الحلو: نأمل تأليف حكومة تخفف آلام اللبنانيين وتعيد بناء لبنان

13 : 12


فيما نودع سنة 2020 بكل أوجاعها، وبعد أن دخل لبنان في المجهول بعد انهيار قطاعه المصرفي الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد، وهوت العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي، وتسجيل إفلاس مئات المؤسسات والشركات وارتفاع نسب البطالة وارتفاع عدد الفقراء الى أكثرمن 60 في المئة من السكان، وهجرة آلاف الأطباء والممرضين وخريجي الجامعات، فضلاً عن الكارثة التي حلت في العاصمة بيروت بعد الانفجار المروّع الذي وقع في المرفأ يوم الرابع من شهر آب الماضي، وأدى إلى تدمير نصف العاصمة.

من هذه الصورة القاتمة التي تخيم على لبنان، يقييم نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية مارون الحلو سنة 2020 المشرفة على نهايتها فماذا يقول:

"لم تكن سنة 2020 سنة عادية، فقد حملت في أيامها أحداثاً كارثية منها تدني القيمة الشرائية للنقد الوطني بشكل مفجع، وحجز ودائع المواطنين في المصارف، ورافق ذلك تعاميم مصرفية جائرة... ولعل أعظم الكوارث كان تفجير مرفأ بيروت في 4 آب.

وإذا دخلنا في عرض أحداث هذا العام نجد أن الأزمة السياسية هي السبب الرئيسي في كل ما آل إليه الوضع. إذ لم تتمكن أي حكومة من إدارة رشيدة للبلد تنقذه من الانهيار في كل قطاعاته الاقتصادية والإنتاجية، بل العكس فقد ساهمت بدفعها إلى التدهور والإفلاس حيث شهدنا إقفال العديد من المؤسسات والشركات، مما رفع نسبة العاطلين عن العمل إلى أكثر من 50 في المائة، ونسبة الفقر إلى أكثر من 60 في المائة.

أضاف الحلو"خلال هذا العام وأمام هذا الواقع المؤلم، كنا دوما نأمل ومع كل محاولة لتشكيل حكومة جديدة أن يحصل اختراق لجدار الأزمة السياسية بولادة حكومة إنقاذ من اختصاصيين لتكون مع حلول الأعياد المجيدة بريق أمل للبنان واللبنانيين. لكن ذلك لم يتحقق، وبقي عدم الاستقرار ملازماً ليومياتنا والخوف من حصول مستجدات أمنية ما زال قائما.

في أي حال فإنني ما زلت آمل بنجاح المبادرة الفرنسية كي تفتح كوة في جدار الأزمة السياسية بحيث تقلب المشهد السياسي من السوداوية إلى الإيجابية، ويتم تشكيل حكومة تضم أشخاصاً لديهم الكفاءة والخبرة والقدرة والمعرفة ونظافة الكف وتكون بعيدة عن النزاعات السياسية التي تعطل فاعلية أي وزارة في ظل التجاذب الشديد الحاصل بين السياسيين.

في موازاة ذلك، أكد نقيب المقاولين "إن الأزمة الاقتصادية والمالية التي يشهدها لبنان لم تأتِ من عبث، حيث يعتبر الفساد في الإدارات والمؤسسات أحد أهم أسبابها، الأمر الذي أوصل الوضع الاقتصادي إلى هذا الانهيار فيما لا تلوح في الأفق أي بوادر حلحلة كي تستعيد القطاعات الاقتصادية عافيتها.

وهذا الواقع انعكس بشكل ملموس على قطاع المقاولات، ولهذا أطلقت عدة صرخات لإنقاذه خصوصاً وأن تأثير التّدابير القاسية والاستثنائية من قبل المصارف فضلاً عن تردي وضع الدولة المالي والنقدي جعلنا في قلب الانهيار. فنحن اليوم نخوض معركة وجود لتأمين استمرارية شركاتنا ومؤسساتنا ولن نقبل بإقفالها وتشريد العاملين فيها، لأننا جزءُ لا يتجزأ من القوة الاقتصادية، وقد سجلت هذه المهنة السامية خلال عشرات السنين العديد من النجاحات في لبنان والدول العربية وأفريقيا..".

إلى ذلك، لا ننسى أن إقفال البلد كما كل دول العالم عدة أشهر بسبب انتشار فيروس كورونا جعل الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، لكن المهم الآن أننا وصلنا مع نهاية هذا العام إلى طرح عدة لقاحات ضد فيروس كورونا نأمل معها أن نجتاز هذه المرحلة الموجعة التي أفقدتنا الكثير".

ورأى الحلو: "إن كان النصف الأول من 2020 قد حمل الكثير من الهموم للقطاعات الاقتصادية، فإن النصف الثاني كان الأسوأ، حيث حلت فيه كارثة انفجار المرفأ الذي دمر قسما من تاريخ بيروت إن على صعيد النسيج الاجتماعي أو في المباني التراثية؛ وطال التدمير أحياء بكاملها مثل المدور والكرنتينا والبدوي ومار مخايل والرميل والجميزة، وامتدت تداعياته إلى الأشرفية وبرج حمود والباشورة وزقاق البلاط، وسائر أحياء المدينة، مخلفة وراءها أكثر من 200 قتيل و7000 جريح، بالإضافة إلى تدمير ما يقارب 300 مبنى تدميرا كاملا وتضرّر آلاف المنازل ومئات المؤسسات والمحال التجارية وتهجير عشرات الآلاف من السكان.

وأود الإشارة هنا إلى أن نقابة المقاولين وقفت بكامل جهوزيتها إلى جانب كافة أجهزة الدولة والسلطات الرسمية والهيئات المدنية للملمة ذيول الكارثة، بالتعاون مع بلدية بيروت والهيئة العليا للإغاثة والنقابات والجيش اللبناني قمنا بمسح شامل للأضرار وتحديد الأبنية الآيلة إلى السقوط، بالإضافة إلى مسح الأبنية التراثية القديمة. كما وضعنا آلياتنا بتصرف هيئات الإغاثة والأجهزة الرسمية والبلديات لرفع الركام في شوارع بيروت وسائر المناطق المنكوبة. كما باشرنا سريعا "بأعمال التدعيم للمباني الأكثر تضررا" لتفادي ما قد يسبب كوارث جديدة".

وختم الحلو بالقول أنه "في ظل التناقض السياسي الحاصل ومع انعدام التفاهم بين الأطراف لا أرى شخصيا في الأفق أي مبادرة سحرية أو إمكانية للخروج من هذه الفجوة العميقة. فلا استنهاض جذري وتام للدولة لأن ذلك يتطلب رؤية شاملة قائمة على برنامج عمل زمني وقدرات مالية كبيرة بالإضافة إلى تغيير شامل للأداءالسياسي لإجراء إصلاحات جذرية والقيام بتعديلات بنيوية. لكن من الصعب أن يحصل ذلك مع هذه الطبقة السياسية التي أثبتت عجزها وقصر نظرها.

ومع اقتراب الأعياد أود التأكيد على أن الشعب اللبناني شبع على مدار السنوات الماضية من انعدام تحمل المسؤولية وتبادل الاتهامات من قبل السياسيين وعدم المحاسبة. كل ما نأمله هو تأليف حكومة للعودة تدريجيا إلى وضع يخفف آلام اللبنانيين ويعطيهم أملا بإمكانية إعادة بناء لبنان وسد الثغرات التي أحدثتها سنة 2020 المشؤومة".