باولا عطية

قوانين ومراسيم حكومية كثيرة تسمح بالتوسع بإنتاج الطاقة من المصادر النظيفة

المبادرات الفردية مدخل لحلّ أزمة الكهرباء بأكلاف قليلة

16 نيسان 2021

02 : 01

كلفة الإنتاج من الطاقة الشمسية لا تتخطّى 7 سنتات/‏ كيلوواط مقارنة بالطاقة العادية التي تكلّف 15 سنتاً
يعاني لبنان منذ أكثر من 40 عاماً من مشاكل هائلة في الكهرباء. فالقطاع كبّد الدولة ما يقارب الـ50 مليار دولار، ولا كهرباء حتى الآن! بينما أمّنت مصر خلال 18 شهراً 14 ألف ميغاواط، بكلفة 6 مليارات دولار. وأوصلت الصين الكهرباء لجميع مواطنيها بتكلفة 16 مليار دولار، فيما حاجة لبنان من الطاقة لا تزيد حالياً عن 4000 ميغاواط فقط!






يتكوّن نظام توليد الطاقة الحالي من 8 محطات توليد بالطاقة الحرارية بقدرة 2100 ميغاواط، و13 محطة بالطاقة المائية بقدرة 272 ميغاواط. هذا وتصل الخسائر الفنية في نقل الكهرباء وتوزيعها والخسائر غير التقنية، مثل السرقة والجباية غير المنتظمة، إلى 40% بحسب تقديرات البنك الدولي. أما حجم الطلب على الطاقة حالياً فيقدّر بـ4000 ميغاواط، مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي بمعدل 10-12 ساعة يومياً، كما أن الطلب على الطاقة الكهربائية يزداد بنسبة 7% سنوياً. ما يجعلنا نبحث عن بديل لتأمين الطاقة الكهربائية.

البديل موجود

في عملية البحث عن البديل نجد المادة 26 من قانون تنظيم قطاع الكهرباء الذي يحمل الرقم 462 الصادر بتاريخ 2/ 9/ 2002. وهي تسمح باعطاء تراخيص إنتاج الطاقة للاستعمال الخاص بقوة تقل عن 1.5 ميغاواط، من دون الخضوع لشرط الإذن. خطوة قد تكون بادرة حلحلة لأزمة الكهرباء في لبنان.

في هذا الاطار يشرح مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون في حديث لـ"نداء الوطن" أنّ "القانون 462/2002 لتنظيم قطاع الكهرباء ينص على إعطاء إجازات لإنتاج الكهرباء بقدرة 1.5 ميغاواط للأفراد، وترتفع إلى ما بين 25 و50 ميغاواط للمشاريع والشركات. وأهمية هذا القانون تكمن في السماح للأفراد سواء كانوا مستثمرين أو مغتربين أو أصحاب مصانع، بتوليد 1.5 ميغاواط، على الطاقة الشمسية. ما يعني أنّ كل 300 صناعي او مستثمر كبير يستطيعون إنتاج كمية طاقة أكبر من التي ينتجها دير عمار والبواخر معاً، بكلفة إنتاج لا تتخطى الـ7 سنتات/ كيلوواط، مقارنة بالطاقة العادية التي تكلف 15 سنتاً/كيلوواط بالاضافة الى كلفة ارسال الديزيل بالصهاريج. وبذلك نكون قد أعفينا أنفسنا من مشكلة تأمين الديزيل أويل والفيول والبواخر، لا سيما وأنّ لبنان يمرّ بأزمة اقتصادية حادة، أدّت إلى ارتفاع أسعار المحروقات. ونكون بذلك قد أمنا الطاقة الكهربائية بنصف الكلفة، كما أنّ نظام كهرباء لبنان يسمح لأصحاب هذا الانتاج ببيع فائض انتاجهم لشركة كهرباء لبنان".

القوانين تشجع على التوجه إلى استخدام الطاقة المتجددة

ويلفت بيضون إلى أنّ "ورقة سياسة قطاع الكهرباء أو ما عرف بخطة 2010، تضمنت محاور واتجاهات نحو تشجيع وتعزيز إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، (الريح والشمس والماء). فخطط وزارة الطاقة لحظت رفع الإنتاج من الطاقة المتجددة إلى 12 في المئة لغاية 2020 و30 في المئة لغاية 2030. كما وقّع لبنان في إطار استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء اتفاقية مع منظمة IRENA الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بين عامي 2015 و2016".

العناصر والنص القانوني موجودان فما الذي يؤخر التطبيق؟


في الاجابة على هذا السؤال يقول بيضون: "يشترط تطبيق القانون إنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء. لكن مع الأسف فان عدم موافقة وزراء الطاقة السابقون باقرار الهيئة الناظمة، علّق تطبيق هذا القانون. ولعل سبب عدم اقرار الهيئة، بحسب بيضون يعود الى "عدم رغبة الوزراء بأن تكون للهيئة صلاحيات، تحد من قدرتهم على انتقاء المستثمرين وفق مصالحهم الخاصة".

هل من بديل للهيئة الناظمة؟

يقول بيضون: "في عام 2014، صدر قانون يحمل الرقم 288، والذي يعطي على مدى سنتين، الحق لمجلس الوزراء الى منح التراخيص والإمتيازات للشركات العاملة في قطاع الكهرباء، إلا أنّ مجلس الوزراء لم يستفد من هذه الفرصة. من بعدها صدر في عام 2015، قانون رقم 54، الذي يجدد على مدى 3 سنوات، الحق لمجلس الوزراء الى منح التراخيص والامتيازات للشركات العاملة في قطاع الكهرباء، بالرغم من ان صلاحيته بموجب القانون رقم 288 لم تنته بعد، ولم يتحركّ أحد في هذا الاطار. وفي الـ2019، أيضاً، وبعد عام على انتهاء صلاحية القانون رقم 54، أي بعد فراغ قانوني لفترة سنة، صدر قانون رقم 129، الذي أعطى الحق لمجلس الوزراء الى منح التراخيص والامتيازات للشركات لمدة 3 سنوات أو إلى حين تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع، المسؤولة عن تنظيم وإدارة هذا القطاع لاحقاً. العمل بموجب هذا القانون ينتهي في 30 نيسان 2022، أي لا تزال هناك فرصة أمام لبنان للاستفادة من هذا المرسوم".

فلنعطِ دوراً للبلديات

ومن نظرة أخرى يقترح بيضون أن "يعطي مجلس الوزراء الأذونات إلى البلديات واتحادات البلديات بانتاج الكهرباء، خصوصاً في المناطق النامية كالبقاع وعكار والتي تتمتع بمساحات شاسعة من الأراضي التي يمكن استثمارها في مشاريع الطاقة المتجددة"، كما يقترح "توقيف دعم المحروقات من أموال المودعين والإستثمار في الطاقة البديلة على أن تتم اعادة الأموال إلى المودعين من أرباح الإستثمار".

في المحصّلة، تسعى معظم الدول حول العالم اليوم إلى التوجه نحو الطاقة المتجددة لخلق فرص اقتصادية جديدة وتوفير سبل الحصول على الطاقة لسكانها، لا سيما الذين ما زالوا يعيشون من دون خدمات الطاقة كالشعب اللبناني. وعلى الرغم من توفر الحلول إلا أنه وكحال جميع القضايا في لبنان، المسألة تتطلب إرادة سياسية لتطبيقها. ولم العجلة؟ فالبلد بألف خير!


MISS 3