روي أبو زيد

أبدعت بشخصية "أم الشهيد" وعُرِفت بـ"ماما رندا"

رندا كعدي: على الدولة دعم الدراما المحلية

4 شباط 2021

02 : 00

عُرفت الممثلة رندا كعدي بدور الأم حتى لُقِّبت بـ"ماما رندا". هي إنتقائية بأدوارها وفي حياتها، إستفادت من مرحلة "كورونا" كي تبحث عن الـ"أنا الصافية" الموجودة فيها. "نداء الوطن" التقت كعدي ودار هذا الحوار حول المواضيع الإنسانية والحياتية.

لماذا اخترتِ أن تجسّدي دور "أم الشهيد"؟

كلمة "شهيد" هي فعل حياة وإيمان، فالشهيد الأول بالنسبة إلي هو يسوع المسيح الذي مات على الصليب ليخلّصنا. ولو أسند اليّ هذا الدور حاليّاً لكنتُ جسّدته بغضب أكبر. الشهيد هو من يمشي هذا الطريق بإرادته، فالعسكري في الجيش اللبناني اختار أن يموت فداءً لوطنه. لكنّ وحيدي "طوني" في المسلسل استشهد بلغم وليس على الجبهة لذا أصبح "مرتا الخوتة". وكم من "مارتا الخوتة" في لبنان بعد إنفجار الرابع من آب؟


كيف استعدّيت للشخصية؟


درست "مارتا" بعمق كي أجسّدها كما يجب، فسر المهنة في الشخصية هو لإعطائها هويّة وشكلاً وسلوكاً معيناً. أي بمعنى آخر تحويل الشخصية المكتوبة على الورق الى كائن ينبض بالحياة.


أنت إنتقائية بأدوارك؟


أنا مقلّة بإطلالاتي لأنني أختار أدواري بحذر، فما زال الناس يتذكّرون دوري في "جهلة الأربعين" من سلسلة "طالبين القرب". حين تدرس أصول مهنة التمثيل تذهب الى سوق العمل كممثل "شبعاناً" وليس "جائعاً" للدور.





هل من دور جسّدته وندمت؟


عُرِفت بدور "الماما"، لأنني قبلتُ شخصيات الأم المعروضة عليّ. كان يجب أن أرفض بعض هذه الأدوار كي لا أوضع في هذا الإطار الأمومي. أريد أن تُسنَد إليّ شخصيات جديدة، كدور العمة، الفتاة غير المتزوّجة، وغيرها من الأدوار التي تجعلني أختبر مشاعر جديدة.

لاحظنا ذلك في مسلسل "لا حكم عليه"!هذا صحيح، إذ جسّدتُ فيه دور العمّة. ومثّلتُ دور "الحجّة" في عمل آخر سيعرض قريباً.


ما الذي تستطيعين كشفه عن دورك في المسلسل الرمضاني "للموت"؟


أجسّد شخصية إمرأة غير متزوّجة، أكون قريبة شاب يعيش معي وأتخبّط في مشاكلي النفسية والحياتية. أحببتُ الدور كثيراً واستمتعتُ بتجربتي الأولى مع شركة "إيغل فيلمز".


هل الدراما العربية المشتركة مهمّة لانتشار الممثل؟


قضيت عمري في الدراما المحلية وكافحتُ كثيراً لتطويرها، لكنني أستمتع في المسلسلات المشتركة وسط تبادل الخبرات التمثيلية وتعزيزها. أميل اليوم الى الدور الذي يستفزّني بغضّ النظر عن الإنتاج أكان محلياً أو مشتركاً، كما يشرّفني كممثلة لبنانية أن أدخل البيوت العربية.


أحببتِ مسلسل "ع اسمك"؟


عمل أكثر من رائع وتمنيّتُ لو شاركتُ فيه. هنّأت الكاتبة كلوديا مرشيليان وأبلغتها أنني "حسدتُ" كلّ الممثلين. فريق العمل رائع ومتجانس، أغرمت بدولي الفتاة ذات الإحتياجات الخاصة وأعجبتُ كثيراً بالطفلة تالين أبو رجيلي. تحدّت هاتان الفتاتان الممثلة الموجودة في داخلي، إذ صفّقت لهما وتفاعلتُ مع واقعهما.


