جوزيف حبيب

الصراع على البيت الأبيض حبَس أنفاس الولايات المتحدة والعالم

سنة حافلة بدأت باغتيال سليماني وتنتهي بقرع طبول الحرب

31 كانون الأول 2020

02 : 00

شغلت الإنتخابات الأميركيّة المعمورة منذ انطلاقة العام 2020. كلّ الحسابات حول العالم كانت تُربط بشكل أو بآخر بيوم الثالث من تشرين الثاني. المعنيّون المحلّيون والإقليميّون بالملفات الساخنة إمّا راهنوا على فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإمّا راهنوا على هزيمته. لقد كانت سنة مليئة بالتطوّرات الدراماتيكيّة المتسارعة، فقد انطلقت بتصفية قائد "فيلق القدس" السابق في "الحرس الثوري" الإيراني الجنرال قاسم سليماني وها هي تنتهي واحتمالات المواجهة الشاملة لا تزال مرتفعة في الشرق الأوسط مع قرع طبول الحرب، هذا فضلاً عن ملامح "حرب باردة" بدأت تلوح في الأفق بين واشنطن وبكين، إضافةً إلى الصراع الجيوسياسي المتصاعد بين "العم سام" و"الدب الروسي" وغيرها من الأزمات الدوليّة، وعلى رأسها "الفيروس الصيني" الذي شغل الأرض ومن فيها ولا يزال.

الإنتخابات الأميركيّة بحدّ ذاتها كانت مليئة بالتحدّيات على المستويات كافة. وبغض النظر عن الأزمة الوبائية وتداعياتها، شهدت البلاد حملة انتخابيّة غير مسبوقة على الإطلاق. فالولايات المتحدة منقسمة عمودياً كما لم تكن في السابق. التوتّر الإيديولوجي والفكري والسياسي والعرقي على أشدّه. مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد عناصر من شرطة مينيابوليس في مينيسوتا في 25 أيّار 2020 أعاد تفجير الشارع في المدن الكبرى في وجه الشرطة. واستغلّت جماعات عدّة حالة الغليان عند الأميركيين السود للإستثمار بها سياسياً، فيما دخلت على خطّ الأزمة "ميدانيّاً" مجموعات يساريّة راديكاليّة مناوئة للدستور والقوانين و"الحلم الأميركي"، عاثت فساداً وخراباً ونهباً وحرقاً في الأملاك العامة والخاصة، بمشاركة بعض المجموعات من المدافعين عن حقوق السود.


غالبيّة من القاعدة المحافظة تعتبر أن بايدن فاز عبر التزوير (أ ف ب)


ما قبل الإنتخابات وما بعدها

وبين شعار" حياة السود مهمّة" و"حياة الجميع مهمّة"، انقسم الشارع الأميركي في كيفيّة مقاربة القضية وسط تباينات فكرية عميقة لم يصلح معها ايجاد قواسم مشتركة بين "المعسكرَيْن". و"عقدة الإضطهاد" عند الكثير من السود، كما و"عقدة الذنب" عند قسم لا بأس به من البيض الذين رفعوا شعار "حياة السود مهمّة"، زادت من تعميق الأزمة، إلّا أن توجيه المعركة نحو البيت الأبيض لاستهداف ترامب كشف غاية "المحرّكين" و"المستثمرين"، الذين سخّروا كلّ طاقاتهم لمحاولة تقويض حكم الرئيس الجمهوري بعدما فشلوا بالإطاحة به في "حرب العزل" الشهيرة في الكونغرس.

واللافت أن المدن التي تشهد توتّرات بين السود والشرطة، هي مدن يحكمها الحزب الديموقراطي على المستويات كافة ومنذ عشرات السنين، وأي إصلاح محلّي إن كان ضروريّاً يمرّ حكماً عبر المسؤولين المحلّيين وليس عبر المسؤولين الفدراليين. وإضافةً إلى مسألة التوتّر العرقي، هناك ملف حق حمل السلاح المحمي بقوّة الدستور وقضايا المحكمة العليا والإجهاض والإقتصاد والضرائب والبيئة والوباء وغيرها الكثير، لعبت دوراً مؤثّراً، لا بل حاسماً، في الإنتخابات. ويرى مراقبون أن الطريق كانت معبّدة أمام ترامب للتجديد لولاية رئاسيّة ثانية لولا التفشّي الوبائي الهائل في البلاد، الذي ضرب محرّكات أقوى اقتصاد في العالم، وطريقة مقاربة الرئيس الجمهوري الإعلاميّة السيّئة للمرض التاجي.

