أكرم حمدان

إقتراح وقف المادة 80 من الموازنة...

لعب على حافّة الهاوية

28 آب 2019

01 : 52

من جلسات مناقشة الموازنة (رمزي الحاج)

بمعزل عن التطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد على المستويين السياسي والأمني بعد العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية والبقاع وعلى المستوى الإقتصادي - المالي بعد صدور تقريري "فيتش" و"ستاندرد أند بورز" لتصنيف لبنان الإئتماني، فهناك العديد من الملفات الأخرى التي طويت مرحلياً وتنتظر العودة لنقاشها وهي ملفات خلافية إلى حد كبير بين القوى السياسية ومكونات الحكومة نفسها.

ومن هذه الملفات إقتراح القانون المعجل المكرر، الذي تقدّم به تكتل "لبنان القوي" حول إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 80 من قانون الموازنة الأسبوع الماضي والذي جاء معطوفاً على رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى البرلمان التي طلب فيها تفسير المادة 95 من الدستور .

وإذا كانت نتائج طلب تفسير المادة 95 من الدستور تنتظر الجلسة التي حدّدها رئيس مجلس النواب نبيه بري لهذه الغاية في السابع عشر من شهر تشرين الأول المقبل، فإن اقتراح القانون الذي وقعه عشرة نواب من تكتل "لبنان القوي" يتقدمهم وزير الخارجية جبران باسيل، سينتظر أيضاً تحديد مساره من الرئيس بري لجهة إحالته إلى اللجان المختصة أم وضعه على جدول أعمال أي جلسة تشريعية سيُحددها.

ويرمي الإقتراح إلى إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 80 من قانون الموازنة والموازنات الملحقة للعام 2019 المتعلقة بوقف التوظيف والتعيين والتعاقد في الإدارات والمؤسسات العامة، إضافة إلى إسقاط حق الناجحين في التوظيف في امتحانات مجلس الخدمة المدنية بذريعة أن المهلة القانونية المحدّدة بسنتين لحفظ حقهم قد سقطت.

وكانت المادة 80 نصت على التالي: "يحفظ حق الناجحين في المباريات والإمتحانات التي أجراها مجلس الخدمة المدنية بناءً على قرار مجلس الوزراء وأعلنت نتائجها حسب الأصول بتعيينهم في الإدارات المعنية". وهي مادة أثارت جدلاً بين الأفرقاء السياسيين، واعتبر تكتل "لبنان القوي" أنها تُشكل خللاً بالتوازنات الطائفية والتفاهمات.

وفي محاولة لقراءة المواقف تجاه هذا الإقتراح، فإن بعض النواب والكتل، رأى أن الوقت ليس مناسباً الآن للتعليق عليه، فيما وصفه آخرون بأنه حق ديموقراطي لأي كتلة، بينما شكك فريق بإمكانية أن يمر في حال طُرح على جدول أي جلسة مقبلة لمجلس النواب.

النائبة بولا يعقوبيان قالت لـ"نداء الوطن": "على الرغم من أن كل شيء ممكن في هذا البلد لكني أشك بأن يمر هذا الإقتراح الذي ينطلق من محاولات مستمرة للأسف بالإيحاء للمسيحيين بأنه هكذا نرد الحقوق أو نحافظ عليها، بينما الحقوق تعود مع بناء الدولة والمؤسسات وتحقيق الإزدهار والتخفيف من التلوث البيئي وتأمين مقومات الحد الأدنى للعيش الكريم بدلاً من دفع الشباب إلى الهجرة مسيحيين وغير مسيحيين، لذلك لن تجدهم لكي يكونوا حراس أحراج مثلاً". وأضافت: "إن دغدغة العواطف ليست لتحصيل حقوق الناس وإنما لتحقيق الشعبوية الرخيصة والآنية التي تتحول على المدى الطويل إلى كراهية متبادلة بين الناس، والمصيبة أننا أمام طبقة سياسية لا تعيش إلا على تغذية الروح الفئوية ونغمة الحقوق والتعصب والتطرف التي تبقيها على قيد السياسة وتقتل الوطن".

أما عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب أدي أبي اللمع فقال لـ"نداء الوطن": "لن ندخل في سجال حول هذا الأمر وبما أن رئيس الجمهورية طلب تفسير المادة 95 من الدستور ورُبط هذا الملف بها، فإننا نفضل أن ننتظر مناقشات هذه الجلسة وما سينتج عنها لاتخاذ موقف من ملف التوظيف والتوازن في إدارات ومؤسسات الدولة ككل، مع التذكير بموقفنا المبدئي المتمسك بالكفاءة".

واعتبر عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدالله لـ"نداء الوطن" أنّ "هذا الإقتراح وغيره هو حق ديموقراطي لكل كتلة نيابية ولكن تم تشكيل لجنة فرعية له خلال مناقشات لجنة المال لمشروع الموازنة وتم التصويت على البند بالإجماع، ورغم ذلك فمن حق أي كتلة أو نائب أن يغيّر رأيه في ملف معين".

وأمل عبدالله "عدم الوصول إلى طرح قضايا خلافية على هذا المستوى بعدما تمّ ربط الأمر بتفسير المادة 95 من الدستور، على جدول أي جلسة عامة، خصوصاً في هذه الظروف السياسية الخارجية الحساسة والإقتصادية للبلد، فنحن بأشد الحاجة لكل ما يجمع داخلياً".

بدوره، وصف عضو المكتب السياسي في تيار"المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش هذه الخطوة بأن فيها نوعاً من الخبث خصوصاً ربطها بالمادة 95 من الدستور.

وقال لـ"نداء الوطن": "هكذا طروحات ستُذكر الجميع بالعدد ونحن ككتلة لن نمشي مع هذا الإقتراح في حال طرحه في المجلس ولا أعتقد أن كتلة الرئيس نبيه بري ستمشي ولا حتى "حزب الله"، وبالتالي فهو في أحسن الأحوال سينال نحو 40 صوتاً في حال الإنقسام الطائفي في التصويت، وطرحه أصلاً من قبل الوزير جبران باسيل يأتي ضمن أسلوبه في اللعب على حافة الهاوية، فإذا لم ينجح يقول بأنه الحريص على حقوق المسيحيين وهو القادر على جمعهم في حال كانوا موقفاً موحداً في التصويت، وإذا لم يقفوا معه يتهمهم بالتخلي عن الحقوق وفي كلا الحالتين يبيعها للشارع المسيحي".

في المحصلة، هناك من يبدي قلقه حيال الأبعاد السياسية غير المرئية لمثل هذا الإقتراح، خصوصاً إذا أُريد منه وقف توظيف المسلمين في القطاع العام في مقابل حصره بالمسيحيين بذريعة أن المسح الشامل لهذا القطاع أظهر وجود خلل في مجموع أعداد الموظفين لغير مصلحة المسيحيين، وبالتالي لا بد من تداركه بإلغاء المادة 80 إفساحاً في المجال أمام توظيف دفعات جديدة من فئة واحدة.


MISS 3