جان الفغالي

المُدهِش ... ان يُدهشكُم كلام السيِّد

12 حزيران 2021

09 : 00

ما الجديد في ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، والذي جعل البعض في حالٍ من الدهشة ؟

وباللغة الصحافية ، اين الخبر الجديد في ما قاله ؟

السيِّد نصرالله ، وبأسلوب مفعَم بالإعتداد بالنفس وبفائض القوة، يقول: "إننا كحزب الله سنتفاوض مع الحكومة الايرانية ونشتري بواخر بنزين من ايران الى ميناء بيروت ولتمنع الدولة اللبنانية ادخال البنزين والمازوت الى الشعب اللبناني".

ما قاله السيد نصرالله يأتي في السياق ذاته الذي درج عليه، على الاقل منذ العام 2006 مروراً بالعام 2011 وصولًا إلى اليوم.

السيد نصرالله دخل في حرب تموز 2006 من دون عِلمِ الدولة اللبنانية، علمًا انه كان طمأن على طاولة الحوار ان الصيف سيكون واعداً "وروحوا صيفوا".

السيد نصرالله تدخّل في الحرب في سوريا، من دون موافقة الدولة اللبنانية.

السيد نصرالله تدخَّل في الحرب في اليمن ، من دون موافقة الدولة اللبنانية.

حين طُرِحَت قضية نشر قوات دولية على الحدود بين لبنان وسوريا، اعتبر السيد نصرالله ان هذا الطرح "مؤامرة على المقاومة".

السيد نصرالله يقول إن صواريخ حزب الله من إيران، واموال حزب الله من إيران، "ونحنُ نُدخِل دولارات إلى البلد ولا نُخرِج دولارات من البلد".

كل ما سَبَق، وهو جزءٌ يسير من أداء حزب الله ، لم يُدهِش المراقبين، بل أدهشهم التلويح بشراء بواخر بنزين من إيران؟

فإما ان المراقبين أفاقوا الآن على ما يقوم به حزب الله، وهذه مصيبة، وإما انهم اعتبروا ان التلويح بشراء بواخر بنزين خرق لسلطة الدولة، والمصيبة اعظم.

حزبُ الله لم يغش احداً ، قال ما سيفعله، لكن الآخرين غشُّوا انفسهم لأنهم لم يصدِّقوا ان تهويله غالبًا ما يحوِّله إلى واقع .

ولِمَ لا يفعل؟ اليس هو السلطة الحقيقية الأفعل على الارض؟

أليست أجندته هي التي تمشي؟ فلِمَ الدهشة؟

إنها "سياسة الإنكار" التي يمارسها بعض الساسة اللبنانيين بهدف تبرير عجزهم او تغطية سياسة اللاقرار التي لا تكلِّفهم شيئًا لكنها تكلِّف الشعب اللبناني أغلى الأثمان .

كيف يُصاب البعض بالذهول من كلام نصرالله ولا يمسُّه الذهول من تبرير الشيخ صادق النابلسي عمليات تهريب المحروقات عبر الحدود بين لبنان وسوريا على أنها حاجة الشعبين لكسر القوانين لتأمين حاجتهم الإجتماعية وأن "التهريب جزء من عمليات المقاومة"؟

وكان حزب الله يقول للمندهشين: "تعجبون من قوتي، ضعفي هو العجبُ".

حزب الله يجد نفسه وسط المعادلة الإقليمية، واحيانًا الدولية، فهو معني بما جرى ويجري في غزة، ومعني بمحادثات فيينا، بالإضافة طبعاً لمآل الأوضاع في سوريا وفي اليمن ، فمَن يشرب بحر كل هذه الملفات، هل "يغص" بباخرة بنزين؟

ربما على حزب الله ان يراجع حساباته، لأن فائض القوة، وما يرافقه من اعتداد بالنفس، لا يدوم، ولكن من باب أوْلى ان تعيد السلطة اللبنانية حساباتها إذا ارادت ان تبقى ... سلطة.


MISS 3