وحوّل إصرار ترامب على حصول عمليّة تزوير واسعة النطاق ضدّه، وبالتالي سرقة الرئاسة منه، الفترة الفاصلة بين الإنتخابات و20 كانون الثاني 2021، أي موعد تسلّم الرئيس الجديد مفاتيح البيت الأبيض، إلى محطّة بحدّ ذاتها، إذ شهدت هذه الفترة ولا تزال تشهد تحوّلات وتطوّرات، خصوصاً داخليّة. وفيما لم يقبل الرئيس الجمهوري رفع الراية البيضاء والإقرار بفوز بايدن، حتّى بعد تصويت "المجمّع الإنتخابي" على ذلك رسميّاً، كان لافتاً وقوف القاعدة اليمينيّة المحافظة بصلابة خلف ترامب، بحيث أظهرت استطلاعات عدّة اعتبار غالبيّة ساحقة منهم أن الإنتخابات سُرقت من الرئيس الأميركي وأن بايدن سيكون رئيساً غير شرعي.

وعلى الساحة الدوليّة، ترقّبت الدول كافة نتيجة الإنتخابات على أحرّ من الجمر، بدءاً من الدول الفاعلة وصولاً إلى الدول الهامشيّة. وتباينت مواقفها خصوصاً بعد الإنتخابات، فبعض الدول سارعت إلى تهنئة بايدن بفوزه بعد إعلان وسائل الإعلام الأميركيّة ذلك، وعلى رأسها الدول الأوروبّية، بينما تريّثت دول أخرى حتّى تبلورت الصورة أكثر في وقت لاحق كالصين على سبيل المثال، في حين انتظرت دول قليلة النتيجة الرسميّة بعد تصويت كبار الناخبين في الولايات، كروسيا والبرازيل والمكسيك.



إيران وترامب

وفي الشرق الأوسط، كانت إيران أكبر الفرحين بهزيمة "عدوّها اللدود" ترامب، الرئيس الذي فرض حملة ضغوط قصوى عليها بعد انسحابه من الإتفاق النووي في 8 أيّار 2018. وهو الرئيس الذي أعطى الأمر بتصفية سليماني فجر الثالث من كانون الثاني مطلع هذا العام. ترامب أعطى أيضاً "الضوء الأخضر المفتوح" لإسرائيل لشنّ هجمات مكثّفة في سوريا تخطّت في العام 2020 وحده الـ38، هدفت بشكل أساسي إلى ضرب التموضع الإيراني في بلاد الشام ومنع إرسال أسلحة حديثة وصواريخ دقيقة إلى "حزب الله".

لا شكّ في أن فشل الرئيس الجمهوري في التجديد لولاية ثانية جعلت الجمهوريّة الإسلاميّة تتنفّس الصعداء بعض الشيء، ولو على وقع عقوبات شبه يوميّة تفرضها عليها واشنطن وتطال المجالات والقطاعات والشركات والمستويات كافة في ظلّ الأشهر الأخيرة لولاية ترامب. لكن اغتيال "سليماني النووي" العالِم محسن فخري زاده في 27 تشرين الثاني وقع كالصاعقة على القادة في طهران، الذين وجّهوا أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتوعّدوا بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكنّهم تحسّبوا جيّداً لأي ضربة عسكريّة أميركيّة قاصمة لهم في ظلّ وجود ترامب في البيت الأبيض، فاعتمدوا مبدأ "الصبر الإستراتيجي" ملوّحين كالعادة بتهويل الردّ "في الزمان والمكان المناسبَيْن".

