5 كتب أساسية لفهم 2020

02 : 00

في ظل الفوضى العارمة التي شهدها العالم هذه السنة، تتعدد الكتب الجديدة التي تحاول الربط بين الماضي والحاضر لفهم مسار المستقبل. أحدثت الكتب الخمسة التالية ضجة واسعة بين القراء، وهي تفسّر جزءاً كبيراً من النزعات والأنماط الناشئة خلال هذا العام.



Rage (الغضب) بــــوب وودوارد

كان العام 2020 عام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بامتياز لكنّ الضجة التي أحدثها لم تكن إيجابية عليه ولا على بلده. في 3 تشرين الثاني، هُزِم ترامب أمام جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية ثم أطلق حملة واسعة للانقلاب على هذه النتائج تزامناً مع نشر نظريات المؤامرة والتصرف بطريقة طفولية وغير واقعية. لكنّ إخفاق ترامب في التعامل مع وباء "كوفيد-19" هو الذي يطارد الولايات المتحدة، فقد سجّل البلد 326242 حالة وفاة بسبب هذه الجائحة حتى الآن. في كتاب بوب وودوارد الجديد، وهو كتابه الثاني عن عهد ترامب، يكشف الكاتب ما فعلته إدارة ترامب للتعامل منطقياً مع الوباء المستجد حين بدأت الأنباء تصل من الصين حول ظهور نوع جديد من فيروس كورونا. يوضح وودوارد أن المسؤولين في الأوساط الاستخبارية الأميركية ومجلس الأمن القومي أكدوا أمام ترامب على خطورة تداعيات الفيروس منذ بداية كانون الثاني الماضي. ما حصل لاحقاً معروف...



Fateful Triangle: How China Shaped US-India Relations During the Cold War

(المثلث المصيري: كيف رسمت الصين العلاقات الأميركية الهندية خلال الحرب الباردة)

تانفي مادان


كانت نيودلهي من العواصم العالمية القليلة التي استفادت من تعاملها مع إدارة ترامب، فاستعملت كماً هائلاً من المجاملات للحفاظ على ثبات العلاقات الهندية الأميركية. اتّضحت هذه النزعة خلال جولة ترامب في الهند في شباط الماضي (وفي المراحل الأولى من عهد ترامب الرئاسي، دعا وزير الشؤون الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكر العالم إلى «تحليل» ترامب بدل «شيطنته»). لكن يظن عدد كبير من المحللين أن الصين هي التي ساهمت في الحفاظ على مسار تصاعدي ثابت في العلاقات الهندية الأميركية، بغض النظر عن هوية الرئيس الأميركي في البيت الأبيض. بكل بساطة، يحتاج البلدان إلى بعضهما البعض لمراقبة الطموحات الصينية. خلال المواجهة في «لاداخ» هذه السنة (لا مؤشرات بعد على انحسار الصراع في أي وقت قريب)، حافظت الهند والولايات المتحدة على تواصل وثيق، حتى أن الطرفَين يتقاسمان المعلومات الاستخبارية على الأرجح. كذلك، اعتبرت إدارة ترامب الهند أول دولة على خط المواجهة في المعركة القائمة ضد الحملة الصينية لاسترجاع الأراضي، وهو موقف يستحق الإشادة.

لكن كانت الصين لاعبة أساسية (مع أنها ليست الوحيدة طبعاً) في رسم مسار العلاقات الهندية الأميركية خلال الحرب الباردة أيضاً. طلبت الهند مثلاً مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة وتلقّت ما تريده خلال حربها مع الصين في العام 1962. وكانت «قوة الحدود الخاصة» التي استعملتها الهند خلال عملية عسكرية ضد الصين في «لاداخ» في شهر آب الماضي (إنها قوة نخبوية وسرية للعمليات الخاصة يطغى عليها مقاتلون تبتيون عرقيون) ترتبط بعلاقات تاريخية مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي شاركت في تدريب أوائل المتطوعين في تلك القوة وحملت في الأصل اسم «المؤسسة 22».

يرتكز كتاب الباحثة في جامعة «بروكينغز»، تانفي مادان، على أبحاث مكثفة وهو يتناول العلاقات المتشابكة بين الهند والصين والولايات المتحدة في حقبة الحرب الباردة. إذا كان الماضي تمهيداً للأحداث المستقبلية فعلاً، سيستفيد القراء حتماً من مطالعة كتابها.



Behind the Enigma: The Authorised History of GCHQ, Britain’s Secret Cyber-Intelligence Agency

(ما وراء اللغز: التاريخ الموثّق لمكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، وكالة الاستخبارات الإلكترونية السرية في بريطانيا)

