محمد دهشة

تلويح جدّي بخطوات تصعيدية لاحقة قد تصل إلى العصيان المدني

إضراب صيدا: تحالف بين "أمل" و"المستقبل"... ورسالة إلى باسيل لوقف التعطيل

18 حزيران 2021

02 : 00

اعتصام اتحاد نقابات عمال الجنوب في صيدا

لم يقنع الاضراب العام الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام للمطالبة بالعيش الكريم وزيادة الحدّ الادنى للأجور وتشكيل حكومة انقاذ وطني، الكثير من أبناء مدينة صيدا وخاصة الطبقة العاملة، حيث بدا أقرب الى تحالف ميداني بين حركة "أمل" وتيار "المستقبل"، بعدما غاب عن المشاركة فيه ممثلو قوى معارضة أبرزها "التنظيم الشعبي" و"الجماعة الاسلامية" ومجموعات الحراك الاحتجاجي وغيرهم، بالرغم من تأييد المطالب. وجاءت المشاركة رمزية اكثر منها فعلية، وبرز فيها حضور ممثلي الاتحاد والنقابات والجمعيات وقلة من العمال. وقرأت أوساط صيداوية عبر "نداء الوطن" الاضراب بأنه رسالة تحذيرية عمالية – سياسية موجهة الى "التيار الوطني الحر" ورئيسه النائب جبران باسيل، بضرورة التنازل عن شروطه ووقف التعطيل فوراً في تشكيل حكومة انقاذ وطني لوقف الانهيارات المتتالية والضائقة المعيشية، وسط تلويح جدّي بخطوات تصعيدية لاحقة قد تصل الى العصيان المدني في المدى القريب، مع التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر عام عمالي – نقابي – اقتصادي واتخاذ قرارات متدحرجة للضغط باتجاه تحقيق المطالب. وعبّر عن الموقف بوضوح نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، الذي أكد خلال مشاركته في الاعتصام الذي نظمه اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الجنوب في ساحة نقابة الصيادين في صيدا القديمة "أن الاتحاد العمالي العام يريد تشكيل حكومة انقاذ وطني فوراً وهذا مطلب كل اللبنانيين الشرفاء، ويعتبر ان كل من يعرقل هذا التشكيل بمثابة الخائن لشعبه ووطنه، ولن يرحمه لا التاريخ ولا الشعب الذي يعاني الفقر والعوز"، داعياً الى "رفع الصوت عالياً ومدوياً في آذان الظالمين والمسوّفين، انهوا مناكفاتكم السخيفة وتعالوا الى مشروع وطني جامع، يلمّ الجميع ويرأب الصدع ويكفكف الدموع".

تناغماً، أكد رئيس اتحاد الجنوب عبد اللطيف الترياقي "اننا جبهة واحدة، نرفض الاذلال والجوع ولا يجوز السكوت مطلقاً، اليوم لم نعد مهدّدين بالامن الغذائي فقط بل بالامن الصحي، وسنبقى نتحرك من اجل مطالبنا المحقة، وهذه حلقة من سلسلة تحركات وسيليها عقد مؤتمر عام نقابي وعمالي واقتصادي، وعلى ضوء قراراته ستكون خطتنا المتدحرجة، ونتمنّى على المسؤولين الا يدفعونا الى ما لا نريد، الآن نرفع الصوت ولا نريد ان نرفع القبضات ولا ان نكون اداة تعطيل او تخريب ولكن الجوع كافر، نطالب بتشكيل حكومة اختصاصيين مهمّتها انقاذ البلاد من الانهيار وتلجم التدهور، وفي نفس الوقت لسنا لعبة في يدي من لديهم طموحات، ونحن لا نسعى الى السلطة بل الى حياة كريمة".

وشدد رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف على التضامن "لأن معاناتنا واحدة بين رب العمل والعامل والاجير، ولاننا نعيش الوجع نفسه"، قائلاً "اننا نضمّ اصواتنا الى اصواتكم ونتضامن مع انفسنا، ومع كل مواطن موجوع، ان ما نشهده اليوم هو ضرب لأسس الاقتصاد الوطني ولدور لبنان في المنطقة وصورته في العالم، وهو مصادرة لحق المواطن بالعيش الكريم وبالحصول على الخدمات الاساسية، ودفع له الى الفقر والعوز وزيادة نسبة البطالة".

بالمقابل، بدا السوق التجاري شبه خال والحركة فيه خفيفة على غير العادة، بعدما فضّل الكثير من الصيداويين وابناء القرى المجاورة ملازمة منازلهم نتيجة ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوف من توترات متنقّلة وقطع الطرقات، فيما فضّل بعض التجار واصحاب المحال مواصلة العمل كالمعتاد من دون التوقف عن العمل لمدّة ساعة واحدة، على قاعدة "نؤيد الاضراب ولكن لم نعد قادرين على اقفال محلاتنا ولو ساعة، لاننا نريد دفع أجور العمال وتأمين مصروفنا، لقد وصلنا الى مرحلة الاحتضار، وعلينا ان نعمل على مدار الساعة كي نستعيد عافيتنا اذا استطعنا اليها سبيلاً".

وفيما كان الاتحاد ينظّم اعتصاماً، كانت مطارق العمال في المدينة الصناعية تواصل هديرها سعياً وراء قوت اليوم، وتساءل العامل حسن دالي بلطة عبر "نداء الوطن": "لماذا الاضراب، وماذا سيحقّق وضدّ من، طالما السلطة في واد والناس والعمال في واد آخر لن يتغير شيء"، بينما قال بائع الخبز علي، وهو يقود دراجته الهوائية "لقد سئمنا من الخطابات والشعارات، نريد التغيير والاصلاح الحقيقي الذي يعيد الاعتبار للطبقة العاملة لا يأكل اجورها ويدفعها نحو الجوع والموت".

واللافت في الاضراب ان بعض القطاعات وجدت فيه فرصة ذهبية لتفادي المواجهة اليومية، اقفلت المصارف ابوابها كما غالبية محطات الوقود، بينما امتنع موظفو وعمال "اوجيرو" عن الحضور إلى مراكز عملهم، واجمع موظفو سرايا صيدا الحكومية على الإضراب استكمالاً لتحركات رابطة موظفي القطاع العام المستمرة منذ اسابيع، وشهدت مكاتب وحدات الإدارات العامة العاملة في محافظة الجنوب اقفال بوابات مداخلها الرئيسية.