كلير شكر

اختبار "سيمنز"- اللغز... قد يطيّر كلّ مناقصة الفيول!

31 آذار 2021

01 : 59

المناقصة شهدت نقاشاً مستجدّاً بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات

طبعاً لن يكترث اللبنانيون لماهية الاختبار D381 الذي تصرّ عليه شركة سيمنز الألمانية المصنّعة لتوربينات معامل انتاج الطاقة في الزهراني ودير عمار. ولن يبدوا اهتماماً للغز تسلّله إلى يومياتهم لتبرير عدم افراغ بواخر الغاز أويل حمولتها في خزانات معامل الانتاج... كلّ ما يهمهم هو عدد ساعات التقنين، وما اذا باتت فعلاً العتمة مصيراً حتمياً!

منذ أيام احتلّ الاختبار D381 واجهة الأخبار المرتبطة بملف الكهرباء والفيول، بفعل الخلاف الذي وقع بين شركة سيمنز ومختبرات شركة "Bureau Veritas" التي تستعين بها الوزارة لفحص تطابق الفيول أويل والغاز المستوردين، بسبب إصرار الأولى على تطابق الغاز المستورد مع هذا الاختبار مقابل إصرار المختبر على تطابق الكمية المستوردة عبر باخرة "Histria Perla" مع المواصفات المنصوص عليها في "العقد الفوري" Spot cargo، وهي آلية موقتة لجأت إليها وزارة الطاقة لاستيراد الفيول والغاز لزوم مؤسسة كهرباء لبنان بعد انتهاء عقد سوناطراك وبانتظار فضّ عروض المناقصة الجديدة، ما أدى بالنتيجة إلى تعليق تفريغ الباخرة لحمولتها من الغاز أويل، واستطراداً اطفاء معمل الزهراني محركاته.

المفارقة تكمن في أنّ وزارة الطاقة كانت تنتظر من شركة "كي بي سي" الكويتية التي انتهى عقدها أيضاً نهاية العام المنصرم، آخر بواخر الغاز أويل، وقد تأخرت نتيجة تعطّل الملاحة في قناة السويس. وبعد عودة الملاحة إلى حركتها الطبيعية، وصلت الباخرة الى الشاطئ اللبناني وستفرغ حمولتها من الغاز من دون الخضوع لهذا الاختبار، أسوة بما كانت تفعله، شركة سوناطرك طوال 15 عاماً، وفقاً للعقد الذي كان موقعاً مع الشركتين والذي لا ينصّ على هذا الاختبار، وبعلم شركة سيمنز أيضاً.

ما يطرح علامات استفهام مثيرة للريبة عن أسباب اصرار الشركة الألمانية على هذا الاختبار وربطه بشرط إلغاء عقد الكفالة في حال تمسكت وزارة الطاقة برأي مختبرات "Bureau Veritas".

المسألة لا تتوقف عند هذا الحدّ. فالخزينة العامة تتكبّد حالياً تكاليف انتظار الباخرة على الشاطئ اللبناني، كون الشركة المورّدة غير مسؤولة عن هذا الخلاف وهي التزمت الشروط المنصوص عليها في العقد. وهذه التكاليف مرشّحة للارتفاع أكثر مع وصول باخرة ثانية، Antares، إلى الشاطئ اللبناني والتي تواجه المشكلة ذاتها، ما يعني صعوبة تفريغ حمولتها.

وقد تحوّل الخلاف إلى أزمة قد تطال كل معامل انتاج الطاقة العاملة على توربينات من تصنيع سيمنز. ما يعني أنّ وزارة الطاقة قد تضطر لاحقاً إلى اطفاء كلّ من معملي الزهراني ودير عمار اذا ما بقي الخلاف قائماً. أكثر من ذلك، تواجه وزارة الطاقة مشكلة كيفية التعامل مع المناقصة التي أطلقتها إدارة المناقصات في 25 شباط الماضي، والتي ستجريها في التاسع من نيسان المقبل، أي بعد حوالى أسبوع، لشراء كميات من مواد، الفيول اويل (Grade A) الفيول اويل (Grade B) والغاز اويل، لزوم مؤسسة كهرباء لبنان.

اذ أنّ دفتر الشروط الموضوع لا يتضمن في المواصفات المنصوص عليها للغاز، الاختبار D381، وبالتالي اذا استمرت شركة سيمنز على رأيها، فقد يصبح الغاز المستورد نتيجة المناقصة (605000 طنّ متري)، غير قابل للاستخدام. الأمر الذي قد يدفع الوزارة إلى تعليق المناقصة برمّتها.

على الهامش، لا بد من الإشارة إلى أن هذه المناقصة شهدت نقاشاً مستجداً بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات بعد اطلاقها. اذ تبيّن أنّه بعد حوالى عشرة أيام من اطلاقها، راسلت وزارة الطاقة إدارة المناقصات تقترح عليها ادخال تعديل بعض المواصفات الفنيّة العائدة لمادة الفيول اويل Grade A وذلك بناء لإفادة الشركة الصانعة للمراجل في معمل الذوق AC boilers التي اعتبرت أنّ المواصفات الفنية المعتمدة حالياً لا تزال مقبولة، ولكن بناء لكتاب مؤسسة كهرباء لبنان الذي تطلب بموجبه ايداعها أي اقتراح تعديل للمواصفات الفنية، فقد أضافت اقتراح تقديم بعض العناصر لتحسين عمل المراجل كما الطلب إلى المورد تقديم تحاليل مفصّلة.

وبعد استشارتها خبير الإتحاد الأوروبي، ردّت إدارة المناقصات بأنّ تقرير الخبير يستفاد منه بأنّ التعديلات المقترحة تحسّن عملية الصيانة إلا أنّها ترفع التكلفة المالية للعقد وهي تشمل مواصفات أعلى من تلك المعتمدة عالمياً، مشيرة إلى أنّه يعود لمؤسسة كهرباء لبنان إقامة الموازنة بين الفوائد المرتجاة من هذه التعديلات، وزيادة التكلفة المالية الناجمة عنها، مذكرة بأنّ ادارة المناقصات سبق وأعلنت عن المناقصة ونشرت دفاتر شروطها الخاصة على موقعها الالكتروني، ومؤكدة أنّ أي تعديل جديد على دفتر الشروط الخاص بالصفقة يستدعي الإعلان عنه مجدداً وبالطريقة ذاتها عملاً بأحكام المادة 128 من قانون المحاسبة العمومية مما قد يؤخر إجراء المناقصة... وبالتالي ردّت الكرة إلى ملعب الوزارة، إلى أن حلّت "مصيبة" الاختبار D381 الذي قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر!