روي أبو زيد

الثقافة والفنّ في مهبّ كورونا

31 كانون الأول 2020

02 : 00

ألحقت الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن فيروس كوفيد 19 أضراراً كبيرة بالمشاريع التراثية والفنية. وبحلول آذار 2020 أُغلقت معظم المؤسسات الثقافية في جميع أنحاء العالم وألغيت جميع نشاطاتها الثقافية. وبذلت جهود مكثفة لتوفير خدمات بديلة أو إضافية عبر المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي، للحفاظ على الأنشطة الثقافية الأساسية بأقل ضرر صحي أو مادي ممكن.

متاحف افتراضية

حدّثت متاحف عدة مواقعها الإلكترونية فظهرت موارد المتاحف الافتراضية والتعلم الإلكتروني والمقتنيات المعروضة على الانترنت ونُظمت ورشات عمل تدريبية لقطاع المتاحف ضمن إطار الاستراتيجية الرقمية وحقوق النشر للتخطيط لحقبة "ما بعد الأزمة". وكانت متاحف الصين أوّل من قدم خدمات رقمية جديدة وسرعان ما أصبح "الهاشتاغ" #MuseumFromHome رائجاً. وقام متحف بارتيشن في أمريتسار بالهند، ببرمجة نصية وتسجيل وتحرير وترجمة لإرشادات مسجلة صوتياً تعمل عن بعد. ومن جهته، أعاد متحف فيلبروك للفنون بأوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية إطلاق موقعه الإلكتروني بسرعة في أواخر آذار الفائت ووُصف بأنّه مثال نموذجي على كيفية قيام المؤسسة "بإعادة تنظيم أنشطتها".

مكتبات ومحفوظات

واجهت المكتبات ودور المحفوظات والمطبوعات مشاكل عدة أشدها الإغلاق الكامل. وفرضت بعض المؤسسات الثقافية فترة انتظار قبل استعارة الكتب التي أرجعها الزبائن، فيما أغلق بعض المكاتب العامة قاعات القراءة أو لجأ البعض الآخر الى خدمات توصيل عبر "سيارات الأجرة". وأطلقت مكتبة العتبة العباسية المقدسة في العراق خدمة الإقراض عن بعد للباحثين إلكترونياً. كما قامت المكتبات العامة في جميع أنحاء ليتوانيا بابتكار مقابض أبواب بدون استخدام اليدين، في حين تبرعت المكتبة الوطنية بـ3 آلاف حاسوب محمول جديد لأطفال المدارس الذين لا يملكون جهازاً في المنزل.

من ناحيتها، نظّمت مكتبة فرنسا الوطنية معارض إفتراضيةً، وسلّطت مكتبة غرانبي في كيبيك الضوء على المحتوى الذي يركز على تعلم مهارات جديدة، وقدمت هيئة مكتبة غانا فصولاً لمحو أمية الأطفال عبر "فيسبوك". وأعلنت مكتبة الكونغرس الوطنية الأرجنتينية أنها ستسجل وتشارك القراءات التي ينشرها المؤلفون المحليون البارزون، وذكرت خدمة المكتبات والمحفوظات في ناميبيا أن جميع المكتبات المحلية البالغ عددها 65 مكتبة تركت شبكات "الواي فاي" العامة الخاصة بها تعمل طوال الليل ليتمكّن عابرو السبيل من الوصول الى المعلومات.

واعتمد بعض المكتبات، الوطنية منها والجامعية برامج لتوثيق الوباء من وجهة نظر ثقافية. ففي هولندا، أطلقت منظمة التراث الرقمي الوطني حملة لأرشفة المجموعات الرقمية الجديدة المتعلقة بكورونا.

وكان ألكسندر جاردان، وهو أحد أشهر الأدباء الفرنسيين، تعهّد أن يبادر الكتّاب إلى مدّ يد العون مالياً لأصحاب المكتبات الذين تم تغريمهم لفتحهم مكتباتهم متحدين تدابير الإقفال في فرنسا بسبب جائحة كوفيد - 19. وخرق بعض المكتبات قرار الإقفال، بدعم من الكتّاب والنقاد الأدبيين وعشرات الآلاف من محبّي الكتب. ومن أبرز الكتّاب الداعمين ألكسندر جاردان، مؤلف "فانفان" و"الزرافة" اللذين يعتبران من أكثر الكتب مبيعاً.

معارض ومهرجانات

نتيجة للقيود المفروضة، ألغيت أو أرجئ كثير من المهرجانات الأدبية ومعارض الكتب أو حتى حفلات التوقيع. ونظّمت مؤسسة يوم الكتاب الكبير في بريطانيا مهرجاناً إفتراضياً للكتاب لمدة ثلاثة أيام يجمع المهرجانات الأدبية التي أُلغيت بسبب الوباء.

وشهدت الإصدارات التي تناولت موضوع الأوبئة بشكل عام و"كورونا" خصوصاً طفرة في المبيعات، وأصبح بعضها الأكثر مبيعًا، وأهمها: "ديكاميرون" بقلم جيوفاني بوكاتشيو (1453)، و"مجلة عام الطاعون" لدانيال ديفو (1722)، و"لا بيست" (الطاعون) لألبير كامو (1947)، و"عيون الظلام" لدين كونتز (1981). لكن، تقلّص العديد مصادر الإيرادات لدى المؤلّفين المحترفين، ما دفع برابطة باعة الكتب الأمريكية الى الضغط على الناشرين بتقديم حسومات لتجار التجزئة المستقلين، كما أعلنت شركة "أوديبل" (التي تملكها "أمازون") أنها ستتيح الإستماع الى 300 كتاب بشكل مجاني عند تسجيل الدخول طوال فترة إغلاق المدارس.

وطوت جائزة "نوبل" للآداب في هذا العام صفحة أزماتها السابقة التي أثارتها خلال عامي 2018 - 2019. ونالت الشاعرة الأميركية لويز غلوك (77 عاماً) الجائزة العريقة في خطوة غير متوقعة تتوّج نتاجها الذي باشرته في نهاية الستينات ويتمحور على مواضيع الطفولة والحياة العائلية ويستوحي من الأساطير خصوصاً.

وحصدت"غونكور" هذا العام رواية "خلل" (غاليمار)، لمؤلفها الفرنسي هيرفي لوتيلييه. وأعلنت لجنة التحكيمها اسم الفائز عبر البث المباشر، بعيداً عن مقهى "دروان" الذي اعتادت لجان تحكيم الجائزة على التوجه إليه لإشهار عنوان العمل الذي وقع اختيارهم عليه.

كذلك مُنحت جائزة "رونودو" الأدبية، بعد دقائق قليلة من إعلان الفائز بجائزة غونكور، لماري إيلين لافون عن روايتها "إيستوار دو فيس" (دار بوشيه- شاستيل) التي تمتد أحداثها على قرن كامل بين 1908 و2008.


MISS 3