جاد حداد

New Amsterdam... دراما طبية بامتياز

26 شباط 2021

02 : 00

بما أن معظم الأعمال الدرامية الرائجة اليوم تتمحور حول رجال الشرطة أو الأطباء، ليس مفاجئاً أن تلجأ كلها إلى الحبكات المبنية على الحِيَل والتحولات المتواصلة، على غرار المسلسلات الكوميدية القصيرة. هي تُحقق هدفها بشكل عام عبر إعطاء صفات غريبة وغير مألوفة للشخصية الرئيسية. لكنّ هذه البساطة لم تعد فاعلة بالقدر نفسه نظراً إلى شحّ الأفكار. الأسوأ من ذلك هو أن معظم الأعمال تهتم بتلك الحِيَل أو التحولات الكبرى في الحبكة لأنها تخدم الجوانب الميلودرامية في العمل.

في مسلسل New Amsterdam (أمستردام الجديدة)، يصل مدير جديد إلى واحد من أقدم المستشفيات الأميركية: إنه "ماكس غودوين" (راين إيغولد) الذي يوشك على إحداث تغيرات هائلة. يلقي المدير الجديد خطاباً معيناً عن التحولات المرتقبة عند وصوله، لكن لا أحد يهتم بكلام "غودوين" في البداية نظراً إلى تأخّر المستشفى على جميع المستويات. سرعان ما يتغير الوضع حين يبدأ المدير بإحداث تعديلات حقيقية.

رغم سلوك "غودوين" شبه المرح وميله إلى قول عبارة "كيف لي أن أساعدك؟" حين يدخل كل غرفة، لا أحد يتوقع أن يبقى في منصبه لوقتٍ طويل أو أن تكون قراراته الجديدة دائمة، مع أن الطاقم يتشجع على تحسين الوضع في مرحلة معينة.

تتمحور القصة في معظمها حول مجموعة صغيرة من الأطباء ومرضاهم. يدير الدكتور "إيغي فروم" (تايلر لابين) قسم الأمراض النفسية ويُعتبر من أوائل المشاركين في جهود المدير الجديد. كذلك، ينضم الدكتور "فيجاي كابور" (أنوبام خير) والدكتورة "لورين بلوم" (جانيت مونتغومري) إلى نادي المعجبين به منذ مرحلة مبكرة. في المقابل، تُخصّص الدكتورة "هانا شارب" (فريما أغيمان) معظم وقتها لجولة دعائية لامتناهية ولا يروق هذا الوضع للدكتور "غودوين"، كونه لا يتماشى مع فلسفته غير التقليدية التي تدعو الأطباء إلى مساعدة مرضاهم قبل أي شيء آخر.

كما هو متوقع، تسمح هذه الأجواء بتعريف المشاهدين على حالات جديدة ومثيرة للاهتمام، وأخرى عابرة وغير حماسية، تمهيداً لتوضيح البرنامج الواعد الذي يحمله الدكتور "غودوين" لتحسين المستشفى.



يشمل المسلسل خليطاً مفاجئاً ومثيراً للاهتمام من الشخصيات والأفكار، فهو يتجنب الدراما المفرطة التي تجذب المشاهدين في العادة ويستبدلها بجرعة كافية من الأحداث الدرامية التي تزعزع هدوء المستشفى. يعرض المسلسل ديناميات العمل الطبي ويُركّز على طريقة تعامل الأطباء مع مختلف التطورات المستجدة.

في خضم المعركة التي يخوضها الدكتور "غودوين" ضد مجلس الإدارة ونشوء اصطفافات متعارضة في المرحلة اللاحقة، سنشاهد الحالات الاعتيادية داخل المستشفى، وهي تُسلّط الضوء على أداء الأطباء وتثبت أن بعضهم يكون غير كفوء بأي شكل وقد يؤذي المريض بطريقة لا يمكن إصلاحها. من اللافت أن نجد مسلسلاً طبياً حيث يقول أحد الأطباء: "لا، الطبيب لم يرتكب أي خطأ، بل إننا أجرينا هذا الفحص وتوصلنا إلى هذا الاستنتاج... أعراضك هي التي تغيرت قليلاً الآن". لكن لا يتخلى هذا المسلسل عن الحوارات التقليدية عموماً.

مسلسل New Amsterdam مستوحى من مذكرات الدكتور إيريك مانهايمر التي حملت عنوان Twelve Patients: Life and Death at Bellevue Hospital (12 مريضاً: الحياة والموت في مستشفى "بيلفو") بعدما كان المدير الطبي لذلك المستشفى طوال 15 سنة. يسهل أن ينتج المسلسل ردود أفعال متناقضة، فهو عمل ممتع وجاذب لكنه قد يثير اضطراب المشاهدين حين يطّلعون على الحِيَل التي يقوم بها موظفو المستشفى أحياناً. تبدو الأجواء العامة مضطربة وقد نتوتر بانتظار الأحداث اللاحقة. حتى أننا قد نطرح السؤال الذي وجّهه أحد الأطباء إلى الدكتور "غودوين" حين قال له: "هذا صحيح! كان الوضع ليصبح مثالياً لو حصلت الأمور كما تقول. لكن ما الذي يحدث فعلياً في هذا المكان"؟

على مستوى التمثيل، يقدم تايلر لابين وأنوبام خير أداءً ممتازاً لدرجة أن تفوق قدراتهما التمثيلية قيمة المسلسل كله. يبلي إيغولد حسناً ويسهل أن يصبح القوة المحركة للمسلسل، لكن لن يحصل ذلك قبل مرور المرحلة الأولية التي يضطر فيها للاهتمام بالشؤون الإدارية. مع ذلك، يبقى مستوى لابين وخير مختلفاً عن الجميع.

في النهاية يُعتبر هذا المسلسل ممتعاً بشكل عام، مع أنه ليس متماسكاً بالشكل المطلوب، لكنه يتكل في المقام الأول على طاقمه التمثيلي القوي. يترافق هذا النوع من الأعمال في العادة مع أفكار واعدة ومخاطر محتملة في آن. يسهل أن نتعلّق بالمسلسل إذاً، لكن لا مفر في الوقت نفسه من الشعور ببعض التوتر بعد مرور عدد من الحلقات.


MISS 3