إيفون أنور صعيبي

إنعدام الثقة... إعدام للاقتصاد

31 آب 2019

02 : 39

"الطاقة": لبنان لم يتلقّ طلباً لدخول "أدريان داريا 1" موانئه
"الثقة" هي الركيزة الرئيسية التي يقوم عليها الاقتصاد. مع انعدامها يصبح الاقتصاد رهينة "المخاطر"من أي نوع كانت. أخيراً، تتوالى المخاطر المالية والاقتصادية وتتوالى معها الانباء السيئة بشكل يومي ومن دون انقطاع. بدءاً من تقارير وكالات التصنيف، وندرة الدولار، والعجزين التوأمين، مروراً بالمواجهة المتوقعة مع اسرائيل، وصولاً الى قضية "جمّال ترست بنك" وأخبار ناقلة النفط الايرانية (ولو لم تصدق) وكل ما ترتبه من انعكاسات على الساحة المالية. وكأن لبنان قد أصبح كذاك المغناطيس الذي يجذب المخاطر اليه من كل صوب.

في المعادلات الدولية، يشكل لبنان الحلقة الاضعف. وهذا أمر واقع لا لبس فيه. لذا ففي احيان كثيرة يشكل النأي بالنفس مخرجاً لارضاء الدول الداعمة وتلك الصديقة. لكن عندما يتعلق الامر بالاقتصاد فان النأي بالنفس يصبح نظرية واهية خصوصاً وان اغضاب الولايات المتحدة هذه المرة ستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد المحلي. وهذا ما أعرب عنه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في موضوع ناقلة النفط الايرانية حين قال صراحة ان "واشنطن لن تسمح بانتهاك العقوبات الأميركية".

بعدما أظهرت بيانات ملاحية أن الناقلة الإيرانية "أدريان داريا 1" كانت تتجه إلى ميناء الإسكندرونة جنوب شرقي تركيا، نفت أنقرة ذلك، قائلة على لسان وزير خارجيتها مولود تشاوش أوغلو إنها تتجه الى لبنان. وكانت أدريان داريا محتجزة لأسابيع قبالة جبل طارق بعد أن احتجزتها السلطات هناك للاشتباه في انتهاكها عقوبات الاتحاد الأوروبي على مبيعات النفط إلى سوريا. وكانت الولايات المتحدة قد حذرت أي دولة من استقبال الناقلة معتبرة أنها ستتعامل مع اي جهة متعاونة معها كداعمة للإرهاب.

لبنانياً، نفت وزارة المالية الأمر وأفادت في بيان بأنها لم تتبلغ أن الناقلة ستتوجه إلى لبنان. كذلك، أعلنت وزارة الطاقة والمياه أن لبنان لم يتلق طلباً لدخول ناقلة النفط "أدريان داريا 1" موانئه مؤكدة ان لبنان لا يشتري النفط الخام من أي بلد وهو لا يملك مصفاة له.

هذا ويجمع المتابعون على أن المدخل الأساسي لأي تأثير في العلاقة الأميركية - اللبنانية، يبقى اعتبار الولايات المتحدة أن إيران و"حزب الله" جسماً واحداً، وبالتالي فإن الخطر على لبنان يبقى في اسماء الاشخاص الذين تربطهم صلة مع ايران وحلفائها وكذلك المصارف. وبالدرجة الأولى يكون التأثير في لبنان، من خلال تأخير العمليات الاقتصادية والمصرفية، هذا ويمكن أن يشهد القطاع المالي تأثيراً لناحية تحويلات المغتربين من أميركا وحلفائها إلى ذويهم في لبنان.

عن الموضوع يوضح مصدر مصرفي مطلع "اننا قد دخلنا فعلاً مرحلة "السيئ" فالخزانة الاميركية تراقبنا عن كثب. وبعيداً من مسألة الناقلة التي أثارت بلبلة بلا جدوى، فان قضية "جمّال ترست بنك" لم تقع في وقت مثالي، ومن شأن ذلك ان يؤثر على سمعة لبنان المصرفية علماً ان الخزانة اعلنت ان هذه الخطوة لحماية القطاع المصرفي اللبناني. لكن السيناريو الاسوأ الذي يمكن ان يحصل يكون اذا منعت الخزانة المصارف المراسلة من التعامل معنا.هكذا لن نتمكن من استقطاب الدولارات وبالتالي تصبح الليرة اللبنانية عرضة للانهيار في فترة وجيزة. وبينما ينتظر لبنان سيدر والـ 11 مليار دولار من القروض الميسرة، لدعم النمو الاقتصادي الآخذ في التراجع، يلوح في الأفق ظل التعقيدات بين الولايات المتحدة وإيران. ويمكن لهذه الواقعة ان تحمل تأثيراً هائلاً علينا لا سيما وان "حزب الله" ممثَّل في الحكومة. لكن حتى الساعة تبقى كل هذه السيناريوات مستبعدة".

بالعودة الى قضية الناقلة الايرانية يقول الخبير النفطي ربيع ياغي "علينا ان نكون علميّين والا نردد الاقاويل غير المبنية على أسس تقنية. من المستحيل ان تتمكن هذه الناقلة من ان ترسو في أي من المرافئ اللبنانية لسببين: الاول هو افتقار لبنان الى مرفأ قادر على استيعاب سفينة بهذا الحجم، اما السبب الثاني والاهم فهو ان لبنان لا يملك مصافي تكرير للنفط الخام كما انه لا يملك طاقة تخزينية لاحتواء هكذا كميات".

"الهشاشة" هي سمة واقع الاقتصاد اليوم لدرجة ان أي خبر أكان منطقياً، صادقاً ام كاذباً بوسعه ان يحدث بلبلة لا بل هلعاً في الساحة الداخلية.


MISS 3