بعد عودتهم إلى حمل السلاح

غوايدو يرفض تهديدات "متمرّدين كولومبيين" صادرة من فنزويلا

15 : 00

ماركيز معلنــاً العودة إلى حـمل الســلاح

ندّد زعيم المعارضة الفنزويليّة خوان غوايدو أمس الأوّل باستخدام أراضي بلاده من جانب القيادي السابق في حركة القوّات المسلّحة الثوريّة الكولومبيّة (فارك) إيفان ماركيز، كقاعدة خلفيّة لإطلاق تهديداته بالعودة إلى حمل السلاح، في وقت تُثير عودة عدد من مقاتلي "فارك" إلى القتال بقيادة ماركيز، تساؤلات عن القدرة الحقيقيّة لهذا التمرّد الجديد في كولومبيا، ودور فنزويلا المجاورة عبر نظامها الاشتراكي المتهالك في هذا النزاع الوحيد في القارة، ووضع عمليّة السلام مع حركة التمرّد السابقة.

وفي ردّ واضح على تصريحات أدلى بها المسؤول الثاني السابق في الحركة ماركيز في مقطع فيديو، معلناً العودة إلى حمل السلاح، رفض غوايدو في تعليق على "تويتر"، استخدام الأراضي الفنزويليّة بدعم من الرئيس المشكّك بشرعيّته نيكولاس مادورو لنشر هذه الرسائل. وندّد غوايدو أيضاً بالدعم الذي تُقدّمه حكومة مادورو لمجموعة مسلّحة كولومبيّة أخرى، هي "جيش التحرير الوطني"، الذي لا يزال فاعلاً، والذي أشارت المجموعة المنشقة عن "فارك" إلى أنّها تُريد "تنسيق جهودها" معه. وشدّد غوايدو على أنّه "نحن الفنزويليّون علينا جميعاً، أن نرفض هذا النوع من التهديدات المتعلّقة بسيادتنا".

وغوايدو، زعيم المعارضة الفنزويليّة الذي اعترفت به رئيساً انتقالياً حوالى خمسين دولة، من بينها كولومبيا والولايات المتّحدة، كشف أنّه تحدّث هاتفياً مع الرئيس الكولومبي إيفان دوكي لإعادة تأكيد دعمه له في "محاربته الإرهاب المرتبط بالمخدّرات الذي يضرب بلدينا"، في إشارة إلى المجموعات المسلّحة. وإذ اعتبر مفوض الحكومة السامي للسلام ميغيل سيبايوس إعلان ماركيز "مقلقاً جداً" لكن غير مفاجئ، رأى أيضاً أن هذا التصريح يُظهر الدعم الواضح الذي يتلقاه من "نظام مادورو الديكتاتوري". وأوضح سيبالوس خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن أن "لجوء ماركيز إلى "جيش التحرير الوطني"، الذي يتواجد قادته الرئيسيّون في فنزويلا، يؤكّد أن هذه المجموعة الصغيرة، مدعومة من هذا النظام". واتفاق السلام الذي وقّع العام 2016 بين "فارك" والحكومة الكولومبيّة، نصّ على نزع سلاح آلاف المقاتلين في الحركة، التي تحوّلت مذاك إلى حزب سياسي باسم "القوّة الثوريّة البديلة المشتركة".

ومع أن الرجل الثاني في حركة التمرّد السابقة التي تمّ حلّها، ظهر مجدّداً ببزّة عسكريّة محاطاً بمقاتلين، يكمن التهديد خصوصاً في إعلانه عن "تنسيق الجهود" مع منشقين آخرين عن "القوّات المسلّحة الثوريّة الكولومبيّة" و"جيش التحرير الوطني"، آخر حركة تمرّد ما زالت ناشطة. ويُمكن أن تُشجّع رسالته أربعة آلاف مقاتل تتألّف منهم الحركتان، بحسب الاستخبارات العسكريّة، ومنهمّ منشقون في مجموعات متفرّقة من دون قيادة موحّدة، إذ رحّب "جيش التحرير الوطني" بإعلان القادة السابقين في "فارك"، وعرض عليهم "خندقاً للقتال" معاً. ويرى مراقبون أنّه مع إيفان ماركيز، فتح الطريق لتوحيد المنشقين في "حركة تمرّد جديدة" ستُشكّل مع "جيش التحرير الوطني" ظاهرة عنف جديدة. ومع أن الدولة الكولومبيّة تمتلك قوّة عسكريّة يتجاوز عديدها 265 ألف رجل، لم تكن يوماً قادرة على السيطرة فعلياً على الأرض ولا القضاء على تهريب المخدّرات، المصدر الذي لا ينضب لتمويل هذه الحركات العنفيّة. ومع ذلك، يُؤكّد مراقبون أن هذه المشكلة الجديدة ما زال يُمكن السيطرة عليها بردّ كبير وفعّال وحاسم للقوّات المسلّحة. وكان الرئيس اليميني المتشدّد إيفان دوكي أعلن إنشاء "وحدة خاصة" لجلب القادة المتمرّدين السابقين، وحدّد مكافأة قدرها 880 ألف دولار لقاء أسر كلّ واحد منهم.

وقال دوكي: "لا نشهد ولادة حركة تمرّد جديدة بل تهديدات إجراميّة لعصابة من مهرّبي المخدّرات الإرهابيين، الذين يعتمدون على الملاذ الذي يُقدّمه نظام الديكتاتور مادورو ودعمه". وليس خافياً على أحد أن النظام الفنزويلي الحالي يحتضن مثل هكذا تنظيمات مسلّحة، فقد اعتبر مادورو في نهاية تموز أن إيفان ماركيز ومساعده خيسوس سانتريتش، الذي ظهر أيضاً في تسجيل الفيديو "مرحّب بهما في فنزويلا". والاتهامات بأنّ النظام الفنزويلي يحمي المتمرّدين قديمة. والحدود الطويلة التي يُمكن التسلّل عبرها، ويبلغ طولها ألفي كيلومتر، وضعف التعاون بين البلدَيْن، بحيث قطع مادورو العلاقات الديبلوماسيّة في شباط، عندما قدّم دوكي دعمه للمعارض غوايدو، يسمحان للمجموعات المتمرّدة بالتمركز في فنزويلا. وتجد المجموعات الكولومبيّة المسلّحة في فنزويلا قاعدة خلفيّة تسمح لها بالإفلات من الجيش، بتواطؤ مع السلطات.

لكن رغم ضبابيّة التطوّرات الأخيرة، أكّدت الحكومة وحزب "فارك" السياسي والأمم المتّحدة التي تُشرف على عمليّة السلام الهشّة، أن الغالبيّة الكبرى من المتمرّدين السابقين تحترم اتفاق السلام. وحالياً، يخضع أكثر من 13 ألفاً من أعضاء "فارك"، من مقاتلين وأسرى ومتعاونين مدنيين، لعمليّة إعادة دمج اجتماعي واقتصادي، بينهم حوالى 3348 مع عائلاتهم، في مناطق مخصّصة لهم. وشدّد حزب "القوّة البديلة الثوريّة المشتركة" على "مواصلة السير على هذا الطريق من دون أن نضعف"، على الرغم من إدانته التأخير والتقصير في تطبيق اتفاق السلام.