جاد حداد

النشاطات الموسيقية مفيدة للقدرات الذهنية والذاكرة

29 أيار 2021

02 : 00

كشفت أبحاث سابقة أن الموسيقى بشكل عام قد تُحسّن نوعية حياة كبار السن المصابين بالخرف. لكن تحاول دراسة جديدة رصد منافع النشاطات الموسيقية الحيوية مقارنةً بالمشاركة الجامدة، أي الاكتفاء بسماع الموسيقى. كان البحث عبارة عن تحليل تجميعي مؤلف من 21 دراسة سابقة شارك فيها 1472 فرداً.

تكشف الدراسة الجديدة أن النشاطات الموسيقية تعطي أثراً إيجابياً بسيطاً لكن مؤثراً في حياة المصابين بالاختلال المعرفي المعتدل أو الخرف.

إستنتج الباحثون أيضاً أن الموسيقى تحسّن نوعية حياة هذه الفئة من الناس ومزاجهم. تَصِف الدراسة الاختلال المعرفي المعتدل باعتباره "حالة تتراوح بين الشيخوخة المعرفية الطبيعية ومرض الزهايمر"، وهو يصيب 15% من كبار السن غير المصابين بالزهايمر. لكن يصاب 38% من هذه المجموعة بالمرض في نهاية المطاف.

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، جيني دوريس، من جامعة "بيتسبرغ": "إنها نتائج حماسية لأن المشاركة في النشاطات الموسيقية، مثل الغناء في جوقة أو العزف على الطبول جماعياً، هي طريقة آمنة وممتعة لدعم القدرات المعرفية في مرحلة حساسة من حياة كبار السن المصابين بتراجع معرفي".

نُشرت نتائج البحث في "مجلة الجمعية الأميركيـــــــة لطب الشيخوخة".

توحيد المعايير ضروري

يُعتبر هذا التحليل التجميعي صعباً نظراً إلى غياب المعايير الموحدة في الأبحاث السابقة. تذكر الدراسة الأخيرة أن أشكال النشاطات الموسيقية اختلفت بدرجة كبيرة، فقدّمها معالجون بالموسيقى أو خبراء بالعلاج الوظيفي أو موسيقيون محترفون على شكل مجموعة من التجارب والمهارات الموسيقية.

كذلك، كانت النشاطات بحد ذاتها متنوعة. شملت 17 دراسة مثلاً الغناء أو عزف ألحان معروفة، وارتكزت عشر دراسات أخرى على الارتجال الموسيقي، ووثقت ست دراسات الحركة أو الرقص أو الاثنين معاً. على صعيد آخر، استعملت الدراسات أدوات مختلفة لتقييم مستوى الإدراك والمزاج ونوعية الحياة والقلق.

لكن هل رصد هذا التحليل اختلافاً في المنافع التي يحصدها الناس من مختلف أشكال المشاركة الموسيقية الناشطة؟

تجيب دوريس: "بناءً على هذا البحث، اكتشفنا أن المشاركة في النشاطات الموسيقية الحيوية، بغض النظر عن نوعها، تنعكس إيجاباً على التفكير العام وأداء الذاكرة. من المفيد أن تتابع الأبحاث المستقبلية استعمال نظام التصنيف لرصد أي منافع معرفية مشتقة من نشاطات، مثل الغناء أو العزف على آلات موسيقية ولتحديد طريقة تأثير تلك المنافع على المصابين بالخرف".

نتائج البحث

لتقييم أثر الموسيقى على الوظيفة المعرفية في الدراسة الجديدة، ركّز الباحثون على تسع دراسات شملت 495 مشاركاً، واكتشفوا أن النشاطات الموسيقية الحيوية أنتجت أثراً إيجابياً بسيطاً لكن مفيداً على مستوى الوظيفة المعرفية. في ما يخص أثر الموسيقى على الراحة العاطفية، كانت النتائج أكثر غموضاً. رصدت أربع دراسات من أصل ست أثراً إيجابياً. اختلف مستوى تلك الآثار بين الدراسات، لكن يستنتج البحث عموماً أن المنافع لا تفوق إيجابيات التمارين الجسدية مع أن هذين النشاطين قد لا يكونان متزامنَين دوماً. اكتشفت إحدى الدراسات أن سماع الموسيقى كان مفيداً أكثر من الغناء.

كانت نتائج التحليل الذي شمل ست دراسات وارتبط بمنافع الموسيقى لدى المصابين بالاكتئاب واعدة لكن غير مؤكدة. كذلك، لم تتوصل خمس دراسات لقياس مستوى القلق إلى نتائج واضحة.

في المرحلة المقبلة، يدعو المشرفون على الدراسة إلى إجراء أبحاث إضافية استناداً إلى توجيهات نموذجية حول التدخلات المبنية على الموسيقى، كتلك التي ابتكرتها الدكتورة شيري روب من جامعة "إنديانا" في "إنديانابوليس". سبق وبدأت هذه النزعة تنتشر في عالم الأبحاث. قد يسمح توحيد المعايير على نطاق أوسع للباحثين بتحسين طريقة فهم تأثير مختلف النشاطات الموسيقية على القدرات المعرفية. تضيف دوريس: "قد تشمل إعادة ابتكار الموسيقى عناصر ارتجالية مثلاً، وقد يتخذ الارتجال أشكالاً عدة بناءً على مستوى المهارات. يجب أن نوثّق، نحن الباحثون، النشاطات بتفاصيل وافية كي نتمكن من فهم أي اختلافات محتملة في منافع تلك النشاطات لدى كبار السن المصابين بالخرف".

أخيراً، تذكر الدراسة أن الخرف يزداد شيوعاً بين الناس، لذا بات تصميم مقاربات آمنة ومقبولة الكلفة ضرورياً لتحسين الوظيفة المعرفية والصحة عموماً لدى المصابين بهذه الحالة.

في النهاية، يكتب الباحثون في تقريرهم: "من خلال تطوير مقاربات إضافية مبنية على هذه النشاطات وتوفير هذه البرامج على نطاق واسع، قد يحصل ملايين الناس على دعم هائل لصحتهم المعرفية والعاطفية والاجتماعية".


MISS 3