رفيق خوري

معارك "مسيّرة" بالسياسة: تغيير طابع الإشتباك قبل القواعد

28 آب 2019

10 : 10

ليس أهم من مواجهة الإعتداء الإسرائيلي بموقف وطني واحد سوى الرد الوطني الواحد. الموقف جاء بالإجماع على إدانة الإعتداء بطائرتين مسيّرتين في الضاحية الجنوبية. ومن الصعب كالعادة أن يكون الرد واحداً، وإن بحث المجلس الأعلى للدفاع في الرد على ما وصفه الرئيس ميشال عون بأنه "إعلان حرب". فالذهاب إلى مجلس الأمن "أمر إيجابي" في نظر السيد حسن نصرالله، لكنه لا يحول دون قيام "المقاومة الإسلامية" برد عسكري "مفتوح زمنياً". والعمل "الخطير جداً" في حسابات "حزب الله" ليس فقط الخرق النوعي للسيادة والقرار 1701 حسب السلطة بل أيضاً تغيير قواعد الإشتباك في سوريا.

ذلك أن السيد نصرالله استبق أي تحرك رسمي بإعلان ثلاثة عناوين للرد. أولها إسقاط الطائرات المسيرة بعد اليوم. وثانيها الرد على استهداف مقاتلي "الحزب" في سوريا "من لبنان لا من مزارع شبعا". وثالثها نهاية زمن الغارات الإسرائيلية من دون رد على الجبهة الداخلية للعدو. وليس واضحاً إن كان الهدف في هذه المرحلة هو فرض العودة إلى ما كانت عليه قواعد الإشتباك أو فرض التغيير من الجانبين. إذ لا قراءة واحدة في دعوة من يريدون التهدئة إلى الحديث مع أميركا التي لا يمونون عليها للضغط على الإسرائيليين "كي ينضبوا".

لكن الواقع أن ما تغير هو الطابع الجيوسياسي للإشتباك، لا فقط قواعده. فما كان صراعاً بين مقاومة واحتلال هو حالياً حرب في سوريا وصراعات في العراق وحرب في اليمن وصراع فلسطيني-اسرائيلي، وكلها في إطار اللعبة الكبيرة الدائرة بين أميركا وإيران. وما كان جبهة مفتوحة بين لبنان وإسرائيل أغلقها القرار 1701 هو الآن جبهة موحدة يراد فتحها ضد إسرائيل في الجنوب والجولان وغزة، مرتبطة بالمعارك في سوريا والعراق واليمن ضمن حرب المشروع الإيراني وعليه. وفي هذه اللعبة الكبيرة، فإن مزارع شبعا تفصيل، ولبنان نفسه تفصيل. والصراع العربي والإسرئيلي تفصيل. ومع اللاعبين الأميركي والإسرائيلي والإيراني، جاء اللاعبان الروسي والتركي.

والكل يعرف الهامش الذي تتحرك خلاله قرارت الإشتباك. إسرائيل تضرب ضمن حسابات الجيش التكتيكية وحسابات نتنياهو الإنتخابية من دون الإقتراب من حدود الحرب الشاملة التي ليس هذا وقتها إسرائيلياً وأميركياً. و"محور المقاومة" يضرب في حدود تعزيز "الردع" من دون التسبب بحرب شاملة ليست على جدول الأعمال في إيران ولدى "حزب الله". وأميركا تلعب على الوقت. وروسيا تحذر من التورط في حرب. والكل في معارك "مسيّرة" بالسياسة.

والخطأ الكبير في الحسابات لدى أي طرف، قاتِل.


MISS 3