ما الذي ينقصنا كي ننجح؟


يجب على الدولة أن تدعم الدراما المحلية كي تفرض على السوق الأجنبي مسلسلاتنا اللبنانية. نحن نملك فريق عمل مبدعاً من مخرجين وكتّاب وممثلين وحتى كمنتجين. مقوّمات نجاحنا كاملة ومتكاملة، لكننا بحاجة لدعم إنتاجاتنا فنصبح صناعة محليّة ومن ركائز الإقتصاد في لبنان كما في بعض البلدان الأخرى.

تجدر الإشارة الى أنّ كلّ مسلسل يعلّم في مجتمعه، لأن الفنّ هو مرآة المجتمع. علينا أن نتمسّك كفنانين برسالتنا كي نستمرّ، بالرغم من الظروف السيئة التي نتخبّط بها.

نعيش أوقاتاً صعبة ونتخبّط في ظروف شائكة وإستثنائية. ما السبب برأيك؟أعتبر أنّ التاريخ يُعيد نفسه، إذ نعيش أحداث الحرب العالمية الأولى لكن مع جراد "غير منظور". كانت جدتي تخبرني بالمأساة التي عاشتها في طفولتها، من كوليرا، الجوع، الحكم العسملّي، المجاعة.... أذكرها كلّ يوم وأترحم عليها، إذ نعيش أوقاتاً كانت تخافها وتحذّرنا منها.





لماذا وصلنا الى ما نحن عليه؟


تعبت الأرض من البشر وجحودهم، فنحن غير أوفياء لها، خصوصاً أننا نستخدم مقدّراتها بعبثية ونتركها جريحة. كان الإنسان في القدم يهاب الطبيعية وقواها قبل أن يحدّثه الله بواسطة الأنبياء ومجيء يسوع المسيح. لكن ما لبث أن بدأ بأذيتها فقطع الأشجار، وتسبّب بالحرائق، وساهم بانقراض الحيوانات. كنا نضحك من جدتي حين تقول "تؤلّف ولا تؤلّفان" لكنها كانت محقة، إذ ضاعت الإنسانية وها هي الطبيعة اليوم تنتقم لنفسها. نحن نعتقدُ أننا نتطوّر، لكن هذا التقدّم سينعكس علينا سلباً إن لم ندرك كيفية التعاطي معه.


ما الذي تغيّر في حياتك بعد "كورونا"؟


كنتُ أوزّع الحب المجاني للمحيطين بي، لكن بعد "كورونا" والحجر المنزلي تعلّمتُ أن أصرّف هذه المحبّة عبر تسخيرها في تنقية قلبي وأفكاري فضلاً عن العودة الى الله. المحبة نبع "ما فيك تلجمها" لكنها الآن أضحت تعطى عن بُعد، لذا يجب وضعها في مكان دافئ أي في قلوبنا. أنا لم أحتفل مع بناتي في عيدي الميلاد ورأس السنة بل عيّدنا عبر تقنية الـvideo call بناءً على رغبتهنّ. حزنتُ بدايةً لكنني استدركتُ أنّ جيلكم محقّ تماماً وواعٍ لمواجهة هذه الظروف الصحيّة الصعبة. تعلّمتُ في هذه الفترة من أولادي وأحفادي كما زادت صلاتي أكثر فأكثر وبتُّ ألحظ قيمة بعض التفاصيل الحياتية التي لم أُعرها اهتماماً من قبل.

أعتبر أنّ مرحلة "كورونا" دعوة من الله كي نرتاح، نعيش في صفاء ونفتّش عنه في أعماقنا.


أتعتبرين أنّ الناس سيعيشون الصفاء كما تفعلين أنت؟


آمل ذلك، إذ في ظلّ هذا "الحبس" الذي نتذمّر منه، بعض الأشخاص يدفع ثمن الأوكسجين الذي يتنفّسه!

هذه الفترة تعلّمنا أن أكون "أنا الصافية". قد يراجع المجرم ضميره مثلاً ويندم على أخطائه.


أتنصحين أولادك بالهجرة؟


أنا لا أشجّعهم على ذلك، لكنهم يبحثون أخيراً عن منفذ في الغربة كي يعيشوا بكرامتهم وبمستوى معيشي لائق.


ألا تخافين من المجاهرة بإيمانك؟لماذا عليّ أن أخجل بالتعبير عن إيماني؟


فأنا لا أهاجم أيّ معتقد آخر كما أنني أحترم الديانات السماوية جمعاء. لست متعصبّة بل منفتحة على كلّ إنسان أصادفه.


ما النصيحة التي تقدّمينها للقرّاء؟


أدعوهم الى التمسّك بإيمانهم وقبول ذواتهم، فنظيف القلب يرى عمق الأمور بالرغم من الأوبئة التي تحاوطه!