجّار النبطية عتبهم على الدولة التي تعجز عن اتّخاذ قرارات ناجحة، فالقرار وِفق قولهم "غير موفّق، لم يلتزم به أحد"، ويردّدون مقولة "أقفلنا بالمرتين من دون جدوى، بل ارتدّت الأوضاع الإقتصادية علينا، وبتنا على شفير الإفلاس والإقفال".

إنعكس الاقفال مزيداً من الخسائر الإقتصادية على الناس، باتوا أكثر فقراً، خسروا مدخراتهم نتيجة سوء ادارة الوضع."فالإقفال يتمّ وِفق خطة واضحة تفضي الى خفض الأعداد وتستتبع بخطة اقتصادية لتنشيط عجلة السوق"، ويعتبرون "أنّ كلّ شيء في لبنان ماشي بالمقلوب". لعلّ قول حسنة، السيدة الستّينية وصاحبة محلّ لبيع الألبسة في سوق النبطية "بدل ما يكحلوها عموها" يدلّ على حجم الأزمة، هي ترى أنّ الأسعار تضاعفت مرتين والناس تهرب منها، وتضيف: "دخلنا في النفق المظلم الخطير، خصوصاً وانّنا بدأنا عصر الإنهيار، وفوق كل ذلك تجد أنها مضطرّة لتأمين أجرة المحلّ والإشتراك وغيرهما، وهي لم تنتج فلساً، فكيف ندفع؟

مع استعادة الحياة بدأت الأزمة تكرّ، ويُتوقّع أن تزداد تفاقماً مع سياسة الغلاء الجديدة التي فرضتها سلطة الدولار، فالسوق الذي كان يحتضر تجّاره قبل "كورونا" يقف اليوم أمام المنعطف الأخير، وكما يقول ابو علي صاحب محلّ للألبسة الرجالية "زهقنا"، خسر كل رأسماله وبالكاد تجد بضاعة داخل المحلّ، ومع ذلك يقول "بدنا نكمّل والّا منموت من الجوع".


MISS 3