خالد أبو شقرا

"الجمهورية القوية" يُقدّم إقتراح قانون لتعديل المادة الرابعة من قانون دمج المصارف وإنصاف المستخدمين

"فأس" انهيار البنوك يقع في رأس موظفيها

11 شباط 2021

02 : 01

إعادة هيكلة المصارف ستقلّص الوظائف بمقدار النصف (رمزي الحاج)
تتساقط ضحايا إنهيار القطاع المصرفي الواحدة تلو الأخرى. فمن بعد المودعين والمساهمين أتى الدور على الموظفين. بين 8 و10 آلاف موظف على أقل تقدير سيصرفون في غضون الأشهر القليلة المقبلة. الإستغناء عن الخدمات الذي أصبح أمراً واقعاً، يقابل بفتح إتحاد نقابات الموظفين معركة، ما زالت لغاية اللحظة إفتراضية، لضمان تعويضات تليق بعمال أعلوا شأن العمل المصرفي لعقود.





"مقص" المصارف الذي استفْرد بنحو 2000 موظف بين 2019 و2020، قد يمتد إلى 35 في المئة، أو حتى أكثر، من العدد المتبقي والمقدر بـ24 ألفاً. وعلى ما يبدو فان الشروط الواردة في بروتوكول "التعويضات المقترحة في حالات الصرف الجماعي"، الذي أعده "الإتحاد"، ودعمته كتلة الجمهورية القوية بمشروع قانون، عادلة كفاية بالنسبة إلى الموظفين. ولكنها ستكون بحسب التوقعات عنواناً لمعركة كرّ وفرّ بين النقابات وإدارات المصارف، حيث لن توفر الأخيرة طريقة للهروب من الالتزامات، واستعمال مختلف "الأسلحة" المحرمة إنسانياً، لتفادي ترتيب المزيد من الأعباء المادية عليها.


لا ردّ على "بروتوكول" المصارف

"بروتوكول" حماية حقوق الموظفين الذي قُدّم من قبل نقابة موظفي المصارف وحاز على موافقة الاتحاد، وزّع، بحسب رئيس النقابة أسد خوري، عبر البريد الالكتروني على إدارات البنوك ومدراء مواردها البشرية. "لكن لغاية الساعة لم نتلق أي جواب أو رد يؤكد استلام المصارف العرض ويشرح موقفها، بسبب الحجر العام وإقفال البلد طيلة الفترة الماضية"، يقول خوري. هذا الوقت الضائع يبدو ان المصارف تستثمره "لتشحيل" أكبر عدد ممكن من الوظائف إفرادياً، قبل دخول أي "بروتوكول" صرف جماعي حيز التنفيذ. وهي تعمد بحسب المعلومات المجمعة من موظفي المصارف الى استعمال مختلف طرق الترهيب والترغيب لتحقيق مبتغاها. فتحذر الموظفين من أن البروتوكول مبالغ فيه وهي لن ترضى به، وستماطل وتراوغ لفترة قبل التوقيع على أي عقد. وتعمد في المقابل الى إغراء الموظفين بدفع تعويض صرف عبارة عن راتب 5 إلى 10 أشهر باللولار، مضافاً اليه بعض الحوافز، التي لا تُسمن ولا تغني عن جوع في هذه الظروف.


شروط الصرف

ينص مشروع (إتفاقية تعويضات الصرف) المرفوع من الإتحاد على مجموعة من البنود، أبرزها:

- إعطاء المصروف مبلغاً مقطوعاً يوازي رواتب ثمانية عشر شهراً مهما بلغت سنوات الخدمة. وراتب شهرين عن كل سنة لغاية 36 سنة خدمة.

- يجب ألا يقل الحد الادنى للتعويضات عن مبلغ 10 آلاف دولار اميركي، والحد الاقصى 300 ألف دولار، أو ما يعادلها بالعملة اللبنانية. على ان يتم الاحتساب على سعر المنصة في تاريخ الصرف، والذي هو حالياً 3900 ليرة.

- تدفع الإدارة للمستخدم المصروف نصف مجموع التعويضات وفق ما هو وارد أعلاه في حال تسديدها بالدولار الاميركي وعلى السعر الرسمي المعتمد من قبل مصرف لبنان 1515 للدولار الواحد. ويتم ايداع المبلغ في حساب جار باسم المستخدم المصروف.

