عيسى يحيى

السوق السوداء تتحكّم بالسلع الأساسية في بعلبك والمواطن الضحيّة

12 كانون الأول 2020

02 : 00

لا طحين في الأسواق ولا في معظم الأفران بمدينة بعلبك

فجأةً، وبسحر ساحر، بدأت أسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية الإرتفاع في معظم المحال التجارية في بعلبك الهرمل، بعد الحديث عن التوجّه لرفع الدعم عنها من قبل مصرف لبنان، فيما اختفت بعض المواد الأخرى، لتتحكّم السوق السوداء وأصحابها بلقمة عيش المواطن.

وكأنّه لا يكفي المواطنين الحال السيّئة التي وصلوا إليها والضائقة الإقتصادية التي يرزحون تحتها، بسبب تعنّت المنظومة الحاكمة، ورفضها تشكيل حكومة تنقذ اللبنانيين من أتون الجوع الذي يقف على أبوابهم، ليأتي خبر رفع الدعم كالصاعقة على رؤوسهم مصحوباً بالخوف من فقدان بعض الأساسيات التي يحتاجها كل بيت بقاعي ولبناني ليمضي يومياته بانتظار الفرج القريب.

معاناة لأشهر مع فقدان مادة المازوت التي يحتاجها البقاعيون في فصل الشتاء للتدفئة والزراعة، وتهريبها إلى الداخل السوري واختفائها من السوق اللبنانية خلال فصل الصيف، في وقت كان سعر الصفيحة الواحدة يتراوح بين 8 آلاف و12 الف ليرة، وهو سعر مقبول يستطيع فيه البقاعيون ملء خزاناتهم لمواجهة صقيع الشتاء القارس. وقد وصل بهم الأمر في فصل الشتاء إلى تعبئة المادة بالغالون وبسعر يفوق الـ 20 ألف ليرة لبنانية.

واليوم، جاء دور الطحين ليختفي من السوق بعد مشاورات رفع الدعم أو ترشيده في السراي الحكومي.

لا طحين في الأسواق ولا في معظم الأفران في مدينة بعلبك التي تبيع المناقيش والصفيحة البعلبكية والتي أقفلت خلال اليومين الماضيين، في وقتٍ وصل سعر كيس الطحين الواحد في السوق السوداء إلى 150 ألف ليرة، أي ضعف ما كان يباع قبل أيام وبأضعاف سعره الأساسي الذي لم يتعدّ الـ 35 ألف ليرة طوال فصل الصيف. ولأن أيام اللبنانيين باتت كالليالي السود، فلا عجب أن تتحكّم بهم السوق السوداء التي يديرها أصحاب النفوس الدنيئة، حيث يخفون السلع من أمام المواطنين لرفع أسعارها وتحقيق مكاسب وأرباح إضافية على حساب جيوب الفقراء. وفي هذا الإطار، أشار محمد سيف الدين الى "أنّ ما يشهده البقاعيون في مادة الطحين شهدوه سابقاً مع اصحاب السوبرماركت والمحال التجارية الذين أخفوا السلع المدعومة وباعوها بأسعارها الحقيقية، كذلك رفع الأسعار على أذواقهم ومن دون ضوابط، بحجّة سعر صرف الدولار، وقد أخفت محلّات بعض المواد عن رفوفها للإستفادة من رفع سعرها لاحقاً".

ولم تكن حال الطحين والمتحكّمين بالسوق أفضل من حال بائعي اللحوم المدعومة والعجول، حيث إرتفع سعر كيلو اللحمة أكثر من 6000 ليرة بين ليلة وضحاها. وقال حسن عبيد، أحد أصحاب الملاحم في بلدة دورس، "إنّ تجّار المواشي ومن يبيعون العجول لأصحاب الملاحم، وبعد الحديث عن رفع الدعم وانتهاز الفرصة لتحقيق مكاسب إضافية، بدأوا إخفاء العجول والأبقار والإدعاء بأنها قد نفدت من المزارع. وعليه يبدأ التفاوض بين الشاري والبائع حيث يضطر الشاري لدفع زيادة على السعر الأساسي لشراء ما يحتاج وبالتالي يضطر لزيادة سعر كيلو اللحمة الذي وصل إلى 42 ألف ليرة لبنانية.

وعلى خطّ رفع الصوت بوجه السلطة، وإحتجاجاً على رفع الدعم، يعود وهج ساحة المطران في بعلبك إلى الظهور، وتعود تحرّكات الثوّار مجدّداً كما في كل لبنان. وبالرغم من إزالة الخيم منها منذ أشهر إلا أنها بقيت رمزاً للثورة في المدينة. وأمس، نظّم المرصد الشعبي لمحاربة الفساد وقفة في الساحة إحتجاجاً على رفع الدعم. وأشار الناشط هادي مسلماني الى "أنّ التحرّك يأتي ضمن مسار التحرّكات التي تحدث على مستوى لبنان بشكل عام، والهدف منه هو شجب كل التجاوزات التي تحدث من سرقة المال العام، ورفع الدعم الذي يحكى عنه وفي حال تم، فالبلد قد إنتهى، ونحن نحاول رفع الصوت على مستوى المناطق لنقول إنّنا ضدّ توجّه رفع الدعم من قبل الدولة التي نعتبرها فاشلة ومنتهية".