محمد دهشة

تناغُم سياسي صيداوي يدعم الغضب الشعبي: إطارات مشتعلة وطرقات مقفلة

26 حزيران 2021

02 : 00

غضب شعبي في صيدا

لم يهدأ الغضب الشعبي في صيدا منذ ايام، إحتجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية والخدماتية والارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الاميركي، بلغت المعاناة مداها مع توالي الازمات "المتحوّرة"، التي تزيد من فقر الناس وجوعهم ووقوفهم في طوابير الاذلال، وليس آخرها على محطات الوقود، وقبلها البحث في الصيدليات عن الادوية المفقودة وعلى ابواب الافران والسوبرماركات.

في خضم الاحتجاج، رصدت "نداء الوطن" ثلاثة تطورات: الأول، تناغم سياسي الى حد ّالتوافق على ان يأخذ الحراك الشعبي مداه للتعبير عن الغضب والاستياء مما وصلت اليه الاوضاع المعيشية، معطوفة على مسؤولية الدولة في تأمين ابسط حقوق المدينة من كهرباء وبنزين ومازوت في ظل الازمات الخانقة والمحاصصة في بعضها.

وقالت النائبة بهية الحريري: "من حق الناس ان يعبروا عن وجعهم لأنهم لم يعد بامكانهم ان يتحمّلوا كل هذه الأزمات، ومن حقّهم على دولتهم ان يقوم المسؤولون بواجباتهم تجاههم... وما يهمنا هو حفظ كرامة الناس وحقهم في تأمين مقومات الحياة والحصول على الخدمات الأساسية". مضيفة "ان تفاقم الأزمات الحياتية الراهنة لا يحتمل ترف الانتظار، لذا علينا ان نفكر دائماً بما بين ايدينا وان نتقدّم فيه ونطوره ونخفّف قدر الامكان من تداعيات ومخاطر الأزمات على الناس ولا بديل ولا خيار عن ان تقوم الدولة بواجباتها".

بينما حمّل الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد "السلطة السياسية بكل أطرافها المسؤولية عن تفشي الفوضى وما ينتج عنها من مخاطر وخسائر وضحايا"، معتبراً "أن قوى التغيير فيها تنوع كبير والقوى التي انبثقت من 17 تشرين بدأت بتشكيل أطر سياسية وهذا تطور ايجابي بالحياة السياسية، ولكن يجب ان تصل هذه القوى الى شرعية دستورية. والمطلوب تعديل موازين القوى وفرض مسار التغيير عبر برنامج وطني نضالي مشترك، وعبر الانتقال السلمي والآمن والوطني من واقع مأزوم الى واقع جديد".

التطور الثاني: توسع رقعة الحراك الاحتجاجي ليشمل مناطق جديدة، اذ لم يعد يقتصر على وقفات احتجاجية في ساحتي الثورة عند تقاطع "ايليا" ومستديرة الشهداء، بل بدأ يتمدّد الى الاحياء الشعبية والسكنية والشوارع الرئيسية، وصولاً الى تعمير عين الحلوة ومستديرة "الفرن العربي" قرب سراي صيدا الحكومي وهي المرة الاولى منذ بدء انتفاضة 17 تشرين الاول.

والتطور الثالث: الاعتماد على اسلوب الكرّ والفرّ من جهة من دون التصادم مع الجيش، وان كان الامر لا يخلو بين الحين والآخر من شد حبال وجدال ويركز على اقفال الطرقات بالاطارات المشتعلة وحاويات النفايات والاحجار والاغصان، بعدما كانت تقفل بالسيارات والاجساد، وخاصة قرب محلات الصيرفة في شارع رياض الصلح الرئيسي، وقرب شركة كهرباء لبنان في شارع حسام الدين الحريري، وفي نقاط مهمة مثل ساحة "النجمة" و"البوابة الفوقا" وسواهما، مقابل قرار حاسم من الجيش بعدم اقفال الطرقات بالكامل، حيث يعمل فوراً على اعادة فتحها من دون التصادم مع المحتجّين.

جمعة الغضب

ميدانياً، شهدت صيدا يوماً للغضب الشعبي، حيث قام محتجّون بإقفال الطريق عند مستديرة الفرن العربي قرب سراي صيدا الحكومي وسط انتشار للجيش اللبناني الذي اعاد فتحها على الفور من دون السماح بإقفالها كاملة ثم اكملوا بمسيرة نحو ساحة الشهداء، وسط صيحات الغضب والتنديد.

وقال الشيخ ابو العردات الذي شارك بالمسيرة لـ"نداء الوطن": "الناس جاعت ولم يعد لديها ما يكفي من مال لتأكل وتشرب، وكل شيء مفقود، لا كهرباء ولا دواء ولا "بنزين" ولا مازوت ولا حتى ماء، والطبقة السياسية تختلف حول الحصص وتوزيع الحقائب وعدد الوزراء بينما الناس تريد ان تعيش بكرامة ومستورة بعيداً من ذلّ السؤال، يجب تشكيل حكومة انقاذ اليوم قبل الغد لوقف الانهيار وهجرة العائلات، وخاصة الشباب والاطباء والممرضين، لقد دمروا البلد ولا يحرّكون ساكناً".

وقال الشاب احمد وهو يشعل دولاباً وسط مستديرة الفرن العربي: "لقد سئمنا الوعود الكاذبة، كل يوم تتراجع الليرة اللبنانية امام الدولار وترتفع الاسعار ونزداد فقراً وجوعاً، على المسؤولين ان يسارعوا الى معالجة الانهيار المالي والاقتصادي قبل فوات الاوان".

ودعا الناشط محمد أبناء المدينة للنزول الى الشارع "لان زمن الصمت يجب ان يذهب بلا رجعة"، قائلاً: "نريد ان نعيش بكرامة بعيداً من طوابير الاذلال في حياتنا اليومية".


MISS 3