- يتحمّل المصرف كامل الضرائب والرسوم المتوجبة على مبالغ التعويضات المدفوعة للمستخدمين المصروفين.

- إعطاء كل مستخدم بلغ الستين من العمر وما فوق، كل ما تبقى له من رواتب حتى بلوغه سن التقاعد، مضافاً اليها تعويض وقدره 18 شهراً، والتعويض المستحق له بموجب الفقرة 2 من المادة 30 من عقد العمل الجماعي.

- شراء إدارة المصارف بوليصة تأمين استشفائية لسنة كاملة لكل المستخدمين المصروفين. إضافة إلى شراء الاستشفاء الوارد في المادة 48 من عقد العمل الجماعي.


"الجمهورية القوية" يقترح مشروع قانون

بناء على تجارب الصرف الجماعية التي حدثت في الماضي، فان المصارف لن توافق على الجزء الأكبر من البنود الواردة، هذا إن لم ترفض معظمها. الأمر الذي دفع بخوري إلى مواكبة هذه القضية مع مصلحة المصارف في حزب القوات اللبنانية. ما أثمر عن تقديم تكتّل "الجمهورية القوية" إقتراح قانون معجل مكرر يهدف إلى تعديل المادة (4) من قانون الدمج للتأقلم مع الواقع الحالي، خصوصاً أن هذه المادة من القانون رقم 192 تاريخ 4/‏1/‏1993 والتي تحدد حقوق وتعويضات الموظفين في المصارف المذكورة بـ 6 اشهر كمعدل وسطي، قد انقضى عليها أكثر من 28 عاماً ونيف، مما يقتضي معه تعديلها، سيما مع الإنهيار المالي والمعيشي والنقدي الحالي. حيث لم تعد التعويضات تكفي اقله لتأمين إعالة عائلات الموظفين.

إقتراح القانون المقدم أتى، بحسب خوري، "متوافقاً في كثير من المواد مع البروتوكول المقدم من "الاتحاد"، باستثناء موضوع تحويل التعويضات إلى الدولار وقبضها على سعر المنصة. حيث اقترح مشروع القانون إعطاء المصروفين تعويضاً عبارة عن راتب 20 شهراً للسنة الأولى، إضافة لشهرين عن كل سنة خدمة لغاية 36 سنة خدمة. على أن تحتسب سنين الخدمة المتواصلة في القطاع المصرفي، وليس في المصرف الحالي؛ إلا في حال كان الموظف قد استفاد من تعويض دمج سابق".

هذا المشروع الذي يشكل، من وجهة نظر خوري، في حال إقراره "رافعة حقيقية لانصاف آلاف الموظفين، ويوفر الكثير من المواجهات"، سيرافقه شخصياً بالاتصال بمختلف المكاتب العمالية في الأحزاب السياسية، لتأمين قوة ضغط كبيرة لاقناع النواب بالتصويت والموافقة عليه عند طرحه على الهيئة العامة في البرلمان، ذلك "لاننا نقف اليوم أمام مجزرة إجتماعية، ومحاولات تملص المصارف من دفع التعويضات العادلة"، يقول خوري، "لاعتقادها أنها بذلك تُنقذ مصارفها. في حين أن كل التعويضات لا تشكل نقطة في بحر ما فعلته وتفعله البنوك، والذي أدى إلى وصولها إلى هذه المرحلة الحرجة". وبرأيه، فإن "التعويض القديم الذي تراوح بين 6 أشهر و20 سنة لم يعد يساوي شيئاً اليوم في ظل التضخم وانهيار القدرة الشرائية. وبالتالي سنكون صداً منيعاً أمام كل المحاولات التي تنال من حقوقنا وحقوق عائلاتنا. ولن نوافق إلا إذا كانت التعويضات كفيلة بحياة كريمة للموظف بعد كل التقديمات والعطاءات التي بذلها في سبيل القطاع المصرفي".

المشكلة إن مشروع القانون على أهميته لن يمر كمعجل مكرر بحسب اوساط حقوقية بل سيحول إلى "مقبرة" اللجان لينام "بهناء". ولن يبق أمام موظفي المصارف إلا الاتحاد في مواجهة شراسة المصارف، وضمان عدم قضمها لحقوقهم.


MISS 3