مايا الخوري

Beyrouth Connection يحتفي بالذاكرة

كارول زيادة العجمي: نحتاج الى التكاتف حول ثورةٍ منظّمة

17 شباط 2021

02 : 00

Beyrouth Connection (مافيا بيروت - حفّارو قبور لبنان) إصدار الكاتبة والأستاذة في الجامعة اللبنانية كارول زيادة العجمي للتعبير عن الألم الكبير الذي وحّد اللبنانيين بعد جريمة 4 آب، التي أسمتها عن حقّ "محرقة بيروت".

يتألف إصدار العجمي الجديد من 5 فصول. تسرد في الفصل الأول "الثورة تولد من رحم الأحزان" تفاصيل هذه المجزرة وما سبقها في 1 آب، بحق الشعر والصوت والثقافة، "عندما حرّفوا أغنية السيدة ماجدة الرومي في حفل عيد الجيش خوفاً من كلمة "ثورة"، حتى جاء تاريخ 4 آب ليؤكد صوابية هذه العبارة، فأصبحت نشيدنا الذي نردّده".

أمّا الفصل الثاني، فيسلّط الضوء على أهمية إبقاء الذاكرة حيّة، فمن واجبنا أن نتذكّر شهداءنا وضحايا الحروب والإستهتار والفساد والمتاجرة بمقدّرات البلد. وتشدّد عجمي على أهمية تربية أولادنا على منطق عدم التمييز والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، والإحجام عن تغليب المصلحة الشخصية على تلك الجامعة وتدعو إلى تخصيص وقت في المؤسسات التربوية لإحياء الذاكرة وتنظيم نشاطات تخلّد ذكرى كلّ الضحايا، وربما تنظيم مسابقات إبداعية فكرية فنية أدبية أيضاً حول هذا المحور، لينمو جيل كامل على احترام الذاكرة وقدسيّتها.





ويتضّمن الكتاب فصلاً عن مئوية لبنان الكبير سارداً محطات النجاح والفشل والأحداث الوطنية المهمة.

وقُسّمت فيه الحرب اللبنانية إلى ثلاثة أبواب: قسم أوّل للأحداث بين 1975 و1990، ثم أحداث 1990 و2005، وقسم ثالث بين 2005 وثورة 17 تشرين. ويختم الكتاب باستذكار 190 اسماً من ضحايا 4 آب حتى لحظة صدوره أي بعد شهر من الجريمة.

وعن إطلاق تسمية "محرقة بيروت" على جريمة المرفأ، تشرح العجمي بأن إستهلاك مفردة "مجزرة" أفقدها معناها الحقيقي فلم تعد تهزّ الضمائر. "نعيش منذ 45 عاماً حروباً وإنفجارات وإغتيالات وخطفاً على الهوية، إلا أننا لم نعرف الجوع كما هو حاصل اليوم. إنها أشبه بالإبادة والمحرقة. محرقةٌ لتراثنا كذلك بعد تدمير أجمل شوارع بيروت وأبنيتها التراثية"، تعلّق العجمي.

وهكذا تتراكم الآلام على امتداد السنوات. "بدأت التصفية منذ 15 عاماً، تحديداً بعد إستشهاد الرئيس رفيق الحريري وثورة الأرز والإنتهاء من الإحتلال السوري، فكثرت الإغتيالات واستشرت وعشنا حروباً بأشكالٍ مختلفة: تصفيات، حرب إقتصادية، حروب حزب الله مع إسرائيل، أحداث 7 أيّار 2008 وصولاً الى التصفية الأخيرة في 4 آب، بعد الإستيلاء على أموالنا. حرقوا بيروت وجوّعوا طرابلس"، تضيف بلوعةٍ.

وترى المؤلفة في تعبير الفنانين المبدعين عن معاناتهم وحزنهم بعد 4 آب عملية تحرّر نوعاً ما وتواصلاً مع الجمهور، ما يؤسس لتراثٍ ثقافي وفني وفكري للوطن والشعب معاً. ومن هنا برأيها، أهمية التشجيع على إنتشار هذا النوع من الفنون والتفاعل معها، وإعطائها مساحة كافية للانتقال بسلاسة من الفرد إلى النخبة ومنها إلى الجمهور العريض والصحافة والبلدان الأجنبية كلها، مولّدة بذلك ردّة فعلٍ هي في الحقيقة انعكاس لحضارة الشعب ومستواه الفكري.

وتوجّه العجمي صرخة غضبها الى الحكّام والمافيات المسؤولين عن دمار الوطن وخرابه وإفلاسه، داعيةً اللبنانيين الى التكاتف والتعاضد حول الثورة والإنضمام إلى الثوّار في لبنان والخارج. وتلفت الى أهمية تحديد الأولويات المطلبية، مع التركيز بشكلٍ أساسيّ على إستقلالية لبنان وحياده برفض أيّ محور إيرانياً كان أم سورياً. والثورة بحاجة الى تنظيم كي لا تنحصر في إطار "الحراك" ورفع الشعارات فحسب.

وتؤمن المؤلفة بأن لبنان كطائر الفينيق فهو قادر على إعادة إحياء ذاته والخروج من كبوته: "صحيح أننا نفتقد الى الوسائل المادية حالياً ولكننا نملك العلم والثقافة والطاقات الفكرية الزاخرة، وهو ما ذكره الرئيس الفرنسي عند إنتقاده للطبقة السياسية، لافتاً إلى نجاح اللبنانيين المغتربين وبراعتهم في المجالين الفكري والثقافي".

وتنتقد العجمي أحزاباً وشخصيات سياسية إمتهنت ثقافة الموت محاولةً جرّ اللبنانيين إليها، رغم أنّ الشريحة الأكبر من الشعب تحبّ الحياة وهذا ظاهر في نمطها التقليدي بالترفيه عن النفس والسهر وقضاء الاوقات الممتعة، ربما أيضاً بضغط من المشاكل اليومية والاعباء الملقاة على كاهلها. ولا تشعر العجمي بالاحباط بل هي مؤمنة بأنّ القيد لا بدّ من أن ينكسر وبأن لبنان سيعود الى سابق عهده، أي بلد التعايش والثقافة والانفتاح.





MISS 3