جون فيريس


فيما ألقى حدث انتخاب ترامب غير المتوقع في العام 2016 بظلاله على السنوات الأربع اللاحقة، مهّد الاستفتاء البريطاني المرتبط بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي في تلك السنة للانفصال التام الذي سيحصل في 1 كانون الثاني المقبل، حين يسري مفعول خطة «بريكست» بالكامل وتنفصل المملكة المتحدة رسمياً عن السوق المشتركة والاتحاد الجمركي في الاتحاد الأوروبي. ورغم عقد اتفاق بين بريطانيا والاتحاد في 24 كانون الأول للحفاظ على الروابط بين الطرفين، ولو بدرجة محدودة، لا مفر من الشعور بأن تاريخ 1 كانون الثاني سيشكّل نقطة تحوّل محورية للبلد وطموحاته الاستراتيجية، نحو الأفضل أو الأسوأ. كذلك، قد يستنتج محبو مسلسل The Crown (التاج) أن خطة «بريكست» تشكّل ذروة التراكمات المشتقة من تراجع مكانة القوة العظمى السابقة غداة الحرب العالمية الثانية، فقد تنقّل البلد من أزمة إلى أخرى وكانت معظم الأزمات من صنع يديه. لا يراجع المتفائلون بوضع بريطانيا هذا التاريخ. لكن في عصر التراجع البريطاني اليوم، يسهل أن ننسى أن المؤسسات الأمنية البريطانية لعبت دوراً محورياً في الحرب الباردة ومن المتوقع أن يستمر هذا الدور مستقبلاً إذا لاحت أي حرب مشابهة في الأفق. كانت «مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية» (إنها النسخة البريطانية من وكالة الأمن القومي الأميركية) جهة أساسية في استخبارات الإشارات وجهود فك التشفير طوال عقود عدة. تُعتبر هذه المؤسسة أيضاً من أبرز الأطراف في عمليات جمع المعلومات وتقاسمها في التحالف الاستخباري «العيون الخمس». خلال السنة الماضية، حاولت البلدان المشارِكة في هذا التحالف أن توسّع دورها الجماعي للسيطرة على التحديات الاستراتيجية التي تطرحها الصين. لذا يسهل أن نفترض أنها أدارت أيضاً قدرات جمع المعلومات المرتبطة بذلك البلد. بعدما ابتعدت بريطانيا الآن عن الاتحاد الأوروبي وبدأت تتطلع إلى منطقـــة المحيطَين الهندي والهادئ، من المتوقع أن تــزداد أهمية دور «مكاتب الاتصالات الحكومية» بالنسبة إلى بريطانيا وحلفائها الإقليميين.

يراجع المؤرخ جون فيريس في كتابه الجديد، وهو أحدث نسخة «مرخّصة» عن منظمة استخبارية بريطانية، تاريخ «مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية»، فيقدم معلومات قيّمة للقراء حول نشاطات تلك المنظمة السرية ودورها في السياسة الخارجية البريطانية.



Hidden Hand: Exposing How the Chinese Communist Party is Reshaping the World

(اليد الخفية: كيف يعيد الحزب الشيوعي الصيني رسم العالم)

كلايف هاملتون وماريكي أولبيرغ


بات مؤكداً الآن أن الصين تنفّذ عمليات مؤثرة وتتدخل في شؤون العالم عن طريق «فرع عمل الجبهة المتحدة» خدمةً لمصالح الحزب الشيوعي الصيني. أدرك الرأي العام الأسترالي حقيقة هذه العمليات السرية منذ بضع سنوات، علماً أنها تحصل عبر نظام معقد من العملاء الاستخباريين وأعضاء في الحزب الشيوعي والشتات الصيني، بالإضافة إلى عملاء أجانب ينشطون عن قصد أو يتم استعمالهم من دون علمهم. في العام 2018، مررت أستراليا ثلاثة قوانين جديدة ترتبط بالأمن القومي في محاولةٍ منها لكبح تلك العمليات. وخلال السنة الماضية، حاولت الولايات المتحدة بدورها أن تتصدى بعدائية لتدخّل الصين ونفوذها وعملياتها السرية الأخرى استناداً إلى قانون تسجيل الوكلاء الأجانب 1932. أدانت وزارة العدل الأميركية شخصَين مثلاً في قضيتَين منفصلتَين، في أيلول وتشرين الأول، بموجب هذا القانون بتهمة العمالة للصين بطريقة غير قانونية في الولايات المتحدة. في الكتاب الجديد، يطرح الأكاديمي الأسترالي كلايف هاملتون والباحثة الألمانية ماريكي أولبيرغ رؤية عميقة عن الجهود الصينية لاختراق الأنظمة السياسية والأكاديمية والشركات والمؤسسات الثقافية في الغرب كجزءٍ من جهودها لإعادة رسم العالم على صورتها عبر مجموعة متنوعة من الوسائل. فيما بدأت الصين تطلق مسارها لحقبة ما بعد الوباء تزامناً مع تخبّط الحكومات الغربية الأساسية، من المتوقع أن تضاعف جهودها حين تجد الفرصة سانحة لترسيخ مكانتها كقوة عظمى. يشكّل هذا الكتاب نقطة بداية مفيدة لكل من يريد معرفة تفاصيل تلك الجهود.



The Precipice: Existential Risk and the Future of Humanity (الهاوية: الخطر الوجودي ومستقبل البشرية)

توبي أورد


بعيداً عن الخلافات الجيوسياسية والاستراتيجية، شهدت هذه السنة مخاطر كارثية بمعنى الكلمة. بدءاً من 24 كانون الأول، خسر مليون و733 ألفاً و400 شخص حياتهم حول العالم بسبب تفشي فيروس "كوفيد-19". وعندما شعرت دول أخرى بأنها سيطرت على الوباء، ظهرت سلالة جديدة من فيروس كورونا في بريطانيا، فزادت المخاوف من أن يبقى كبح الوباء بعيد المنال.

لكن يبدو أن الأوبئة تشكّل جزءاً بسيطاً من مخاطر عدة قد تطرح تهديداً وجودياً على البشرية. تلوح في الأفق مشاكل التغير المناخي والاضطرابات التكنولوجية والكوارث الطبيعية النادرة، ولا ننسى احتمال اندلاع حرب نووية في أي لحظة. يرتكز الكتاب الجديد على أبحاث دقيقة (فيه 170 صفحة من الحواشي والمراجع الببليوغرافية) ويحلل الأكاديمي في جامعة "أكسفورد"، توبي أورد، مختلف السيناريوات الكارثية قبل أن يتوصل إلى استنتاج قاتم جداً: يبلغ احتمال صمود البشرية خلال المئة سنة المقبلة واحداً من ستة.


MISS 3