جاد حداد

Spenser Confidential... سيّئ على جميع المستويات

25 كانون الثاني 2021

02 : 00

يقدّم المخرج بيتر بيرغ فيلم Spenser Confidential (سرّية سبنسر) المعروض على شبكة "نتفلكس"، وهو عمل باهت عن رجال الشرطة، إذ يبدو أقرب إلى مشروع منسي من حقبة الثمانينات.

الفيلم مقتبس من رواية Wonderland (أرض العجائب) للكاتب روبرت ب. باركر وهو من بطولة مارك والبيرغ بدور شرطي من بوسطن يكون معتاداً على تطبيق القوانين بطريقته الخاصة واسمه "سبنسر". تكشف بداية هذا الفيلم المُحيّر أن قوانينه تشمل ضرب ضابط بارز بعد الاشتباه بإقدامه على تعنيف زوجته. لكن لا يأخذ الفيلم أي مجازفات عرقية، فلا يضرب الشرطي الأبيض "سبنسر" إلا رجال شرطة بيضاً أو أشخاصاً يؤمنون بتفوّق أصحاب البشرة البيضاء. قد يتشاجر مع أفراد سود لكنه لا يفعل ذلك إلا إذا كانوا من تجار المخدرات الذين يقتلون رجال شرطة صالحين ومن أصحاب البشرة السوداء أيضاً! يُعتبر "سبنسر" الرجل الصالح في القصة إذاً لأنه يطارد قاتل ضابط أسود اتُّهِم عن غير وجه حق بقتل شرطي أبيض آخر كان ينفذ القوانين على طريقته لتحقيق أهدافه الشريرة. بعبارة أخرى، كان ذلك الشرطي سيئاً على عكس "سبنسر"!





تبدو الحبكة غير متماسكة وتشمل لقطات مخيفة من الماضي ومجموعة من الشخصيات الشريرة، مثل قاتل مأجور يرتدي ملابس رياضية، بالإضافة إلى استعراض مظاهر الفساد في أوساط الشرطة. يبدو كل جانب من القصة منسوخاً من أعمال أخرى لدرجة أن نتساءل عن الأفلام السابقة التي استوحى منها هذا العمل أفكاره. حتى أن معظم الممثلين لا يتمتعون بالطاقة الكافية لرفع مستوى هذا الفيلم الممل.

يبدو أن ممثلة واحدة في Spenser Confidential تدرك نوع الفيلم الذي تشارك فيه. تؤدي الممثلة الكوميدية إيليزا شليزينغر دور "سيسي"، حبيبة "سبنسر". هي تجسّد شخصية المرأة المزعجة التي تُسبّب المشاكل للبطل المُرهَق. لكن تعرف شليزينغر طبيعة دورها المبتذل لذا تحرص على تحويل "سيسي" إلى محاكاة ساخرة وفوضوية لهذه الصورة النمطية المألوفة. من الواضح أنها تبذل جهداً يفوق ما يتطلبه الدور الأصلي، فتستعمل تعابير وجه مفرطة لدرجة أن تتحول ملامحها إلى رموز تعبيرية بمعنى الكلمة. لكن يتعلق أفضل جانب من أدائها بالعفوية التي تطبع جميع حواراتها المؤلفة بشكلٍ أساسي من الإهانات والشتم. ربما سمح لها المخرج بيتر بيرغ بالارتجال في مختلف المشاهد أو قد تكون الممثلة الوحيدة التي نجحت في إحياء السيناريو الباهت الذي كتبه شون أوكيفي وبراين هيلغيلاند. باختصار، يمكن إعطاء نجمة واحدة للفيلم بفضل أداء شليزينغر حصراً.

في المقابل، يُهدِر الفيلم بكل وضوح موهبة وينستون ديوك. يؤدي هذا النجم الصاعد دور "هوك"، رفيق "سبنسر"، بعدما خطف الأضواء سابقاً عبر أدوار مثل "ماكابو" في فيلم Black Panther (الفهد الأسود) وقدّم أداءً مدهشاً بدور البطل والشرير في فيلم Us (نحن). استناداً إلى نمط الأفلام المبنية على علاقات رجال الشرطة، قد نتوقع أن تكون هاتان الشخصيتان متناقضتَين بالكامل. لكن يبدو الشرطيان في هذا الفيلم مندفعَين ويميلان إلى التصرفات الفوقية والعنيفة، ما يعني أن الاختلافات بينهما ليست بارزة، بل إنها تقتصر على محاولة نيل عاطفة كلب مُسنّ اسمه "بيرل". الكيمياء بين ديوك ووالبيرغ غائبة بالكامل لدرجة نظن معها أن كل مشهد يجمعهما صُوّر بشكلٍ منفصل ثم جُمِعت اللقطات عن طريق المونتاج. ولا يتألق ديوك فعلياً إلا في المشاهد التي يغيب عنها والبيرغ.

يقف "هوك" وسط ركام غرفة طفل خرّبتها عصابة شريرة بحثاً عن غرض معيّن. ويقف صبي خائف على الباب في الوقت نفسه ويتساءل إذا كان هذا الغريب الضخم أمامه عملاقاً، فيجيبه "هوك": "نعم، أنا عملاق". ثم يسأله إذا كان عملاقاً صالحاً أم شريراً. يتخذ صوت "هوك" في هذه المرحلة بُعداً عميقاً ودافئاً، فيؤكد للطفل أنه عملاق صالح. ثم يساعد الفتى على ترتيب غرفته بأسلوب لطيف وقوي في آن. إنه مشهد بسيط لكنه من اللحظات المؤثرة القليلة في الفيلم.

أخيراً، نصل إلى أداء والبيرغ الذي كان خياراً مريعاً بدور "سبنسر". يصعب أن نشاهد هذا النجم الذي يحمل تاريخاً شخصياً من جرائم الكراهية على أرض الواقع وهو يؤدي دور شرطي بطل ومنقذ أبيض. لكن ليس مفاجئاً أن ينجذب والبيرغ إلى هذا الدور، فهو أعلن يوماً أنه كان ليمنع هجوم 11 أيلول لو كان متواجداً على متن الطائرة في ذلك اليوم. يقدّم الفيلم قصة خيالية عن رجل قوي يتبع حدسه، ولو عن طريق العنف، ويحاول أداء دور بطولي. لكن نظراً إلى السيناريو الباهت في هذا العمل، يتطلب الفيلم بطلاً يتمتع بكاريزما فائقة لإنقاذ المشروع منذ البداية. لا ينجح والبيرغ في هذا التحدي بأي شكل. لن تكون ابتسامته المغرورة أو تجهّم وجهه كافيَين إذا كان لا يستطيع أداء التصاميم الخرقاء في مشاهد القتال أو يعجز عن المزاح بأسلوب سلس ومُحبّب. يحاول المونتاج المتقطع إنقاذ مشاهد القتال الرديئة المتلاحقة، لكنها تبقى سيئة على نحو مضحك. في مطلق الأحوال، قد يكون المونتاج الجانب المضحك الوحيد في الفيلم لأن النكات فيه لا تفي بالغرض!


MISS 3