يوسف منصور

في بعلبك... القانون على الضعفاء والمحافظة تشهد

3 أيلول 2019

00 : 56

مبنى المحافظة

منذ السادس والعشرين من الشهر الفائت بدأت حملة إزالة المخالفات والتعديات على الأملاك العامة من يافطات وأعلام حزبية، ناهيك عن الأكشاك التي تحتل الأرصفة، والمطبات المنتشرة على طول الطريق الدولية من بعلبك حتى الهرمل من دون أي فائدة لها.

تحت سقف "حزب الله" و"حركة أمل" تعمل معظم بلديات المنطقة في البقاع الشمالي من قرى غربي بعلبك والشرقي حتى الهرمل، وتتبع تلك البلديات في تركيبتها إلى الثنائي الشيعي بعد معارك إنتخابية في البعض منها العام 2016 وتفاهمات وتزكية في مناسبات أخرى، ويسيطر "الحزب" على اتحادات البلديات الواقعة ضمن هذا النطاق ويمرر فيها المشاريع التي يريد ويغطي المخالفات والتجاوزات التي يريد.

تجربة البلديات وتعاطي المسؤولين الحزبيين في العديد من القضايا أثبتت أن المصلحة العامة يُغضّ النظر عنها حيناً، ويقف هؤلاء بجانب الناس أحياناً. وفيما بدأت حملة إزالة التعديات والمخالفات عن الطرق العامة والرئيسية وإزالة الأكشاك والصور والرايات، لا تزال المحسوبية تطغى على ما عداها من قوانين وأنظمة يقال إنها تطبق وفق معايير المصلحة العامة، ولا تزال المطبات تنتشر على طول الطريق الدولية من دون إزالتها، يتكبد منها المواطنون عناء المشقة وبُعد المسافة والتعب.

في الخامس عشر من آذار الفائت وخلال اجتماع في مبنى محافظة بعلبك الهرمل بين المحافظ وعدد من رؤساء البلديات والإتحادات وحضور ممثلين عن "حزب الله" و"حركة أمل"، وبعد مشاورات تقررت في حينها إزالة كل الشعارات والأعلام الحزبية بعد أسبوع من أي مناسبة دينية أو سياسية، إستمهل ممثلو الحزبين المحافظ طالبين الوقت الإضافي (عشرين يوماً) لإزالة تلك الشعارات والصور والأعلام، فأولوية المناسبات وطغيان المصالح الحزبية يتقدمان على مصلحة المنطقة وصورتها السياحية التي تتراجع يوماً بعد يوم. أما اللافت حينها فكان قرار إزالة المخالفات نتيجة استقرار الوضع الأمني في لبنان والبدء بإزالة البلوكات الإسمنتية من أمام الوزارات والمناطق التي كانت تشكل مصدر استهداف بما فيها مبنى وزارة الداخلية، حيث أزيلت البلوكات الإسمنتية من أمامها بأمر من الوزيرة ريا الحسن، لكن المفارقة أن مبنى محافظة بعلبك الهرمل لا يزال حتى اليوم مصوّناً بالبلوكات الإسمنتية التي تقطع الطريق أمام السيارات وتمنع دخولها، مع العلم أن الطريق حيوي هناك ويخفف من زحمة السير في السوق، و"حزب الله" أيضاً فتح الطريق بجانبه بعد سنوات من قطعه تحسباً لأي عمل إرهابي، والسبب ببقاء تلك البلوكات وضع المحافظ الأمني وهي أسباب انتفت مع خروج الإرهابيين، أما تهديد سعادته فهو أمر آخر كان من شبان طائشين وتمت معالجته في وقته.

منذ أيام قام اتحاد بلديات بعلبك بحملة إزالة مخالفات من دوار تل الأبيض حتى دورس، وقبلها حملة بحضور محافظ بعلبك ـ الهرمل، حيث أزيلت بعض المخالفات عن الأرصفة أخيراً، ونظمت محاضر ضبط بحق مخالفين وتوجيه إنذارات للبعض، وفيما أكد المسؤولون أن تلك الحملة ليست إستعراضية أو إعلامية سأل أحد المتابعين عن مصير الأكشاك في رأس العين وغيرها من المناطق التي تعتبر مخالفة ولكنها مغطاة من بعض النافذين، وسأل أيضاً عن مرجة رأس العين التي تغزوها المخالفات، وفي حين اتخذ قرار بإزالتها عاد وضعها إلى أسوأ مما كانت، حيث أصبحت مقهى تقدم فيه النرجيلة، وتباع فيه الألعاب، وتفرشُ فيها موائد الطعام، فيما هي المتنفس الوحيد لأبناء المنطقة لمن لا يستطيعون دخول المطاعم، كذلك فإن القيمة الجمالية للمرجة والأشجار المعمرة فيها تحتاج إلى عناية واهتمام لا إلى غض النظر عن تلك المخالفات لأسباب مجهولة.

ويشير مصدر مطّلع إلى أن "الحملات قد تزيل بعض المخالفات وهو أمر صحيح، لكن الجوهر يبقى في تطبيق القانون على الجميع وعدم استثناء المدعومين، وفي المناطق التي تصنف غير آمنة كالشراونة"، ويضيف ان "منع البناء في المنطقة منذ سنوات، حيث يمنع على أي مواطن تشييد غرفةٍ من دون رخصة فيما البناء على أوجّه في الشراونة من دون رقيب أو حسيب، فهل تستطيع الدولة إزالة مخالفات أكشاك وغيرها عن الأرصفة وتعجز عن قمع مخالفات البناء ووضع اليد على الأراضي؟".

عبرة تطبيق القانون تبدأ من رأس الهرم حتى أسفله، ففي حين يطلب إزالة جميع البلوكات ومظاهر التعدي على الأملاك العامة، وتبقى الطريق أمام المحافظة مقطوعة لتجسيد حالةٍ أمنية معينة، وكذلك تطبيق القانون على الضعفاء فيما الأحزاب والكبار يتخطون القانون بالصور والأعلام وغيرها، فهذا أمر لا يبشر بالخير وبعيد كل البعد من مبدأ المساواة والمعاملة بالمثل.


MISS 3