رمال جوني -

تفلّت في النبطية: خرْق للحجْر والتباعد... و"كلّو فدا الثلج"

22 شباط 2021

02 : 00

الناس في وادٍ و"كورونا" في وادٍ

لم يعمل الناس أي حساب لـ"كورونا"، بات خارج حساباتهم، أقلّه لنهار واحد، فالأولوية للثلج، إذ تحوّلت قرى الريحان وعرمتى محجّاً للعائلات، بحيث شهدت عجقة غير مسبوقة في يوم الاقفال ومنع التجوال. حتى حواجز القوى الامنية والجيش التي باغتت المواطنين عند مفرقي العيشية والجرمق، لم تمنع الناس من الوصول الى "الجنرال الابيض"، بحثاً عن الراحة ولو ليوم واحد، فالناس كلّت الحجر وملّت الاقفال، ولكن ماذا عن "كورونا"؟

جلست إحدى السيّدات وسط الثلج الابيض، تنفخ نرجيلتها، تراقب الاطفال يلهون بكرات الثلج، تبتسم تارة وتلتقط الصور تارة اخرى. السيدة نفسها، ترى أنّ "كورونا" لا يحضر الى الثلج، وأنّ الاولاد حقّهم باللهو، مؤكّدة أنّ التباعد قائم.

عن أي تباعد يتحدّثون؟ في حسابات الذين حجّوا للعب بالثلج، أنّ الاحد عطلة، و"كورونا" لا يحضر، وفي تفكيرهم "حقّنا نتنفّس، تعبنا من المنزل". وحدها النرجيلة الحاضر الأبرز في جلسات الجنرال، ومعه كوب قهوة عربية، وتجمّعات على مدّ العين، من دون أدنى مسافات التباعد. حتى الكمّامة إن حضرت وضعت على الذقن، للصورة ليس إلا، وِفق نرمين، التي أكّدت "أنّ الثلج موسم ويجب الاستفادة منه". ترى السيدة العشرينية التي حضرت برفقة الأصحاب "أننا نحتاج للعب لنمتصّ الازمات ولاحقين نرجع عالحبس".

الغلبة الكبرى للاطفال، فهم الحجّة الدامغة للاهل كي يبرّروا خروجهم، يقول ياسر "انّ طفله علي إبن السنة يريد أن يلعب بالثلج، لذلك خرجنا"، يجزم بأنه لم يحصل على إذن خروج "مين أصلاً أخذ اذن، ما حدا مهتمّ"، ويؤكد انه يلتزم التباعد، وهو نفسه الذي يجلس بقرب عشرة اشخاص من دون ادنى تباعد، فـ"كورونا" برأيه لا يصل الى الثلج.

من يردع المواطن غير المسؤول عن تصرّفاته التي قد تجرّ الويلات على البلد، إذ بدا لافتاً أنّ احداً غير مبال بأبعاد تصرّفاته، وغير آبه بالمخاطر المحدقة جرّاء هذا التصرّف. فكرمى لعيون الثلج أهلاً بمزيد من الإصابات، وهذا ما تتخوّف منه جهات صحّية، نتيجة الاكتظاظ وعدم التزام معايير السلامة الوقائية، فالناس في واد، و"كورونا" في واد آخر.

تحت شجرة صنوبر صغيرة يجلس ياسين، يدخّن نرجيلته، يبتسم للعجقة الكبيرة، فالناس ملّت خرجت للترويح عن النفس، هكذا يعلّل العجقة الخانقة، ويؤكّد أنه لم يصب بـ"كورونا"، وطالما انه لم يقترب منه فلا وباء، وكلّه كذبة لامتصاص غضب الناس من الغلاء وغيره.

لم يغب رجل الثلج عن سيارات الزائرين، ولم تغب أزماتهم الملبّدة بالوجع، فالكلّ يجزم أنه خرج لالتقاط النفس، ويبرّر البعض تصّرفاتهم بالقول "يوم وبيمرق".

عشرات محاضر الضبط سطّرتها القوى الأمنية، التي عمدت الى إبعاد الناس الذين تقاطروا الى قرى الثلج، وأعادتهم أدراجهم. بدا مستغرباً حجم التفلّت الذي شهدته المنطقة خلال اليومين الماضيَين، فالكلّ نسي ارتفاع سعر البنزين، واللحوم والدجاج وكل السلع الغذائية. ويؤكّد الحاج ابي ادهم أن الناس تنفجر إن انقطع المعسّل وما عدا ذلك "لا تنده ما في حدا"، الشعب مخدّر. ويعلّل رأيه بمشهد عامة الناس على الثلج، فـ "لا يمكن تفسير لامبالاة الناس تجاه واقعهم المتشظّي الا بأنه حالة نفسية مستعصية، وحده المعسّل يفجرها، وما عدا ذلك، كلّو بيقطع".

بالمحصلة، العين على ما بعد العجقة وعلى الاعداد التي سيسجّلها "كورونا" نتيجة التفلت الذي حصل، فرغم تسلل حالة الامل بوصول اللقاح ليكون جرعة الخلاص، فإن جرعة خوف بدأت تتصاعد من الشعب غير المسؤول، و"كلو فدا الثلج".


MISS 3