وليد شقير

عن تفريغ الجوارير من لوائح العقوبات

2 كانون الأول 2020

02 : 00

يقول متصلون بالأوساط المصرفية اللبنانية والعربية والدولية بحكم أعمالهم وصلاتهم، إن العقوبات الأميركية المفروضة على الشخصيات المتعاونة مع "حزب الله"، أو تلك التي فرضت وستفرض على شخصيات أخرى تحت قانون "ماغنتسكي" بتهمة الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، تؤثر على سلوك المصارف المراسلة في الخارج أو تلك التي لنافذين لبنانيين أموال طائلة فيها، حيال لبنان.

وإذا كان معروفاً منذ سنوات بأن المصارف الكبرى في الخارج أخذت تضع قواعد متشددة على التحويلات من لبنان إلى معظم دول العالم، فتستعلم عن أسبابها ودوافعها وتشترط وثائق لتضمن بأنها ليست تبييضاً للأموال، فإن موجات العقوبات الأخيرة في السنة الماضية، دفعت بعض المصارف الكبرى إلى وضع قواعد جديدة على رغم أن بعضها لا يتلاءم مع القوانين العالمية، لأنها تفضل أخذ الحيطة والحذر للحؤول دون تعرضها بدورها لهذه العقوبات، بحجة تعاملها مع مَن هم على اللائحة حتى لو لم تكن أسماؤهم قد خرجت رسمياً بعد. ازداد الحذر بعد انتفاضة 17 تشرين ضد الطبقة السياسية الحاكمة، نظراً إلى أن الأزمة المالية اللبنانية التي استدعت رفع مطلب استعادة الأموال المنهوبة، وانكشاف الفجوة المالية الكبرى التي بحكم الفساد والهدر والسرقات من المبالغ التي كانت تستدينها الدولة، أو من المساعدات، وأفضت إلى تبخر أموال المودعين في المصارف، أجبرت تلك المصارف على تدابير قاسية حيال أموال بعض النافذين.

بعض هؤلاء يتحدث عن خيبة أحد القادة اللبنانيين حين حاول قبل بضعة أشهر تحويل مبلغ من حسابه في أحد أكبر المصارف الأوروبية، إلى حسابه في لبنان، إلا أن المصرف رفض الاستجابة لطلبه وحين حاول مراجعة إدارته عبر أحد مكاتب المحاماة الأوروبية مستعيناً ببنود قانونية لم تكن الاستجابة أفضل. لم يكترث المصرف إلى إمكان رفع دعوى ضده وبقي على قراره الامتناع عن التحويل.

يطال الحذر، على رغم أنه لا يشمل بيوتات المال والشخصيات اللبنانية من الأثرياء كافة، من تحريك أموال اللبنانيين أصحاب رؤوس الأموال الكبرى في بعض الحالات حتى من هم من غير السياسيين أحياناً. بعضهم رفضت مصارف في الخارج تحويل قيمة ضرائب أملاك عقارية عائدة لهم في دول أوروبية. وهناك حالات تشهد على التعامل بريبة مع فتح حسابات جديدة لمتمولين لبنانيين فيتم رفض زبائن ومودعين. وهناك حالات تفضل مصارف معينة إقفال حسابات للبنانيين فتحوها منذ بضع سنوات، سواء كانوا من المغتربين أو كانوا من الأغنياء الجدد، فيتم الإبقاء على حسابات مفتوحة لديها إذا كانت منذ عقود، ويتم رفضها إذا كانت فتحت بعد انتفاضة 17 تشرين. ولا يتسبب كل ذلك بصعوبة تحريك الأموال لأصحابها، بل يؤدي إلى إعاقة تحريك المصارف اللبنانية لهذه الأموال أحياناً. فبعض المصارف المراسلة سبق أن وقع في فخ دفع غرامات نتيجة قضايا قانونية رفعت ضدها وتفضل تجنب هذه الكأس مع لبنان. لم تعد الشروط المفروضة على الدولة اللبنانية والرقابة المطلوبة على إنفاقها سواء بحكومة من غير الحزبيين ومن الموثوقين بأنهم لن ينغمسوا بالفساد، أحد شروط المجتمع الدولي على المنظومة السياسية الحاكمة. بات القطاع الخاص الغربي يتهيأ لمزيد من العقوبات ضد بعض وجوه الطبقة السياسية، خصوصاً أنه بات معروفاً أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستقوم بإفراغ جواريرها من لائحة الأسماء التي ستشملها.