جاد حداد

"دغدغة" الأذن تمنع الأمراض المرتبطة بالسن!

7 أيلول 2019

16 : 00

كشف بحث جديد أن استعمال تيارات كهربائية مدروسة لتحفيز أجزاء معينة من الأذن قد يُجدّد توازن الأيض في الجسم، ما يؤدي إلى تراجع خطر الإصابة بمشاكل صحية مرتبطة بالسن. جذبت تقنية تحفيز العصب المبهم اهتماماً متزايداً في الفترة الأخيرة في أوساط الباحثين الطبيين.

يُعتبر العصب المبهم من أطول الأعصاب التي تربط الدماغ بمناطق جسدية أخرى، كما أنه يشكّل صلة وصل مباشرة بين الدماغ والأمعاء ويتفاعل مع الجهاز العصبي اللاودي.

يجتمع الجهاز العصبي الودي واللاودي لتشكيل الجهاز العصبي اللاإرادي الذي ينظّم الوظائف الجسدية التلقائية مثل التنفس وضربات القلب.

لهذه الأسباب، فكر الباحثون باستعمال تقنية تحفيز العصب المبهم لدعم الوضع الصحي عبر تخفيف الالتهابات وتحسين ضغط الدم وحتى مكافحة القلق.

غالباً ما يتطلب هذا التحفيز تدخلاً جراحياً، فيزرع الطبيب أقطاباً كهربائية صغيرة في مناطق مختلفة من الجسم، لا سيما العنق، كي تتمكن من بث حوافز كهربائية.

لكن يصل أحد امتدادات العصب المبهم إلى أجزاء محددة من بشرة الأذن الخارجية، ويسهل الوصول إليه أكثر من غيره. يستطيع الأطباء تحفيز هذا الفرع من العصب المبهم من دون الحاجة إلى أي زرع.

قرر باحثون من جامعتَي "ليدز" و"غلاسكو" في المملكة المتحدة حديثاً اكتشاف مدى قدرتهم على تحسين نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي من خلال "دغدغة" تلك الأجزاء من الأذن بموجات صغيرة من التيار الكهربائي.

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، بياتريس برثرتون الحائزة شهادة دكتوراه: "الأذن أشبه بمدخل يمكن استعماله للتلاعب بتوازن الأيض في الجسم، من دون الحاجة إلى أي دواء أو عملية غازية".

افترض الباحثون أن تجديد توازن نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي يمكن أن يُحسّن الوضع الصحي والراحة عموماً، حتى أنه قد يمنع مجموعة من الأمراض المرتبطة بالسن، على غرار ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والرجفان الأذيني.

أسبوعان لتحسين المزاجطوّر الباحثون علاجاً سمّوه "تحفيز العصب المبهم عبر الجلد". يعطي هذا العلاج مفعوله عبر بث حوافز كهربائية صغيرة في العصب المبهم عن طريق فرعه الواقع في بشرة الأذن الخارجية.

نُشِر تقرير عن الدراسة في مجلة "الشيخوخة"، وأوضح فيه الباحثون أن توازن الجهازَين العصبيَين الودي واللاودي يختلّ مع التقدم في السن، فيبدو أحدهما أكثر نشاطاً من الآخر. وبسبب هذا الخلل، يصبح الفرد أكثر عرضة للمشاكل الصحية في مراحل متقدمة من حياته.

شمل البحث الأخير ثلاث دراسات مختلفة شارك فيها أفراد في عمر الخامسة والخمسين وما فوق وما كانوا مصابين بارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب، أو السكري، أو الصرع في البداية. في الدراسة الأولى، خضع 14 مشاركاً لجلسة تحفيز العصب المبهم عن طريق الجلد وجلسة أخرى تحاكي التحفيز العصبي.

وفي الدراسة الثانية، تعاون الباحثون مع 51 مشاركاً وافقوا على الخضوع لجلسة واحدة من تحفيز العصب المبهم عن طريق الجلد. أخيراً، استفاد 29 مشاركاً في الدراسة الثالثة من تحفيز العصب المبهم يومياً طوال أسبوعين.

سمحت الدراستان الأوليان للباحثين بتحديد معدلات الاستجابة لدى المشاركين، ما أعطاهم فكرة أعمق عن التأثير الصحي لتحفيز العصب المبهم عن طريق الأذن.

اكتشف الباحثون أن العلاج الممتد على أسبوعين ساهم في تعزيز نشاط الجهاز العصبي اللاودي، تزامناً مع إضعاف نشاط الجهاز العصبي الودي، ما أدى إلى تحسين توازن الجهاز العصبي اللاإرادي.

كذلك، سجّل عدد من المشاركين تحسناً على مستوى النوم والمزاج ونوعية الحياة عموماً.

توضح برثرتون: "نظن أن هذه النتائج ليست إلا بداية الاكتشافات المهمة. نتوق إلى تحليل آثار تحفيز الأذن يومياً واستكشاف منافعه المحتملة على المدى الطويل لأننا رصدنا استجابة ممتازة للعلاج حتى الآن".

حتى أن تحسين الجهاز العصبي اللاإرادي قد يساهم في تخفيض خطر الوفاة وتقليص الحاجة إلى الأدوية أو الرعاية الطبية لأنه يُخفّض خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالسن.

كذلك، لاحظ الباحثون أن المشاركين الذين أصيبوا بأكبر خلل في توازن الجهاز العصبي اللاإرادي حصدوا أبرز المنافع من علاج "دغدغة" الأذن، فسجلوا أكبر تحسّن على مستوى الراحة والعافية.

في المرحلة المقبلة، يخطط الباحثون لتحديد الفئة التي يمكن أن تستفيد من تحفيز العصب المبهم عبر الجلد واكتشاف كيفية تطوير هذا الشكل من العلاج لتحسين جوانب مختلفة من الصحة في عمر متقدم.

تقول سوزان دوشارز التي شاركت في الإشراف على الدراسة: "نظن أن هذا التحفيز سيُحدِث فرقاً كبيراً في حياة الناس، ونأمل الآن في إجراء دراسات إضافية للتأكد من فعالية تحفيز العصب المبهم عبر الجلد لاستهداف اضطرابات متعددة".


MISS 3