ومع رهان النظام في طهران على عودة الإدارة الأميركيّة الجديدة إلى الإتفاق النووي الذي أُبرم خلال عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، أُطلقت مواقف متشدّدة من الأعضاء الأوروبّيين في الإتفاق، أي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، مطالبةً بتوسيعه ليشمل البرنامج الصاروخي الباليستي والتدخّل الإيراني الإقليمي عبر الجماعات المسلّحة التي تدور في فلكها. حتّى أن الوكالة الدولية للطاقة الذريّة دعت إلى اتفاق نووي جديد يأخذ بعين الإعتبار التغييرات الحاصلة، ما يضع الديبلوماسيّة الإيرانيّة في موقف حرج.


قاسم سليماني



التطبيع مع إسرائيل

وعلى خطّ آخر، احتلّ ملف التطبيع مع إسرائيل برعاية ترامب حيّزاً مهمّاً في العالمَيْن العربي والإسلامي، الخطوة الأولى كانت لدولة الإمارات العربيّة المتحدة لتلتحق بها البحرين ثمّ السودان وصولاً إلى المغرب و"الحبل على الجرّار"، خصوصاً مع تقاطع مصادر ديبلوماسيّة على التأكيد أن سلطنة عُمان وأندونيسيا ستلتحقان بقطار التطبيع، هذا فضلاً عن دول أخرى، خليجيّة وعربيّة وإسلاميّة، ما إن يترتّب بعض المعطيات الداخليّة عند تلك الدول لتتصيّد اللحظة الإقليميّة والدوليّة المؤاتية لصالحها. ولا شكّ هنا، وبعد عقود طويلة من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، أن المصالح الوطنيّة لكثير من الدول العربيّة والإسلاميّة قد طغت في نهاية المطاف على الإعتبارات العقائديّة والإيديولوجيّة التي كانت تأخذ حيّزاً أساسيّاً في خياراتها الإستراتيجيّة ومواقفها الدوليّة.


التطبيع مع إسرائيل أدخل المنطقة في حقبة جديدة (أ ف ب)


"العم سام" و"التنين الأصفر"

دوليّاً، تصدّر المشهد ملامح "حرب باردة" جديدة بدأت تستعر بين بلاد "العم سام" وبلاد "التنين الأصفر"، والتي اتّخذت أشكالاً مختلفة وألواناً متنوّعة وأبعاداً متعدّدة، من صراع على بسط النفوذ في بحر الصين الجنوبي مروراً بملفات تايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ وصولاً إلى التجارة والتكنولوجيا والإتصالات والملكيّة الفكريّة والأمن السيبراني وغيرها من ساحات التجاذب الساخنة والملفات الجيوسياسيّة الحسّاسة. الصين بدأت تُخطّط لمرحلة جديدة تسعى من خلالها إلى التمتّع بنفوذ أوسع على الساحة العالميّة، وإن كان مشروع "طريق الحرير" يؤشّر إلى طموحات "العملاق الآسيوي" المستقبليّة، إلّا أنّه جزء من رؤية متكاملة لفرض النفوذ وتوسيعه قدر المستطاع لحجز مقعد أساسي الى طاولة الكبار.

والتوتّر الأميركي - الصيني أخذ مداه الأقصى في عهد ترامب الذي شنّ حرب عقوبات ضروساً ضدّ السلطات الشيوعيّة في بكين في كلّ الملفات العالقة بينهما لتحجيم الدور الصيني من جهة وإعادة التوازن إلى العلاقات التجارية بينهما وعلى الصعيد العالمي من جهة أخرى، بما يتناسب مع مصالح واشنطن التي ترى أن "الميزان التجاري" ليس عادلاً بحقّ الولايات المتحدة. وأتى "الفيروس الصيني" ليُعمّق الجروح بين القوّتَيْن أكثر فأكثر مع اتّهام الرئيس الأميركي الصين مباشرةً، ومعها منظّمة الصحة العالميّة، بالمسؤوليّة عن تحويل الفيروس التاجي إلى جائحة عالميّة، وتكرار اتّهامه لها في أكثر من مناسبة.


