جاد حداد

حارب الالتهاب المزمن وارتفاع الكولسترول لحماية قلبك

5 حزيران 2021

02 : 00

من المعروف أن ارتفاع معدل الكولسترول ينعكس سلباً على صحة القلب، وقد يؤدي تراكم الكولسترول السيئ في الدم إلى نشوء رواسب دهنية في الشرايين وتَشكّل صفائح متصلّبة أو التعرّض لنوبات قلبية أو جلطات دماغية.

لكنّ الكولسترول السيئ لا يعطي هذا المفعول وحده. بل إن الالتهاب المزمن، أي تنشيط جهاز المناعة بشكلٍ دائم، قد يزيد مخاطر النوبات القلبية والجلطات الدماغية. لهذا السبب، يجب أن تعالج ارتفاع معدل الكولسترول السيئ والالتهاب المزمن في آن لحماية صحتك.

دفاعات مزدوجة

تتعدد المقاربات التي تحارب ارتفاع مستوى الكولسترول السيئ والالتهاب المزمن في الوقت نفسه:

إختر حمية غذائية صحية: قد تؤدي المأكولات التي تختارها إلى زيادة الالتهاب المزمن ورفع مستويات الكولسترول السيئ. تتعدد الأنواع المسيئة، منها الدهون المشبعة (كتلك الموجودة في اللحوم الحمراء، أو المأكولات المقلية في دهون حيوانية، أو الأجبان)، والمأكولات والمشروبات السكرية (مشروبات غازية ومخبوزات)، والأغذية المُصنّعة (ناغتس الدجاج، أو الوجبات المجمدة، أو الهوت دوغ).

تشمل الحمية المفيدة للقلب والمضادة للالتهاب، مثل الحمية المتوسطية، كمية كبيرة من الخضار، والفاكهة، والبقوليات، والحبوب الكاملة، والمكسرات، والبذور، والبروتينات غير الدهنية (أسماك، دواجن)، ومشتقات الحليب قليلة الدسم، وزيت الزيتون.

يقول بيتر ليبي، طبيب قلب في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "لا تضمن مغذيات معينة هذه المنافع، بل يتعلق أهم عامل بالالتزام بنمط غذائي يحتوي على خضروات ورقية طازجة وغنية بمضادات الأكسدة، وألياف تسهم في تخفيض مستوى الكولسترول، وزيت الزيتون الذي يحارب الأكسدة ويُخفف حدة الالتهابات ويُضعِف احتمال الإصابة بأمراض القلــب والأوعية الدموية".

تحكّم بوزنك: يؤدي الوزن الزائد إلى زيادة مخاطر ارتفاع مستوى الكولسترول السيئ، والنوبات القلبية، والجلطات الدماغية. يتعلق أحد الأسباب بتعاون النسيج الدهني مع الخلايا التي تُسبب التهاباً مزمناً. ثمة أدلة مثبتة على مساوئ البدانة في منطقة البطن وتداعياتها على صحة القلب.

للسيطرة على وزن الجسم، يوصي الخبراء بتقييم كمية المأكولات المستهلكة، إلى جانب نوعية الأغذية، وتخفيف حجم الحصص عند الحاجة. قد تتحسن صحة القلب حتى لو اقتصر تراجع الوزن على 5%.

كثّف نشاطاتك الجسدية: تترافق قلة الحركة مع مخاطر متعددة، منها ارتفاع مستويات الالتهاب المزمن مقابل تراجع معدل الكولسترول الجيد الذي يسهم في إزالة الكولسترول السيئ من الشرايين. تبرز هذه المخاطر أيضاً حتى لو كان وزنك صحياً.

في المقابل، تسهم النشاطات الجسدية في تراجع مستوى الكولسترول السيئ، وتخفيض ضغط الدم، وتخفيف الضغط النفسي ووزن الجسم، وتحسين مستويات الشحوم الثلاثية ووظيفة الأوعية الدموية وطريقة الجسم في استعمال الأنسولين الذي ينقل سكر الدم إلى الخلايا.

كذلك، قد يؤثر النشاط الجسدي على وظيفة خلايا الدم البيضاء. يقول ليبي: "إذا أخذنا مجموعة فئران وجعلناها تتدرب في المختبر، قد يتراجع فرط إنتاج الخلايا الالتهابية في النخاع العظمي تزامناً مع متابعة جهود محاربة الالتهابات". في ما يخص مدة التمارين الرياضية المناسبة، يكفي أن تبدأ بتكثيف نشاطاتك بكل بساطة. هل تستطيع مثلاً زيادة وتيرة المشي من مرة في الأسبوع إلى مرتَين أسبوعياً؟ قد تلاحظ فرقاً واضحاً على مستوى صحة القلب والأوعية الدموية عبر إحداث هذا النوع من التعديلات التدريجية.

عالج مشاكل النوم والضغط النفسي: قد يؤدي النوم المتقطع وارتفاع مستويات الضغط النفسي إلى ظهور مشاكل مثل البدانة وقلة الحركة الجسدية وسوء الخيارات الغذائية، ما يُمهّد لارتفاع مستويات الكولسترول السيئ. حتى أن تدهور النوم والضغط النفسي قد يرسلان مؤشرات إلى النخاع العظمي لزيادة إنتاج خلايا الدم البيضاء، ما يؤدي إلى نشوء التهاب مزمن.

من الضروري إذاً أن تُخفف ضغطك النفسي (عبر ممارسة اليوغا أو التأمل مثلاً) حفاظاً على صحة قلبك. ولا تتردد في استشارة طبيبك عند الاشتباه بإصابتك بانقطاع التنفس أثناء النوم أو أي نوع آخر من مشاكل النوم.

عملية تراكمية

حين تُضِرّ رواسب الكولسترول بجدران الشرايين، يرسل جهاز المناعة سيلاً من خلايا الدم البيضاء وخلايا التهابية أخرى في محاولة عقيمة منه للتخلص من تلك الرواسب. سرعان ما ينشأ غطاء ليفي، ما يسمح للصفائح بالتوسّع. تكون هذه الاستجابة الالتهابية المزمنة بطيئة وتتطور على مر أشهر أو سنوات أو حتى عقود.

حين لا يعود تعديل أسلوب الحياة كافياً...يستطيع عدد من الأدوية أن يعالج ارتفاع مستوى الكولسترول السيئ والالتهاب المزمن. تُعتبر أدوية الستاتين أول خط دفاعي كونها تُخفّض مخاطر النوبات القلبية والجلطات الدماغية. تكون قدرة الستاتين على تخفيض الكولسترول السيئ وتخفيف الالتهابات مهمة بالقدر نفسه لتخفيض مخاطر النوبات القلبية والجلطات الدماغية. ويعرف العلماء الآن أن جزءاً من الأدوية التي تعالج الالتهاب وحده قد يسهم في تخفيض مخاطر النوبات القلبية أيضاً.