رمال جوني -

الإقفال في النبطية "مش نافع" والحياة على طبيعتها

6 نيسان 2021

02 : 00

إقفال بلا إقفال

خلُص الاقفال العام في جزئه الاول الى "اللاشيء"، فالإقفال لم يطبّق في منطقة النبطية، والحياة بدت على طبيعتها. حركة عادية، محال شرّعت ابوابها لتدعم نفسها بعدما فُقد المدعوم من السوق. فالناس تلهث خلف لقمة عيشها، ولا يمكن ان يردعها الجوع، ولو فيروس "كورونا"، فالكلّ يريد الامان الاجتماعي والاقتصادي والصحّي، وأي خلل في واحدة يعني كارثة.

لم تلتزم النبطية وقراها بالاقفال العام، حتى بيان محافظ النبطية الدكتور حسن فقيه القاضي بتطبيق الاقفال وتسيير دوريات في القرى، لم يعدُ كونه حبراً على ورق. بالكاد لمح الناس دورية "عالماشي"، ما يحفّزهم على المخالفة اكثر، فالقاعدة تقول "إن لم تفعل ما تقوله، لن تقنع احداً بالقانون"، بدليل أنّ المدن الصناعية ومعظم المحال التجارية مارست أعمالها كالمعتاد، مع فارق بسيط أنّ المدن الصناعية يسيطر عليها "دولار السوق الموازية"، والربح هو "الآمر الناهي" لدى معظم الصناعيين، بالرغم من أنّ "النقّ" يرافق تعليلهم لعدم الاقفال. "بدنا نعيش" يقول احد الميكانيكيين عند طريق زبدين حاروف، الرجل الاربعيني رفض الالتزام بالاقفال بحجّة "يوم العطلة نخسر لقمتنا"، ويردف: "الأجدى بالسلطة الحاكمة أن تدعم الاقفال بتوفير سبل الرعاية الاقتصادية والاجتماعية للناس، لا يكفي قرار اقفال البلد يجب أن يُدعَّم بمساعدتهم".

لا تهدأ الحركة داخل المدينة الصناعية الممتدّة من زبدين باتجاه حاروف، تول والدوير، عجقة مارة وسيارات وكأنّ لا ازمة بنزين في المنطقة، ولا محطات مقفلة بالكامل بذريعة نفاد البنزين من خزاناتها. يتصرّف المواطن على قاعدة " قرقشة ولا الجوع"، يتعامل مع الازمة الاقتصادية بلامبالاة، تماماً كما تعامل مع الاقفال، ما يهمّه اليوم البحث عن السكر المدعوم، السلعة المدعومة الوحيدة المتوفرة في السوق، أما باقي السلع فتبخّرت لا أثر لها في الاسواق، ما يضع المواطن على المحك خصوصاً على أبواب شهر رمضان.

ينهمك أبو جواد في اصلاح دولاب إحدى السيارات، يدخّن سيجارته بعصبية، ينزعج من ارتفاع الاسعار بشكل يفوق امكانية ذوي الدخل المحدود، لا ينكر أنه حقّق ارباحاً طائلة جراء لعبة الدولار، "فالقطعة التي كانت قبل عام بدولار باتت اليوم بـ7 دولارات ومش أصلية"، حسبما يؤكّد، لافتاً الى "أنّ المواطن يتكبّد خسائر كبيرة جرّاء اعطال القطع الجديدة المغشوشة، هذا ناهيك عن تلاعب الميكانيكي بالقطع، يدفّع الزبون ثمن القطعة ولا يبدّلها، وهو الغش بعينه". يؤكّد أبو جواد أنّ "السوق مفتوح على أزمات وغشّ لا يُعدّ ولا يحصى، أكثر ممّا هو مفتوح على حلول للازمات الراهنة". ويضيف: "نعيش في زمن الانقلاب على الضمير، طالما الرقابة في فعل كان".

سقوط الاقفال بضربة العجقة القاضية برز داخل السوبرماركات، حيث الازدحام على السكر المدعوم، فـ"كورونا" يهون أمام الحصول على كيس سكر مدعوم، تركض احدى السيدات بسرعة كبيرة، تخترق صفوف الازدحام داخل السوبرماركت، تكاد أن تتعثّر بذيل ثوبها وهي تهرول ناحية السكر المدعوم خشية ألا تجد ضالتها. لا تأبه بحجم الذلّ الذي تعيشه كما كل الناس، ولا باحتكار المدعوم واخفائه وحصره فقط بالسكر من دون غيره، ما يهمها 5 كيلو سكر مدعوم بـ13 ألفاً، ترفض الحديث عن حجم الغلاء الذي بدأ يتصاعد على ابواب شهر رمضان، ولا عن عجزها عن شراء باقي السلع الاخرى، فالأهم الآن السكر على حسب قولها: "صرنا عبدة لكيس السكر، شغلونا بالبحث عنه أما البطالة والفقر والغلاء والفساد فبات في المرتبة الثانية، لأننا نعجز عن شراء أي شيء". ولماذا لا تقاطع؟ تؤكد: "المقاطعة لن تنفع ان لم تكن جماعية، ونحن اليوم ندفع ثمن خنوعنا وتساهلنا تجاه قراءتنا للازمات".

ترافق الاقفال بسلسلة ازمات: فقدان البنزين المدعوم، الكهرباء، الدولار، فهل يصمد المواطن اكثر، أم ينفجر مع بداية شهر رمضان حيث السلع باتت لمن استطاع اليها سبيلاً؟


MISS 3