"النسر الأميركي" و"الدب الروسي"

والعدوّ الجيوسياسي التقليدي للولايات المتحدة، أي روسيا الاتحادية، ليست بعيدة عن أجواء التجاذب والتوتّر، خصوصاً عندما يكون العضو السابق في جهاز الـ"كي جي بي" السوفياتي فلاديمير بوتين رئيساً للدولة. ولطالما كانت العلاقة بين واشنطن وموسكو دقيقة ومتشنّجة، إذ إنّ التوجّه الإستراتيجي لـ"الدولة العميقة" عند القوّتَيْن يضع الطرف الآخر بموقع "العدوّ" رقم واحد في الصراع على المصالح والنفوذ العالميَيْن. حتّى أن ترامب الذي سعى إلى تقريب وجهات النظر مع روسيا عند انطلاق عهده، لم يتمكّن من بلوغ أهداف رؤيته للعلاقة مع "بلاد القياصرة".

وما زاد "الطين بلّة" في الأسابيع الأخيرة من ولاية ترامب الرئاسيّة، هو فرض الإدارة الأميركيّة عقوبات ضدّ موسكو استهدفت وزارة الدفاع الروسيّة وجهاز الإستخبارات وشركات صناعيّة في قطاع الطيران والأسلحة والفضاء، هذا فضلاً عن مواطنين روس، على اعتبار أنّها جهات متورّطة في نشاطات تتعارض مع المصالح الأميركيّة في ما يخصّ الأمن القومي والسياسة الدوليّة. لكن ما سعّر الصراع أكثر هو "الهجوم السيبراني" الأكبر في التاريخ على الإطلاق الذي استهدف وزارات فدراليّة وشركات خاصة أميركيّة، ووجِّهت أصابع الإتهام فيها إلى موسكو.

وبعد تقارير إعلاميّة عدّة، أقرّت السلطات الأميركيّة بالتعرّض لهجوم إلكتروني ضخم، بدأ خلال آذار واستهدف وزارات الخارجيّة والتجارة والخزانة والأمن الداخلي، إضافةً إلى المراكز الوطنيّة للصحة، ونسبه عدد من كبار المسؤولين، من بينهم وزير العدل بيل بار ووزير الخارجيّة مايك بومبيو، إلى روسيا، لكن موسكو نفت نفياً قاطعاً أن يكون لها علاقة بالأمر، في وقت توعّد فيه الرئيس المنتخب جو بايدن منفّذي الهجوم الإلكتروني بالردّ، ما يُؤشّر إلى علاقات سلبيّة بين إدارته المرتقبة والكرملين.



للوجود العسكري الأميركي في سوريا أهمّية استراتيجيّة (أ ف ب)


إلتزام ترامب بإعادة الجنود

وفي الملفات الدوليّة الأخرى التي لطالما اعتُبرت أساسيّة في السياسة الخارجيّة الأميركيّة، خصوصاً بعد عمليّة الحادي عشر من أيلول 2001 الإرهابيّة، ونتكلّم هنا تحديداً عن أفغانستان والعراق، فقد سعى ترامب وتنفيذاً منه لأحد أبرز وعوده الإنتخابيّة التي قطعها العام 2016 أمام الشعب الأميركي، إلى إعادة الجنود الأميركيين من ساحتَيْ الصراع المذكورتين إلى بلادهم تدريجاً.

لكن ما سرّع من ضغط الرئيس الجمهوري على البنتاغون للإسراع بوتيرة سحب الجنود من البلدَيْن في الآونة الأخيرة، هو خسارته الإنتخابات الرئاسيّة وبالتالي ضيق الوقت أمامه لتحقيق وعدِه في هذا الصدد. وما يُميّز الساحة العراقيّة بالنسبة إلى الإدراة الأميركيّة، هو ارتباطها المباشر بالصراع مع إيران، فيما باتت "بلاد الرافدين" بمثابة "صندوق بريد" متى شاءت طهران إرسال "رسائلها الصاروخيّة" باتجاه مجمّع السفارة الأميركيّة في بغداد، وإن كان للجمهوريّة الإسلاميّة تأثير أيضاً على الساحة الأفغانيّة، لكن حجمه يبقى أقلّ بكثير.

والساحة الأخرى المتّصلة بشكل وثيق بالصراع مع طهران، هي سوريا، التي وبالمناسبة دفع ترامب منذ بداية عهده إلى سحب الجنود الأميركيين منها، لكنّ جهود البنتاغون "العلنيّة وغير العلنيّة" نجحت بالإبقاء على نواة قوّة نخبويّة فعّالة تتعاون مع "قوّات سوريا الديموقراطيّة" لمحاربة فلول تنظيم "داعش" الإرهابي من جهة والحفاظ على وجود عسكري وازن لعدم ترك فراغ أمني خطر في الجيب السوري من طريق "الهلال الفارسي" الممتدّ من طهران مروراً ببغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت من جهة أخرى.

وتزامناً مع الوجود العسكري الأميركي في "بلاد الشام"، لم يرحم ترامب النظام السوري الذي لا يزال يتلقّى عقوبات متتالية وقاسية تحت مفاعيل قانون "قيصر" وغيره، طالت مؤسّسات النظام والنخبة الحاكمة ودائرة نفوذها، حتّى أنّها استهدفت عقيلة الرئيس السوري أسماء الأسد وأفراداً من عائلتها. وهدف واشنطن هو دفع دمشق للعودة إلى المفاوضات والحلّ السياسي لإنهاء الحرب الدمويّة التي اندلعت قبل نحو 10 سنوات، وهذا المسار سيستمرّ مع الإدارة الأميركيّة الجديدة.



ترامب الإستثنائي

لقد كان ترامب رئيساً استثنائيّاً على الصعد كافة. داخليّاً، انتصر في بداية العام على "حرب العزل" التي شنّها الديموقراطيّون ضدّه، عبر إحباطه في مجلس الشيوخ، لكنّه لم يستطع التجديد لولاية ثانية في نهاية العام. هنا، حشد "أعداءه" كلّ قواهم مستغلّين تفشّي "كوفيد 19" لصالحهم، إن لناحية تحميله مسؤوليّة الأزمة الوبائيّة التي ضربت البلاد بقوّة وإن لناحية توزيع البريد على نطاق واسع في الكثير من الولايات، خصوصاً الحاسمة منها، وإطلاق حملة وطنيّة لتشجيع الناخبين على التصويت عن بُعد بمساندة ميدانيّة من قبل آلاف الجمعيّات غير الحكوميّة التي "خُلِقَت" لهذه الغاية، ما ساهم برفع نسب المشاركة إلى مستويات قياسيّة استطاعت قلب موازين القوى الشعبيّة مع مشاركة ملايين الناخبين الجدد في المدن الليبراليّة للمرّة الأولى في الإنتخابات. وفي علاقات واشنطن مع الخارج، شخصيّة ترامب ومطالبه وتصرّفاته غير التقليديّة وغير الديبلوماسيّة، جعلت الكثير من قادة دول "الأطلسي" وحلفاء الولايات المتحدة الأساسيين حول العالم، ينفرون منه، ما عقّد العلاقات الثنائيّة بعض الشيء مع دول عدّة كألمانيا وفرنسا. لكنّ هذا الطابع الذي يتمتّع به الرئيس الجمهوري ترك أثراً بارزاً على ملفات كإيران والسلام في الشرق الأوسط والصين وغيرها. فقد كان صارماً في مقاربته للقضايا الإستراتيجيّة الحسّاسة على الرغم من عدم تحقيقه الأهداف النهائيّة المرجوّة من ذلك، وهذا ما كان يتطلّب التجديد لولاية ثانية تُقرّبه أكثر من حسم بعض الملفات الساخنة والتي ستُصبح في 20 كانون الثاني 2021 في عهدة الإدارة الأميركيّة الجديدة بقيادة بايدن الذي قد يستغلّ الكثير من مكامن القوّة المتوفّرة بفعل ضغوط وعقوبات الإدارة السابقة لتحقيق أهداف واشنطن وترسيخ نفوذها على الساحة الدوليّة، لأنّ في نهاية المطاف تبقى المصالح العليا والأمن القومي للولايات المتحدة ثابتة رغم التغيّر المستمرّ في القيادة.



MISS 3