جاد حداد

The Irregulars... تكرار للمشاكل الاعتيادية

6 نيسان 2021

02 : 00

تميل شبكة "نتفلكس" إلى تقديم أعمال عن المراهقين والشباب ويحب معظم المشتركين الأعمال الدرامية التي تدور أحداثها في حقبة زمنية قديمة. اتّضحت شعبية هذه الأعمال في النجاح الهائل الذي حققته مسلسلات مثل Bridgerton و The Queen’s Gambit(مناورة الملكة). يدخل المسلسل الجديد The Irregulars (المحققون غير النظاميين) في هذه الخانة ويطرح فكرة مثيرة للاهتمام، لكنه يحمل في الوقت نفسه شوائب شائعة في أعمال "نتفلكس" الأصلية. تكثر المواهب التي يقدمها هذا العمل لدرجة أن نتوقع تحوّله إلى سلسلة مشوقة مستقبلاً، ومع ذلك يجد المسلسل صعوبة في تقديم عمل ترفيهي متكامل رغم عناصره الفردية المميزة.

يبدأ المسلسل بناءً على حبكة ذكية. كانت شخصية "شيرلوك هولمز" التي اخترعها السير آرثر كونان دويل تستعمل في معظم الأوقات الأولاد المحليين وأطفال الشوارع لجمع المعلومات اللازمة لحل القضايا. لكن ماذا لو تولى هؤلاء الأولاد حل القضايا بأنفسهم قبل أن يتلقى "هولمز" المدمن على المخدرات الإشادة على عملهم؟ تدور الأحداث في العصر الفيكتوري في لندن، حيث تواجه مجموعة من المراهقين المضطربين عالماً من جرائم القتل الغامضة والأحداث الخارقة للطبيعة، فيتحول اثنان من أشهر المحققين تاريخياً، أي "الدكتور واتسون" (رويس بيريسون) و"شيرلوك هولمز" (هنري لويد هيوز)، إلى شخصيات ثانوية تُسبب المشاكل للمراهقين.





بطلة القصة هي الشابة "بيا" الساحرة والقوية التي تبلغ 17 عاماً (تاديا غراهام التي تنذر بظهور نجمة مستقبلية واعدة). هي الرئيسة الصارمة لعصابة غير مألوفة من المحققين بالجرائم، وهذا ما يفسّر عنوان المسلسل. تريد "بيا" في المقام الأول أن تحمي شقيقتها الصغرى "جيسي" الضعيفة ظاهرياً لكن القوية فعلياً (دارسي شو)، تزامناً مع تحقيق شكلٍ من العدالة في القضايا التي تتعامل معها. تتمتع "جيسي" بقوة خارقة وتتمحور واحدة من أبرز الخطوط السردية في المسلسل حول محاولات "بيا" و"جيسي" اكتشاف الحقيقة بشأن نَسَبهما ومعنى الكوابيس التي تراود "جيسي" وتداعياتها على مستقبلهما.

لا يقدم الفتيان في المجموعة تأثيراً قوياً بقدر تاديا غراهام أو دارسي شو، لكن من المتوقع أن يصبح هاريسون أوسترفيلد الممثل المفضل لدى المعجبين بدور "ليو"، الفتى الثري العالق في قصره الملكي منذ 17 سنة بسبب إصابته بمرض الهيموفيليا. سرعان ما يقع في حب "بيا" ويتسلل من القصر للمشاركة في مغامرات مجموعة المحققين رغم استياء "بيلي" (جوجو ماكاري) الذي يحب "بيا" بلا مقابل طوال حياته. أخيراً، يظهر "سبايك" الساحر (ماكيل ديفيد) ولا ننسى "واتسون" و"هولمز" طبعاً. تبدو شخصية "واتسون" جذابة ومتلاعبة، فلا يكف عن التصادم مع "بيا" وعصابتها، بينما يصارع "هولمز" شياطينه الخاصة وإدمانه الصعب.

في البيان الصحافي الخاص بالترويج للمسلسل، يقول المنتج التنفيذي توم بيدويل: "هذا العمل فريد من نوعه ويدخل في خانات سينمائية متنوعة، منها المغامرة، والرعب، والجريمة، والرومانسية، والخيال، والغموض". إنه جانب مثير للإعجاب طبعاً، لكنه جزء من المشكلة الأساسية التي تشوب الموسم الأول على الأقل، إذ يبدو أن كل جانب من هذه الجوانب لا يُستكشَف بدرجة كافية. يعجز صانعو المسلسل بكل بساطة عن تقديم هذه الأنواع كلها في عمل واحد، إذ ثمة خط رفيع بين تقديم عمل متعدد الأوجه من حيث النوع السينمائي وعرض مشاهد مكثفة ومتداخلة، ويقع The Irregulars في الفخ الثاني في مناسبات متكررة.

يتعلق جزء من المشكلة بأسلوب الإخراج السطحي والباهت، فيتنقل الأشخاص في أزياء قديمة قد تتماشى مع الحقبة الزمنية للأحداث لكنهم غير مرتاحين فيها، ولا تبدو الأجواء العامة قابلة للتصديق دوماً. يصيب المسلسل هدفه حين يجتمع أعضاء العصابة معاً وينشغلون بحل القضايا وسط أجواء مشوّقة. تتميز الحلقة الثالثة في هذا المجال. لكن غالباً ما تتحرك الأحداث في إطار حبكات فرعية مختلفة ولا يجيد الإخراج عموماً التعويض عن غياب التركيز في بعض المشاهد. كذلك، لم يستفد المسلسل من إطالة مدة الحلقة الواحدة إلى 60 دقيقة كاملة لأن اختصار المشاهد وحصرها بحوالى 44 دقيقة، على غرار المسلسلات الدرامية التاريخية القديمة، كان ليعالج معظم مشاكل العمل. لكنّ هذه المقاربة ما كانت لتتماشى على الأرجح مع النظام المعتمد في أعمال "نتفلكس".


MISS 3