جورج كلوني: 2020 كانت سيئة لكننا سنتجاوزها!

02 : 00

يتكلم جورج كلوني في هذه المقابلة الودّية عن السبل المتوخاة لهزيمة مجرمي الحرب وصدامه مع بوريس جونسون ونقاشاته مع زوجته أمل. كان طفلاه التوأم إيلا وألكسندر (3 أعوام) يلعبان في ملعب تنس خاص بالعائلة ويتعلمان ركوب الدراجة الهوائية خلال المقابلة. جلس كلوني في غرفة خاصة بالمونتاج في منزله في لوس أنجلوس وراح يتحقق من وضع طفلَيه في الخارج من وقتٍ لآخر.

عند سؤاله عن ميله إلى تعقب ولدَيه طوال الوقت، فيمدّ لهما ذراعيه كي يلتقطهما إذا سقطا، أجاب كلوني: "أنا أحاول أن أترك لهما مساحة كافية كي يرتكبا الأخطاء. تكثر الأشياء التي نحاول فعلها بطريقة معاكسة لما فعله أهالينا. لا يعني ذلك أن أسلوبهم كان سيئاً، لكننا ندرك طريقة تأثير تلك التربية علينا...".

يبحث كلوني دوماً عن الفكاهة والمرح وهو يجيد التعبير عن نفسه وسرد تجاربه. أمضى الزوجان كلوني معظم فترة الإقفال التام في المنزل الذي اشتراه جورج في هوليوود خلال التسعينات، حين أصبح مشهوراً للمرة الأولى عبر دوره في المسلسل الدرامي ER (غرفة الطوارئ). حين حقق كلوني نجاحاً إضافياً كممثل ومخرج وأخيراً كرجل أعمال (باع شركة تيكيلا في العام 2017 مقابل ملايين الدولارات)، طالت لائحة المنازل التي يملكها.

يضيف كلوني: "كانت هذه السنة سيئة على جميع الناس. لقد بدأت بشكلٍ سيئ واستمرت على هذا النحو طوال السنة... لكنني محظوظ جداً. كانت مسيرتي المهنية ناجحة وأنا أقيم في منزل شاسع ونستطيع أن نتنزه في الخارج". يؤكد كلوني على أنهم لم يغادروا مقر إقامتهم منذ شهر آذار الماضي لأن ابنه مصاب بالربو.

يتمحور الفيلم الجديد الذي شارك فيه كلوني لصالح شبكة "نتفلكس" حول مواضيع أساسية مثل حاجات الأولاد على المدى القصير، والتوقعات المحتملة حول وضع العالم على المدى الطويل. يحمل العمل اسم The Midnight Sky (سماء منتصف الليل) وهو من إخراج كلوني وبطولته في الوقت نفسه. يروي هذا الفيلم قصة عالم مستقبلي أصبح في طور الانهيار. يؤدي كلوني دور عالِم عالق في آخر مكان صالح للسكن على كوكب الأرض: القطب الشمالي. يضطر هناك للاعتناء بفتاة عمرها سبع سنوات تزامناً مع تجاوز الجليد الذائب بصعوبة، للوصول إلى محطة فضائية وتحذير رواد الفضاء فيها من الرجوع إلى كوكبهم المحكوم بالدمار. تكون امرأة من بين رواد الفضاء حاملاً.

إنه فيلم طويل. أراد كلوني من خلال هذا العمل أن يعبّر عن مخاوفه الخاصة، وهو يختصرها بما يلي: "يشعر الجميع بالقلق على عائلته الصغيرة وعلى مصير الكوكب كله أيضاً".

وعند سؤاله عن مسار أمسياته العائلية في الفترة الأخيرة، أجاب قائلاً: "إنها فترة مدهشة فعلاً. نحن نتكلم كثيراً. أتناول العشاء مع أمل وحدنا كل ليلة ونتكلم مثلاً عن قضية الصحافية الفلبينية ماريا ريسا وفيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر".

يعترف كلوني بأنه تصادم مع أوربان هذا الأسبوع. كان جورج منشغلاً بالترويج لفيلمه الجديد، فراح يشرح أنه اطّلع على هذه القصة المرتبطة بنهاية العالم مستقبلاً، بعد ثلاثين سنة من الآن، واعتبرها نتائج مستقبلية للأحداث الراهنة، لا سيما انتشار الوباء، والأزمة المناخية، والسياسات الشعبوية، وانهيار الحريات المدنية بالشكل الذي تُجسّده شخصيات يمينية من أمثال أوربان. مقابل هذا الكلام، أصدرت الحكومة المجرية بياناً تعتبر فيه جورج كلوني غبياً كونه أدلى بهذا الموقف في وقت غير مناسب.

يردف كلوني قائلاً: "تستعمل أمل هذا التقييم لمعرفة وضع العالم اليوم. يدخل الأشخاص الذين يفضحون الجرائم والفساد إلى السجن بينما يبقى مرتكبو الجرائم أحراراً. إنه زمن مثير للاهتمام فعلاً وأظن أن التشاجر مع أشخاص من هذا النوع يستحق العناء. من الشائك أن نربّي الأطفال وسط هذا الجنون كله، لذا أريد أن أخبر أولادي بالأمور التي قمنا بها للتصدي للمشاكل القائمة في هذه المرحلة من التاريخ. لا أريد أن يشعر ولداي بالفخر بي فحسب، بل أطمح إلى تحسين عالمهما أيضاً".

نشأ كلوني في ولاية كنتاكي. كانت عمّته روزماري مغنية وممثلة معروفة شاركت في فيلمWhite Christmas (عيد الميلاد الأبيض). وكان والده نيك مذيعاً على الراديو والتلفزيون. في العام 1968، حين كان كلوني في عمر السادسة تقريباً، ذُكِر اسمه بين الطاقم العامل وراء الكوليس في برنامج والده التلفزيوني. يتذكر كلوني تلك التجربة قائلاً: "حين قررتُ أن أنتقل إلى لوس أنجلوس كي أحاول الانخراط في مجال التمثيل، قال لي والدي: "أنت تتخلى عن تعليمك""! لكن قرر جورج الشاب الذهاب إلى هوليوود في مطلق الأحوال. إذا جاء إليه ولداه يوماً وأخبراه بأنهما اتخذا قرارات جريئة من هذا النوع، ماذا ستكون ردّة فعله؟ يجيب كلوني: "أتمنى أن يسمح لي وضعي حينها بأن أقول لهما: "حسناً، يمكنكما أن ترتكبا الأخطاء بنفسَيكما".

كان كلوني يعمل كثيراً حتى العام 2013. انتهى زواجه الأول قبل سنوات، خلال التسعينات تحديداً، أي قبل أن يشتهر بفضل مسسلسل ER. ثم بقي عازباً في معظم سنوات نجاحه المهني وكان هوسه بعمله كبيراً. يقول جورج: "كنت أوافق على المشاريع لأنني شعرتُ بأني أحتاج إلى ضمان استمراريتي ومتابعة العمل. لكن تغيّر كل شيء حين تزوجتُ من أمل".





يروي كلوني قصة أخرى عن الأسابيع الأولى من علاقته مع أمل، في شباط 2014. كان موجوداً حينها في بريطانيا للتناقش حول فيلم جديد أخرجه وشارك في كتابته بعنوان The Monuments Men (رجال الآثار)، عن جنود كُلّفوا في نهاية الحرب العالمية الثانية بحماية أعمال فنية أوروبية قيّمة جداً من اللصوص النازيين. في تلك الفترة، تكلم كلوني بكل براءة عن احتمال أن تعيد بريطانيا رخام البارثينون إلى اليونان. يضيف كلوني: "في تلك اللحظة، قارنني رئيس الوزراء البريطاني الحالي بأدولف هتلر. لا يزال موقفه يضحكني حتى الآن. لقد قال إن تعليقاتي عن ذلك الرخام تجعلني سارقاً للأعمال الفنية بقدر هتلر. كان إقدام سياسي بريطاني بارز على مقارنتي بشخصية نازية وضعاً مدهشاً بالنسبة لي لأنني كنت أتواعد سراً مع أمل حينها. لم يعرف أحد بذلك. حصلت ضجة كبيرة بسبب ما قلتُه وكنت أتناول العشاء مع أمل في تلك الليلة". من باب الصدفة، كانت أمل المحامية المُكلّفة بالدفاع عن اليونان لاسترجاع ذلك الرخام. تابع كلوني قائلاً: "قالت لي في تلك الليلة إنها تعمل على تلك القضية وكشفت لي عن تفاصيل يمكنني قولها علناً، فأخبرتني عن أحكام اليونسكو وقدّمت لي جميع المعلومات التي أحتـاج إليها. وحين تكلّمتُ عن هذه المسألة لاحقاً، كنت مسلّحاً بالوقائع. كان الوضع مدهشاً"!

يبدو أن نقاشهما حول بوريس جونسون وهتلر في تلك الليلة يشكّل نموذجاً يُحتذى به خلال محادثاتهما العائلية في فترة الإقفال التام بعد مرور سبع سنوات. هكذا واجه جورج وأمل الفاسدين والمتنمرين حول العالم. سرعان ما قررا الزواج في إيطاليا في أيلول 2014.

هل يدين كلوني إذاً بزواجه وولدَيه وكل ما لديه اليوم لبوريس جونسون؟ يجيب قائلاً: "نعم، طبعاً! هل يُفترض أن أكتب له رسالة شكر؟ سأرسلها له مع مشط للشعر"!

أنشأ كلوني مع أمل مؤسسة في العام 2016 لمحاسبة شخصيات دولية انتهكت حقوق الإنسان. يعترف كلوني بأنه لم يشارك في أفلام كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية لهذا السبب تحديداً: "لم أعد أعمل في مجال الأفلام بقدر ما أعمل على تحسين الحياة. كانت مطاردة بعض مجرمي الحرب تجربة ممتعة جداً".

تحاول هذه المؤسسة تحقيق أهداف عدة، منها تسهيل فرض العقوبات المالية على المستفيدين من جرائم الحرب. يشرح كلوني التفاصيل قائلاً: "لدينا خبراء في المحاسبة الجنائية كانوا يعملون في مكتب التحقيقات الفدرالي وهم مكلّفون بإيجاد تلك الحسابات المصرفية غير القانونية التي تعود إلى أشخاص يُفترض أن يحموا شعوبهم لكنهم يستغلون الوضع فيما تتعرض تلك الشعوب للقتل! من المدهش أن نتمكن من تجميد جميع حساباتهم ونجعلهم يفلسون فجأةً".

نظراً إلى أهمية الخطوات التي اتخذتها المؤسسة حديثاً لتسهيل محاكمة مجرمي الحرب في دارفور وغداة صدور نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة، يقول كلوني إنه يشعر بتفاؤل إضافي حول المستقبل. خلال التسعينات، كان كلوني يشاهد دونالد ترامب في احتفالات نيويورك: "كنت أعرف أنه من النوع الذي يتساءل طوال الوقت عن أسماء النادلات في الحفلات ويريد أن يعرف إذا كنّ مرتبطات. هذا ما كان عليه بكل بساطة... حرفياً! وحين أصبح هذا الرجل رئيساً للبلاد، شعرتُ بأن العالم اتخذ منحىً جنونياً. في ظل تغيّر الوضع اليوم وغداة انتخاب جو بايدن، لا مفر من أن يتجدد الأمل. بعد أربع سنوات من المواقف الأميركية الجنونية في مختلف المجالات، بدأ الوضع يسترجع مساره الطبيعي".

في نهاية هذه المقابلة الممتعة، وجّه جورج كلوني كلمة أخيرة فقال: "كانت هذه السنة سيئة فعلاً لكننا سنتجاوزها. أنا مقتنع بذلك من كل قلبي. لولا هذا التفاؤل، كيف يُعقَل أن نربّي أولادنا في هذا العالم؟ سنتخطى هذه المصاعب حتماً وأنا أؤمن بأن الوضع سيتحسن في المرحلة المقبلة".


MISS 3